16-11-2015 09:52 AM
بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
قال تعالى ( قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
الخوف والحزن يمثلان كل أنواع الطاقة السلبية في حياة الإنسان ، لهذا بعث الله تعالى الأنبياء والمرسلين إلى الإنسان بالتوحيد الذي يحيي القلوب لتهتدي بهداية الكتاب والسنة النبوية الشريفة ، لهذا فعندما خاطب الله تعالى الإنسان خاطبه من خلال العقل الذي يدرك ويحلل ويستنتج نظام هذا الكون ودقته المتمثلة في كل آيات الله تعالى الكونية تكوينه، أن لهذا الكون خالق ومدبر، لينتقل الإنسان من درجة الفكر العقلي إلى درجة الإيمان الذي يحيي القلوب التي تبصر الهداية.............. لهذا فعندما يخاطب الله تعالى المؤمن يخاطبه بإتباع الهداية بالخشوع والسمع والطاعة,والاستسلام والاقتداء حتى يفتح الله تعالى عليها أبواب الفهم والحكمة التي تمنح المؤمن الطاقة الايجابية.{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ}.......
عندما يهبط الإنسان لهذا الكون يكون على مفترق من الطرق طريق الهداية طريق النجاة والسعادة، وطرق الضلال طريق الخوف والحزن وهي ناتجة عن تفاعلات هوى النفس مع زينة الحياة والشيطان الرجيم قال تعالى في ذلك(اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ). ..........
من اجل ذلك فان من الهداية أن يتعوذ المؤمن من صفات الإنسان التي في داخله والتي يجد الشيطان القرين فيها مداخل للتلبيس عليه وتضليله وتشويش القلب وإغفاله عن الاتصال بالخالق وهدايته، قال تعالى للرسول وللمؤمنين ({قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. مَلِكِ النَّاسِ. إِلَهِ النَّاسِ. مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ. الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ. مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}.فالاستعاذة بالربوبية والملكية والإلوهية تسد كل مداخل التلبيس على الإنسان فالربوبية تعني كل ما يشاهده الإنسان ويتنزل عليه فهو من عند الله تعالى وبأمره وهذه تجنب الإنسان الخوف من قلة الرزق والخوف من كل شيء ولا يخاف إلى أولياء الشيطان .والاستعاذة باسمه الملك تذكر المؤمن أن الله وحده هو من يملكك ومن التوحيد ان تكون الأقوال والأفعال مبنية على الملكية ، أما الإلوهية فهي لتذكير الإنسان أن من شروط التوحيد والعبادة أن يكون كل ما يخرج من الإنسان من قول وعمل لله خالصا ..........
فالاستعاذة لا بد أن تكون على مبادئ الإيمان وهي أولا بالقول وثانيا وقرها في القلب،وثالثا التصديق بعمل ما أمر به الكتاب والسنة ،ومثال على ذلك أن الغاضب لا يكفيه الاستعاذة بالقول وحده إنما لا بد من عرضها على القلب للتزود بالهداية ومن ثم يعمل بما أمر به أن يجلس إن كان واقفا أو يستلقي إن كان جالسا لان من تأثير الغضب على الإنسان انه يعمل على نقص الأكسجين على دماغ الإنسان فيتعطل التفكير والوعي عند الإنسان حتى يصبح قوله وعمله ملكا للشيطان القرين .وان يتطهر بالماء البارد فالغضب مدخل الشيطان والشيطان خلق من نار والماء يفيء النار...........
إنني ومن خلال ما تقدم لأرجوا أن تكون مقدمة ناجحة في الإقناع والتصحيح في حديثي عن علم الطاقة الايجابية والسلبية ، فالكثير تحدث عنها فكان الحديث في هذا العلم كمن يستمع لشريط مقطع يفتقر إلى الموضوع والسبب في ذلك أن مصدر هذا العلم قد غيب وان فهم هذا الموضوع والعمل به يتطلب الإيمان بالله وإتباع الهداية ، وإلا كيف للإنسان بدون إيمان أن يدفع السيئة بالحسنة (( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ( 33 ) ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ( 34 ) إنها الطاقة المستمدة من الله من خلال هدايته أنها طاقة ايجابية ناتجة عن الإيمان عندما ملَك الإنسان قلبه لله وعملت الجوارح بأمره وطهره من كل السلبيات في الاعتقاد فبداية التغيير من داخل قلب الإنسان،وان من محفزات الطاقة الايجابية عند الإنسان وعند الآخرين الدعاء اليقين والصبر والرحمة والتسامح والإحسان والعفو والمحبة والحنان فهذه كلها من مخرجات الإيمان من القلوب،فهذه المخرجات تنعش قلوب من خرجت منهم، وتهز القلوب القاسية الميتة بحلاوتها ليشعر الإنسان أن له قلب أو انه شعر بلذة آنية تكون له كطرف خيط لتمكن الإنسان من التواصل معها ،فمن يملك الطاقة الايجابية قادر على صد كل الطاقات السلبية بل وعكسها بطاقة ايجابية طاقة من الرحمة والتسامح التي تحيي القلوب عند الطرف الأخر...........
وان من دواعي كتابتي في هذا الموضوع أن الكثير مما تكلموا عن الطاقة الايجابية والعلاج بها تحت مسميات مقتبسة مستورده ،هذه المسميات ما هي إلا أسماء لشياطين ، وحتى من ادعوا العلاج بالقران الكريم وقراءته من خلال الفضائيات التي تعرض الصور والدعايات فأقول هل يسمع الله تعالى دعاء القلوب أللاهية،إن الله تعالى جعل في القران الكريم شفاء للمؤمنين وذلك عند اكتمال التوحيد وصدقه بالاعتقاد والعمل به فالعمل به هو شفاء المؤمن ومن علاماته السكينة والسعادة التي يحاربها الشيطان بالوسوسة ليحزن ويخوف الإنسان ، وعلاج ذلك انه كلما وسوس لك الشيطان اجعل من وسوسته تذكير لك في ذكر الله كان تسبح أو تحمد الله أو تصلي على رسول مئة مرة،فالحزن والخوف لا يكونا إلا عندما يغفل المؤمن عن رباطه او لضلال الإنسان عن الطريق المستقيم ، حيث تموت القلوب وتملا بكل الطاقات السلبية وهما أي الحزن والخوف الطريق المختصر لموت القلوب بالحقد والحسد والكره ...
اسأل الله العظيم لي ولكم الإيمان الصادق الذي يعمر قلوبنا بموجبات السعادة بالرحمة والحكمة والمودة والسكينة وان تكون لنا نورا نهتدي به في الدنيا والآخرة ، وان يكمل تقصيرنا بالمغفرة لنا ولوالدينا ولأمواتنا من المسلمين والمؤمنين آمين........