حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,24 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 30568

مشروع قانون الانتخاب وأهميته في الاصلاح الوطني الشامل

مشروع قانون الانتخاب وأهميته في الاصلاح الوطني الشامل

مشروع قانون الانتخاب وأهميته في الاصلاح الوطني الشامل

08-11-2015 12:49 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. فيصل الغويين
ساهمت القوانين الانتخابية ومنذ عام 1993 في تراجع الحس الوطني العام، وإضعاف العمل السياسي البرامجي المنظم، وعرقلت الوصول الى حياة سياسية سليمة، وركزت هذه القوانين على مراعاة التقسيمات العشائرية والمناطقية والأقليات، وكانت تحدد مسبقا شكل وطبيعة التمثيل السياسي وهوية المتنافسين على المقاعد النيابية، مما كان له أضرار وخيمة على وحدة النسيج الاجتماعي والوطني، كما ساهمت هذه القوانين في تعطيل قيام سلطة تنفيذية منبثقة من أكثرية سياسية برلمانية، وحالت دون قيام تحالفات على برامج حكم متكاملة، فطغى الدور الخدماتي للنواب على دورهم الدستوري التشريعي والرقابي.
وقد انعكست رداءة المجالس النيابية المتتالية على الأداء الوطني؛ فتفاقمت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وتردت الخدمات العامة الأساسية في الصحة والتعليم، وتفشى الفساد بكل أنواعه، واتسعت فجوة الثقة بين الدولة ومواطنيها.
إنّ تعثر النظام البرلماني الأردني جاء محصلة لأسباب كثيرة أهمها:
1- عدم وجود إرادة سياسية لإيجاد حالة نهوض وطني ديمقراطي.
2- غلبة الرؤية الأمنية على الرؤية السياسية التنموية الشاملة.
3- وجود منظومة فساد متحكمة ومتنفذة في مختلف مفاصل الدولة الأردنية كانت تقف بالمرصاد لأي محاولة إصلاح حقيقي يمكن أن تسهم في إعادة التوازن للحياة السياسية والاقتصادية من خلال إعادة توزيع عادلة للثروة والسلطة.
4- طغيان ثقافة المحسوبية والإقطاع السياسي على حساب الكفاءة والنزاهة، مما تسبب بحالة من الترهل وضعف الإنتاجية في كافة مؤسسات الدولة.
5- ضعف/إضعاف الحياة الحزبية في الأردن رغم وجود عشرات الأطر الحزبية التي تعاني من الضعف التنظيمي والبرامجي، وعدم القدرة على الوصول الى عامة الشعب لأسباب ذاتية وموضوعية يرجع بعضها الى بنية هذه الأحزاب، وظروفها المادية، بالإضافة الى غياب البنية التشريعية المحفزة على العمل الحزبي وخاصة قانون الانتخابات.
وفي31/ 8/ 2015 أعلنت الحكومة عن مسودة مشروع قانون جديد للانتخابات، ويمكن الإضاءة على بعض الملاحظات على هذا المشروع:
1- تجاوز قانون الصوت الواحد الذي استمر العمل به منذ عام 1993، ونتج عنه إضعاف ممنهج للشعور الوطني، وتقوية الهويات دون الوطنية المناطقية والعشائرية، وحال دون تطور الحياة الحزبية.
2- أعطى القانون للناخب فرصة تعدد الأصوات، ووسع الدوائر على مستوى المحافظة.
3- اعتمد القانون مبدأ النسبية المفتوحة، مما يعزز من فرص بناء تحالفات عريضة بين الأحزاب. ويمكن أن يسهم في تحسين مستوى التمثيل وخاصة في المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية. إلا أن اقتصار النسبية على المحافظة لن يعطي النتائج المأمولة لغاية الفرز على أسس برامجية وطنية، مما سيعيق تشكيل حكومة برلمانية حقيقية.
4- ستحد القائمة المفتوحة من توظيف المال السياسي طالما أن الناخب هو من سيقرر ترتيب الفائزين على القوائم.
5- إنّ فتح تشكيل القوائم على مصراعيه جعلت من حق أي فرد تشكيل قائمة انتخابية مما سيضعف من فرصة الأحزاب السياسية نسبياً، والتي تطالب بقانون انتخاب مختلط أو قوائم عمادها الأحزاب السياسية على المستوى الوطني، بما يعزز الحضور السياسي في البرلمان، ويشكل خطوة متقدمة نحو تشكيل حكومات برلمانية. مما يعني ضرورة إعطاء التمثيل السياسي والبرامجي الأولوية على التمثيل الاجتماعي.
6- إخراج تقسيم الدوائر الانتخابية من مسودة القانون وجعلها بيد الحكومة عبر نظام يصدره مجلس الوزراء بعد أن كانت مدرجة ضمن نصوص قانون الانتخاب النافذ حاليا، وهو أمر قد يكون فيه شبهة دستورية. فالمادة 67 من الدستور تنص على ما يلي:" يتألف مجلس النواب من أعضاء منتخبين انتخابا عاما ومباشرا وفقا لقانون الانتخاب" وهذا يعني أن كل ما يتعلق بهذه الانتخابات يجب أن يتم تضمينه قانون الانتخاب.
أما مشروع القانون فان المادة 8 أ تنص على ما يلي :" تقسم المملكة الى دوائر انتخابية يخصص لها مائة وثلاثون مقعدا نيابيا وفقا لنظام خاص يصدر لهذه الغاية"
7- لا بد من الانتقال نحو انتخاب مجلس نيابي يحمل في جل مخرجاته أشخاص أكفاء لديهم امتداد وعمق مستند على برامج تقدمها كتل متوافقة على أساس سياسي، ومشروع القانون يضعف هذا الانتقال ويقزّم الأحزاب بحجة عدم الدستورية في حين يتم التمييز بين الأردنيين من خلال الكوتات. إنّ المدخل لبناء دولة مدنية تقدمية لا يمكن أن يتم إلا من خلال تعزيز فرص الأحزاب وإدراج ذلك في القانون للوصول الى مفهوم الحكومات البرلمانية.
8- حدد القانون في المادة ستين عقوبات مغلظة للجرائم الانتخابية المتعلقة بالمال السياسي، حيث وصلت العقوبات للسجن من 3-7 سنوات.
نأمل أن لا يكون الحوار الوطني حول مشروع القانون مجرد حوار شكلي، وأن تتم دراسة المشروع بشكل عميق، لإخراج قانون يحظى بتوافق وطني واسع، يمكن أن يشكل بداية قوية لإعادة بناء الحياة السياسية، وتحفيز النخب السياسية المؤهلة لدخول البرلمان في مرحلة أصبحت فيها متطلبات التحديث في الدولة تتطلب إعادة تجديد النخب التي شاخت بسبب نهج تدوير المناصب، وهو ما احدث فجوة كبيرة من عدم الثقة، وسيادة شعور من اليأس والإحباط من إمكانية تحقيق إصلاحات عميقة تنعكس على حياة المواطنين ومتطلبات معيشتهم.








طباعة
  • المشاهدات: 30568
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم