28-10-2015 09:53 AM
بقلم : عيسى الخزاعلة
الصورة النمطية للارهاب والمتعارف عليها هي قتل الاخر دون وجه حق وذلك باستخدام وسائل ارهابية متعددة موغلة في الحقد مثل القيام بالعمليات الانتحارية بحزام ناسف او سياره مفخخة او ما شابه ذلك. وهذه العمليات الارهابية والتي تتكرر في مناطق عدة في العالم وخاصة في منطقة الشرق الاوسط وفي افريقيا تودي بحياة الكثير من الابرياء والذين لا ذنب لهم والذين يذهبون ضحايا للتخلف والرجعية والانتقام غير المنطقي وغير المبرر.
هل هذا هو الارهاب الوحيد الذي نعرفه؟؟ الجواب طبعا لا. بل يوجد ارهاب بطرق مختلفة يحدث في بلدنا يسري في جسم هذا الوطن كالسرطان دون ان نعلم به الا عند وقوعة تجرع مرارة اثاره. فهناك ارهابيون حقيقون اشد ارهابا وقتلا وايذاءً وتدميرا من الارهاب المتعارف عليه.
فحادثة انفجار حاوية العاب نارية قرب الجمارك الاردنية والتي راح ضحيتها عدد من الابرياء هي اشد انواع الارهاب. فالامر لا يتوقف على الاشخاص الذي توفاهم الله في الحادثة او الذين اصيبوا ولكنه يمس مجتمعا بكاملة. فاستخدام هذه الالعاب النارية في المناسبات ربما تؤدي الى كوارث عدة نعض اصابعنا ندما بعدها. فمن استورد ومن وقع رخصة الاستيراد من المسؤولين ومن وافق على ادخالها هم الارهابيون الحقيقيون الذين لا يهمهم حياة المواطن ولا امنه ولكن يهمهم انفسهم والحصول على المال حتى باقذر الطرق.
من يستورد اللحوم والمواد الغذائية الفاسدة بطرق ملتوية ويغير التاريخ لتبدو حديثة الانتاج ويقدمها للمواطن باسعار عالية انما هو اشد ارهابا من الذي يفجر نفسه في مرآب للسيارات او مسجد. فهذا المستورد الفاسد ربما يقتل الملايين ولكن الارهابي الذي يفجر نفسه يقتل اعدادا محدودة.
من يُدخل العاب اطفال شديدة الخطورة على الاطفال سواء كانت العاب مادية مثل الدمى وغيرها او الالعاب الاكترونية وخاصة التي لها اثار سلبية على الاطفال انما هو ارهابي بامتياز. فبعض الالعاب الالكترونية مثل العاب الكمبيوتر و(البلي ستيشن) اشد خطورة على الاطفال من الاسلحة الفتاكة. فهي تدمر الاطفال سلوكيا ونفسيا وتؤثر على ابداعهم في المدارس الامر الذي يؤدي الى دمار اجيال كاملة ومن ثم تدمير الامة. فمن يستورد هذه الالعاب ومن يوافق على استيرادها ومن يوقع رخصة استيرادها هؤلاء يقعون في خانة الارهابيين.
من يسير في الشارع بسيارته بسرعة عالية جدا ومن يقوم بالاحتفال في الشارع بموكب سيارات دون التقيد بقانون السير انما هو ارهابي ايضا. فالذي يسير بسرعة ربما يؤدي بحياة ابرياء لا لشيء الأ لاشباع رغبة صبيانية لديه. من يحتفل بموكب سيارات في الشارع ويغلقه دون ان يعي انه ربما يؤدي الى موت انسان في سيارة اسعاف او سيارة قريب او صديق متوجه به الى المستشفى نتيجة عارض تعرض له انما هو ارهابي ايضا.
المهندس الذي يشرف على تعبيد الطرق وتشييد البنايات العامة والذي يتلقى الرشاوي من مقاول فاسد يدفع له رشىاوي من اجل تسيير الامور بما يخالف نصوص العطاء واجراءات السلامة العامة فانما هو ارهابي يقتل الابرياء دون رحمة وهمه الاول والوحيد هو الكسب الحرام غير المبرر. وكذلك فأن المقول الذي يدفع المال الحرام لهذا المهندس او اي مسؤول فهو ارهابي قاتل. وقد شاهدنا عدة اخفاقات في البنى التحتية والبنايات في المدن وخارجها حيث تهدمت الطرق على سبيل المثال في بعض المناطق من اول زخة مطر.
لكن وفي رايي الشخصي ان الارهابي الاكبر في كل ماذكرت من امثلة على الارهابيين بيننا وغيرها انما هو المسؤول القادر على محاسبة اي مخالف ولكنه يتغاضى ولا يقوم بتفعيل القانون ويركع امام الواسطات التي تتدخل من اجل التغاضي عن المخالف. فلو قام كل واحد من من خلال موقعة بدوره باخلاص لخدمة الوطن والمواطن لما وصلنا الى هذا الحال من التردي واللامبالاة والانحطاط في قيمنا الاخلاقية التي تسيرها المنفعة الخاصة والطمع.
نسال الله جميعا ان يحمي وطننا وشعبنا من كل سوء ونتمنى على كل مسؤول اياً كان موقعه ان يضع مخافة الله وامن الوطن والمواطن نصب عينيه وان لا يستسلم لاي نوع من الضغوطات من اي شخص مهما كانت سلطته. عندها سنبني وطنا خاليا من الارهابيين والفاسدين الذين يعيشون بيننا.