31-10-2015 11:04 AM
بقلم : عبدالحميد الهمشري
تدرجت حلقات التنازل عن الثوابت العربية والإسلامية في التشبث بالحد الأدنى من الكرامة ، فبعد أن كانت هناك قضايا هامة تمثل ثوابت يعتبر التنازل عنها خط أحمر تم تخطيها ولم يعد يكترث بها ، وأصبح الدفاع عما يشكل خطراً على الوجود العربي برمته هو المنقذ لبعض الكيانات ويعتبرون أن مقاومة ذلك الخطر هو الخطر الأكبر على وجود تلك الكيانات العربية .
فما يدعو إليه البعض من العرب من دعم للكيان الصهيوني والوقوف في وجه الخطر الفلسطيني المقاوم على الوجود الصهيوني العبري والتحالف مع عدو اليوم والأمس والمستقبل في مواجهة الخطر الفارسي وكأنه لا يشكل في الأساس خطراً على الوجود العربي برمته ويحمل العصا السحرية لتثبيت هذا الكيان العربي أو ذاك بعد أن ضاقت الحلقات من ردات فعل سببها تهميش مكونات مؤثرة في جسد كل كيان عربي أرى أن فيه صفاقة وحماقة .
إن من لا يعرف أن الكيانين العبري والفارسي هما أخطر حلقات التآمر على الكيانات العربية جميعها .. ومن ينظر إلى الأمر بغير هذا المنظار فهو كمن يضع الثعبان في جحره أو يكون " كمجير أم عامر" أو كالذي ينظر بين قدميه دون أن يعي ويدرك ما يدور من حوله ، فيكون قد ضل سواء السبيل لأنه يكون كالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى وكالدب الأعمى الذي في نهاية المطاف ينهي نفسه بنفسه.
إن العرب قد جربوا التحالف مع الدول الغربية وكانت النتيجة فرقتهم والحال الذي هم فيه رغم امتلاكهم لعصب ومقومات القوة والمنعة من خيرات حباهم الله إليها من دفائن وموقع متوسط في العالم ولا يمكنهم أن يكونوا الرقم الصعب في المنطقة والعالم إلا إذا ملكوا ناصية القوة المتمثلة باعتمادهم على أنفسهم أولاً ونشر روح العدل بين مكونات مجتمعاتهم واستخدام الحنكة ورجاحة العقل في مواجهة الأخطار المحدقة بهم فإيران التي ذاقت الأمرين من جيش العراق في ثمانينيات القرن الماضي وعت الدرس جيداً وما لم تستطع الوصول إليه بالقوة وصلته بالدبلوماسية الناعمة وفي ميدان السياسة.. فاخترقت الجسد العربي في مفاصل هامة به وتركت العرب يتخبطون كالوطواط الذي فقد بوصلته الرادارية وسط السماء قلا يعلم إلى أين يتجه فيصبح حائراً وسط متاهة.
إن الإتحاد السوفييتي حين دعم انقلاب نجيب الله محفوظ في أفغانستان كان يهدف من ذلك الوصول إلى الخليج العربي عبر بوابة البلوش الذين يمتد تواجدهم من باكستان وحتى بندر عباس في إيران على الخليج العربي وصولاً إلى المياه الدافئة في بحر العرب والمحيط الهندي.
ولما كانت السي آي إيه تدرك خطر ذلك أوعزت لجيمي كارتر بتدارك الأمر والاعتماد على العرب في ذلك حيث أعلن كارتر من البيت الأبيض قيام الثورة الإسلامية في أفغانستان وتسابق العرب في تزويد ثورة كارتر الإسلامية بالمال والعتاد والرجال وكان لأمريكا ما أرادت من تفكيك القوة العظمى المناوئة لها "الاتحاد السوفييتي" وبعد ذلك انشغلت أمريكا في تفكيك الجسد العربي الذي نعيش مآسيه اليوم فأظهرت إيران علينا وبدأنا كالقطط حين تجوع تأكل أبناءها وأصبحنا في حيرة من أمرنا لا نعرف ماذا نفعل وكيف يمكن لكياناتنا أن تحفظ نفسها من الطوفان فهي كالغريق الذي يتعلق في فشة في سبيل إنقاذ نفسه .. يمكننا إنهاء الخطر الفارسي إن أحسنا الفعل وصنعنا كما صنع كارتر باعتماده علينا ضد الاتحاد السوفييتي لكن هذه المرة باعتمادنا على أنفسنا في مجابهة الخطر الفارسي المدعوم صهيونياً ومن أجل الصالح العربي واللبيب بالإشارة يفهم .