04-11-2015 09:38 AM
سرايا - سرايا - خمسة من أحدث نتاجات السينما الاسبانية الجديدة، تعرض تباعا في عمان بمعدل فيلم السادسة مساء من كل اسبوع بدءا من اليوم الاربعاء في صالة السينما بمعهد ثيربانتس.
عناوين تلك الافلام: (استوكهولم) للمخرج رودريغو سيرجيون، (اماكن البشر) لجوان كافستاني، ( الالماس الاسود) لمانجويل الكانتود، (الجريحة) لفريناندو فرانكو، وفيلم (العيش ببساطة وعيون مغمضة)، وهي تنطوي على اشتغالات متنوعة تبرز تجارب وطاقات وأساليب مبتكرة في السرد الجمالي والفكري كما تحتفي بمفردات وتفاصيل من العيش اليومي وفي علاقات الذات مع بيئات وشخوص في صخب هذا العالم.
يتعاطى فيلم (استوكهولم) بمناخات فريدة وممتعة من الرواية البصرية للاحداث، حيث تدور خلال ليلة واحدة تبدو عادية، لكنها تفيض بالمفاجآت والتحولات التي تشكل مصائر شخوصه، هنا الصورة مدروسة بعناية على الرغم من كثافة الجمل الحوارية، الا ان التعبيرات بالنظرات عن دواخل النفس تشي بتلك اللحظات الممتعة في اداء الممثلين اللافت التي تنهض على المواقف الرومانسية.
للوهلة الاولى، يبدو فيلم (اماكن البشر) ينتمي الى تلك الافلام التشويقية السائدة في السينما التجارية، والتي تصنع لبث الخوف والرعب، بيد انها تاتي هنا بمعالجة فريدة تنطوي على قدر من الدعابة حيث تجيء الاشارات والاحالات على وقائع اجتماعية في انفتاح جمالي متمكن على مفاهيم وتعابير خصائص سينما الرعب، أو تلك الاتية من عوالم السريالية والتي تنهل من فضاءات الشاعرية والافتتان بسمات من السولكيات الفردية وخصائص الحالة الإنسانية عندما تصيبها فوضى الترقب والارتياب امام ظاهرة غير مألوفة.
ويستعيد (الالماس الاسود) اشكال روح المغامرة في بيئة انسانية بسيطة محدودة الامكانيات في القارة الافريقية، عن حكاية رحلة طويلة لاثنين من الفتيان الصغار من مالي، هاجرا الى إسبانيا، بحثا عن حلمهما المشترك في اللعب مع احد فرق كرة القدم ، وايضا هروبا من واقعهما القاسي في وطنهما الاصلي المثقل بالفقر، حيث يجري تركيز الفيلم على ادانة تلك المواقف الخادعة والاستغلالية التي يقوم بها عدد من المتنفذين والفاسدين في لعبة كرة القدم على التزييف والتسلط والخداع في هذه اللعبة الرياضية الاثيرة لدى قطاعات واسعة من المجتمع الافريقي البسيط والمحدود الامكانات لكنه الثري بمواهب الانسان هناك.
كما يصور فيلم(الجريحة) قصة الفتاة صاحبة الطاقة والعمل بحيوية، الا انها تاخذ باحساس وشعور بالضيق من العمل الروتيني خاصة وان حياتها بدأت تصيبها مواقف وعقبات وتحديات ومشكلات تدفعها الى ممارسات محرجة وقاسية تصل الى حدود العدوانية مع ما يحيط بها من افراد وزملاء ومعارف، حيث صار من الصعب عليها ان تسيطر على مثل هذا السلوك ثم لاحقا ياخذ ينتابها الشعور بعذاب الضمير وكانها في حالة احساس بالذنب، كانها تود أن تشعر بالراحة والطمأنينة والسعادة مع ذاتها ومع الآخرين، ولكن تفاقم حالتها خصوصا مع قيامها بإيذاء نفسها ورغبتها في الانزواء والعزلة يتاكد حجم المعاناة لحالتها النفسية التي تنذر باسئلة الاضطراب والمرض النفسي.
وتختتم العروض في الثاني من الشهر المقبل بفيلم (العيش ببساطة بعيون مغمصضة) للمخرج دافيد تروبيا ، الذي يحتفي بعوالم الموسيقى بافتتان من مفردات لغة الابداع السينمائي المتين والجذاب والمثير بصنعته المختلفة عن تعاطي السينما مع الابداع الموسيقي.
تؤشر تلك الاعمال الخمسة الى ما اخذت السينما الاسبانية تشهده من نهوض وبراعة في تصدرها لواجهة المشهد في السينما العالمية، وهي التي تألقت في اكثر من حقبة زمنية ابان القرن الفائت، حيث عملت «هوليوود» على الاستعانة بقدرات صانعيها من كتاب السيناريو والممثلين والتقنيين والمخرجين وسواهم.