24-10-2015 12:31 PM
بقلم : الدكتور محمد علي صالح الرحاحله
في كل عام في 19 تشرين الاول يحتفل العالم بيوم الغذاء العالمي وهونفس الوقت نفسه يوم انشاء منظمة الزراعة والاغذية للامم المتحدة التي كانت اول منظمة انشاتها الامم المتحدة بعد ويلات الحرب العالمية الثانية، وهذا بحد ذاته يدلل على اهمية الزراعة والغذاء بالنسبة للانسان. فناهيك عن ان الزراعة تطعمك ثلاث وجبات يوميا فقد جعل الله سبحانه وتعالي توفر الغذاء الذي تجود به الارض سببا من احد سببين لعبادة الله حيث قال سبحانه وتعالى في مجكم كتابه العزيز (ايلاف قريش ايلافهم رحلة الشتاء والصيف فيعبدوا رب هذا البيت الذي اطعمهك من جوع وامنهم من خوف) صدق الله العظيم فتوفر نعمة الامن الغذائي والامن الوطني لوحدهما توجب عبادة الخالق عز وجل وفي نفس السياق فان عدم توفرهما نقمة من الله وعذابا من الله يحل بالامم التي تكفر وتبتعد عن طريق الصواب. وبذلك فقد قدم نعمة الاطعام على نعمة الامن لانها تعني الحياة واستمرار البشرية.
ان الاحتفال بيوم الغذاء العالمي يتزامن مع الذكرى السبعين لتاسيس منظمة الزراعة والاغذية للامم المتحدة اجل سبعون عاما من العمل من اجل الزراعة والمزارعين في كافة انحاء العالم وفي هذه المناسبة يحب علينا ان نستذكر نشاطات هذه المنظمة في خدمة الزراعة الأردنية على مر سنوات عملها خصوصا في العقدين الماضيين الذي زاد وتوسع نشاط هذه المنظمة بعد فتح مكتب لها في عمان وذلك بنشاط وتفاني العاملين في هذا المكتب وبهذه المناسبة نتقدم الى المنظمة والعاملين في مكتبها بعمان بايات التهنئية بهذه المناسبة.
فالزراعة هي الامن الغذائي بمفهموة الواسع ومفهومة الضيق، فسواء اكان الغذاء منتجا محليا اومستوردا فان اصله من الارض اي من الزراعة، الزراعة التي تنتج الغذاء والدواء والملبس والمسكن والدفئ والوقود وغيرها الشي الكثير من سبل الحياة واساسياتها. فالزراعة توفر وسائل العيش واستدامة الحياة على وجة البشرية فقد يستغي الانسان عن السيارة والتلفون والموبايل والقصور فقد يبيع هذا كله في سبيل توفير الغذاء الذي يسمى بلقمة العيش وهذه التسمية ليست ولم تاتي من الفراغ. فالزراعة هوالقطاع الاولى لكل القطاعات بدونة لا تكون حياة ولا صناعة ولا تجارة ولا اي خدمات.
انني بالفكرة الاخيرة لا ادلل على اهمية الزراعة التي هي عشقي الاول وطفولتي وطفولة الكثير من اجيالي وسبب وصولنا الى ما نحن عليه من علم وحياة وتقدم وازدهار على مستوى الافراد والجماعات والدول والكيانات والتي هي القطاع الذي يستمر حتى لوتوقفت كافة القطاعات، ولا لانه بتوقفها تتوقف الحياة، و لا لانها تتقدم على القيام يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل))، ولا لانها حياة بحد ذاتها لانها تتعامل مع احياء وكائنات حية اوانها مؤال لحياة الكثير من البشر، بل لانها الاستمرار ما بين الدنيا والاخرة ولانها اساس الحياة واساس ازدهار الشعوب فحميع الشعوب التي كبرت وازدهرت اعتمدت على الزراعة كاساس لهذا الازدهار والتقدم.
واننا في الأردن وفي وقت تتعالى فيه الاصوات لتخلى عن الزراعة واعتبارها قطاعا ثانويا وليس له اهمية وفي الوقت الذي يخرج اصوات قائلة بان الزراعة لا تسهم في الناتج المحلي الا بالقليل، هذه الاصوات التي لم تكلف نفسها الاطلاع على نظريات التنمية ولا على مبادئ العلوم الاقتصادية التي تؤكد على اهمية الزراعة وان ظاهرة انخفاض المساهمة في الناتج المحلي هي ظاهرة اقتصادية سليمة وصحية ولا غبار عليها خصوصا اذا ما اقترنت بنسبة قليلة من العاملين في القطاع الامر الذي يدلل على كفاءة القطاع الزراعي وان نسبة قليلة لا تتجاوز 4%) من العاملين بالزراعة يطعمون كافة افراد المجتمع لا بل انهم يعيلونهم على الاستمرار في الحياة وعلى ان يكون على قيد الحياة، كما ان ذلك يؤكد على كفاءة الزراعة حيث ان هذه النسبة من العاملين تنتج تقريبا نفس النسبة من الناتح المحلي بينما نجد ان هذه النسبة لا تنج نصف الانتاج في القطاع الزراعي، يجب علينا ايلاء القطاع الزراعي الاهمية التي يستحق، وجعل القطاع في قمة اولويات الدولة الأردنية من حيث توفير كافة الوسائل المادية وغير المادية لبقاء ونموالقطاع ورفع سوية العاملين فيه. اقول لهؤلاء لن تكون هنالك سياحة ولا صناعة ولا حياة بدون الزراعة.
اقول لهم ان الانتماء للوطن لن يكون من خلال المواقع الالكترونية و (الهاش تاق) بل من خلال وبمقدار ما تتعفر الايدي والاجسام بتراب الارض وتتلطخ بطين الارض وتغتسل الاجسام بغبار الارض وتتمنى الجلوس تحت شجيرة صغيرة زرعتها الطبيعة في يوم صيفي حار لاهاب.
ان اعطاء الاولوية والاهمية للقطاع الزراعي يجب ان يتزامن مع ان تقوم على خدمة القطاع الزراعي مؤسسات لا يكون فيها ترهل ولا ان تكون غائبه عن الساحة الزراعة تعمل من ابراج عاجية ومن قاعات الفنادق الفخمة في عمان منظرة وترمي الافكار والعبارات المنمقة من تلك الاماكن بل مؤسسات بحثية وتمويلية وخدمية ينبع نشاطها وانشطتها ومشاريعها وبرامجها من المزراعيين اينما كانوا واينما زرعوا وان تكون احتياجاتهم وحاجاتهم هي المسير والهدف لهذه المؤسسات، وان لا تكون هذه المؤسسات مؤسسات ماو للكسالي وغير المؤهلين وذوى الربطات والياقات البيضاء اللذين لا يعرفون عن الزراعة الا اسمها و لم تتبلل ايدهم بطين الارض.
وهذا لا يعني اننا ننكر دور المزارعين، رمز النماء والانتماء، والعاملين في وزراة الزراعة ومؤسساتها ومؤسسات القطاع الخاص وكذلك المنظمات الناظمة للقطاع منذ تاسيسها على الجهود التي قامت بها في سبيل رفعه وازدهار القطاع الزراعي والتي لولها لما كان القطاع الزراعي في الأردن كما هوالان والذي يعتبر من اكثر القطاعات الزراعية في الوطن العربي تقدما وكفاءة وازدهارا.