11-11-2015 11:26 AM
بقلم : سامي شريم
ما يجري في الدوائر الحكومية والوحدات والمؤسسات الرسمية التابعة لها من آفات إدارية كارثية اصبحت بفعل الزمن عصية على العلاج فلم تعد عادة سيئة ومنبوذة بل اصبحت عُرفاً ومن شذ شذ إلى النار ، ولسان حال المسؤول يقول أنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ، وصارت مقولة لا يُصلح العطار ما أفسدَ الدهر مقبولة على كافة المستويات وكأنها أمر واقع ، وبقي الحال على ما هو عليه وصار من يتحدث بالإصلاح وضرورة رفع سوية المجتمع وتحويله إلى مجتمع قادر بإمكانياته أن يكون الأفضل في المحيط مُتفذلكاً وحاباً للظهور ومستوزراً إلى غير ذلك من النعوت ، وقد أصاب هذا نخب المجتمع الفاعلة باليأس والقنوط ويبدو أن ما يسمى بالمحافظين وقوى الشد العكسي والديناصورات استطاعت أن تُخرس كل الأصوات إلى درجة قمع المُطالبات ونسيان النهج الإصلاحي تماماً ولم تعد هناك رؤيا إلا ما تراه الحكومة في ظل التعاون المصلحي مع السلطة التشريعية وترهيب المؤسسات الرقابية وما حدث مؤخراً مع الدكتور مصطفى البراري مثالاً ما زال حياً حيث تم نقله في ليلةٍ ظلماء وفي ظل إجازة المجلس التشريعي الذي كان يجب أن يؤخذ رأيه في القرار وهناك من عللَ القرار بالأسباب الشخصية بعيداً عن الموضوعية والشفافية التي يجب أن يتحلى بها القرار الحكومي ، ومهما كانت الكوارث الناجمة عن أخطاء المسؤولين فأقصى ما يمكن اتخاذه هو إقالة المسؤول ليأخذ مكانه بين من سيُعاد اختيارهم وستٌساق الحجج بأنه تعرّض للظلم عندما تم إقصاؤه ليُعاد تدويره في موقع آخر !!!.
و لا نريد أن نذهب بعيداً فما حدث خلال العشرة أيام الأخيرة في حادثة الجمرك وغرق العاصمة ما هو إلا نتاج هذه الآفات فالروتينية والبيروقراطية والترهل والعنجهية والجهوية والواسطة اصبحت صفات لصيقة لأداء الحكومة .
من يدّعي أن علاج هذه الآفات صعباً وأن مسؤولية اصلاح الوضع الإداري المُتردي مستحيلة يجب أن يترك المجال لمن يتسلم الموقع ويقول أنا قادر ولدي خطة قابلة للقياس والتقويم تنعكس بشكل ملموس على أداء المؤسسة أو الدائرة أو الوزارة التي يتسلمها ، كما أن إهمال العقاب واقتصار العقاب على إقالة المسؤول لن يؤدي إلى نتائج ، فيجب أن يُحاكم المسؤول ويتحمل نتائج إهماله أو تقصيره سجناً وغرامة ولا يُكتفى بالإقالة .
ما حدث في الجمرك كارثة وليست حادثة عادية فيها إهمال واضح وفساد وترهل إداري لا يتناسب وقرار الإقالة لشخص مدير الجمارك فكل مُهمل من الصف الأول والثاني والثالث يجب أن ينال عقابه.
أما ما حدث أول شتوةٍ لهذا العام لفترةٍ لم تتجاوز 40 دقيقة فهو كارثة بلا ريب ، ماذا لو جادت السماء بـ30 دقيقة أخرى كيف سيكون الحال ؟؟!!! الثواب والعقاب مفهومان لصيقان بالعملية الإدارية ، وإذا وضعها المسؤول جانباً فلن يكون هناك إلا ما نرى من نتائج أقل ما يقوله مراسل في أي وزارة (أذا مش عاجبك إطلع على الرئيس ) وقس على ذلك !!!.