31-10-2015 10:28 AM
سرايا - سرايا - يذهب الشاعر نبهان جابر نبهان إلى أن قصيدة النثر العربية ليست في تحدٍ لأشكال الشعر الأخرى، مؤكدا أنها «تستند إلى رصيد الشعر المنثور المتحرر من الوزن والقافية لكنها تختلف عنه في قدرتها على تكثيف الصورة الشعرية وتكرار ألفاظها من دون الخدش بوحدة وجمالية النص خاصة جمالية الإيقاع الداخلية فيه». «الدستور»، التقت الشاعر نبهان بمناسبة صدور ديوانه الشعري «كأني تركتكِ»، وحاورته حوله، وحول قضايا ثقافية أحرى، وبخاصة حول قصيدة النثر،
فكان هذا الحوار: * «كأني تركتك»، إصدارك الشعري الأول، كيف استقبلت هذا العمل الشعري وكيف كان صداه لديك؟ - الكلمات لها صدى، والتعبير بالكلمات له صدى، الكلمات محمولة بموسيقى ومحمولة بتعبير ومحمولة بموقف. فهل قلت بالكلمات ما يجب قوله إزاء ذكرى، وإزاء فرحة، وإزاء تجربة مؤثرة وإزاء موقف مؤلم، أو إزاء اضطهاد وتعسف وتطويع إرادة؟ كان هذا فعلا،
وكانت الكلمات صدى الفعل والفعل لم يتوقف والصدى يرحل في كل الاتجاهات والتفاصيل كأنها هي، كان الاستقبال نجاحا في التغلب على معوقات الإصدار وهي معوقات مركبة السبب وأحيانا كانت تأتي بأسباب متعددة منها ما هو مادي وأخر معنوي أو كليهما. المطبوع الأدبي غير مرحب به كثيرا في سوق البحث عن جني الأرباح المادية، خاصة في غياب الاسم الأدبي لك في سوق العمل الأدبي.. فالتغلب على معيقات النشر كان هو الصدى وكان هو النجاح.
* المطلع على نصوصك الشعرية في هذا الديوان يلحظ اشتباكا مع القضايا الإنسانية، واسترجاعا لمخزون الذاكرة في تجسيد صورة الوطن وجرح الرحيل! - للذاكرة مخزون الوعي ومخزون التجربة ومحزون الحدث. والاسترجاع انفعال بما حدث لحظة وقوع الحدث، بل واسترجاع وعي الذاكرة بما حدث، والاشتباك بوعي الإنسان وقضاياه حاصل بالتجربة. جميعنا نبحث عن تفاصيل الإنسان بوعي الإحساس بها وإدراك معانيها. الإنسان هو الإنسان وإن تنوعت بيئته، وما يميزه عن الآخر هي التجربة والواقعة. الوطن هو حاصل جمع الإنسان وحاصل الفعل له.
من حرم ذاكرة الفعل في الوطن كانت الغربة رصيد الذاكرة ورصيد أحلام العودة إلية. * كيف تقرأ حضور قصيدة النثر، وأنت أحد كتّابها، في المشهد الشعري العربي؟ - قصيدة النثر ليست في تحدٍ مع أشكال الشعر الأخرى خاصة عمود الشعر كما يفهم البعض ذلك، إذ اعتبروها خروجا على الوزن والقافية التي تعرف بها قصيدة عمود الشعر.
هي مدرك خطي لتفاصيل أكثر في صورة الحدث الواحد، وهي تستند إلى رصيد الشعر المنثور المتحرر من الوزن والقافية لكنها تختلف عنه في قدرتها على تكثيف الصورة الشعرية وتكرار ألفاظها من دون الخدش بوحدة وجمالية النص خاصة جمالية الإيقاع الداخلية فيه. وهي إعادة نظم وترتيب عناصر الواقعة الحسية برؤيا خاصة في إطار ما هو متخيل أو متصور لدلالتها النفسية أو الاجتماعية أو لدلالتها التصادمية في حالة الاستلاب ومحاولات قهر الإرادة وتطويعها، هي استيعاب متعدد في تفاصيل الواقعة والتعبير عن صورتها الظاهرة وحمل معانيها في علو النص أو انبساطه ليغطي مساحة أوسع عند المتلقي القارئ والمستمع، إنها صاحبة حضور واسع وقد تآخت مع أشكال الشعر الأخرى في حمل قضايا الإنسان والتعبير عنها بالدقة والوضوح التامين.
إن لقصيدة النثر مساحة واسعة واستقبالا قويا عند المتلقي الذي هو هدفها الأول والأخير الذي تستقر عنده. * أنت تكتب الشعر منذ سنوات طويلة ولم تصدر أي عمل شعري إلا حديثا، ما السبب في هذا التأخر في الإصدار؟ - أنت تحتاج إلى من يقرأ عنك عملا واحدا مجتمعا وعلى مكث، أي من دون استعجال.. يقرأ عنك وحدة التصور والمعارف والمواقف ووحدة المشاعر ووحدة الفهم، وهذه لا تكون إلا في كتاب يصدر عنك لم أكن منشغلا تماما بأمر النشر والإعلام كان التركيز على التلقي والقراءة والاستيعاب وعلى الفهم. لما يقع من أحداث، الناس قد تلتقي معك في حدث يومي يخصك ويخصهم من على منبر إعلامي وقد لا تلتقي،
الكتاب يخصك دفعة واحدة والناس تأتي إليه وأنت تذهب إليهم، إذن كيف تذهب إلى الناس وكيف يأتون إليك؟ كان الوعي على تحديد وسيلة الذهاب من على منبر واحد بتكرار أم بدفعة واحدة في كتاب، وقد استقر الوعي بالذهاب إلى المتلقي دفعة واحدة في كتاب، أضف إلى ذلك كثرة المطبوع أو المنشور من قصيدة النثر التي تبتعد عن مضامينها ووحدة عناصرها وما تحمله من رؤيا. كان سببا مضافا في التأخر عن الإصدار.