24-11-2015 02:35 PM
بقلم : المحامي معتصم احمد بن طريف
ان المسؤولية الوظيفية التي تلقى على عاتق الموظفين وخاصة الوظيفة العامة والتي لها ارتباط مباشر بأداء خدمة عامة للجمهور تتطلب موظفين قادرين على تحمل المسؤولية في اداء وفهم واجباتهم تجاه الجمهور وتجاه المؤسسة التي يمثلونها على اكمل وجه وبلا نقصان وحسب الامكانيات المتوفرة في المؤسسة او الوزارة وعدم التعذر بقلة الامكانات وعدم وجود موازنة كافية - وان كانت الموازنة والإمكانات مهمة - وفي الآونة الاخيرة اصبحنا نرى موظفين لا يمتلكون اي من صفات تحمل المسؤولية واتخاذ القرار او فهم لواجباتهم وإنما قد تخصصوا بالتبرير لفشلهم وقلب الحقائق وذلك بجعل الفشل نجاح وعقد المؤتمرات الصحفية ونشر ارقام وهمية عن نجاحاتهم وإظهار انفسهم بأنهم هم المنقذين للمؤسسة او الوزارة من السقوط ولولا وجودهم لكانت الامور اسوء وللأسف ان بعضهم يقوم بالطعن بمن سبقهم من مسئولين في ادارة الوزارة او المؤسسة وخاصة اذا كان المسئول السابق ليس من نفس الشلة التي ينتمي اليها هذا المسئول اللاحق الفاشل ويقوم بعرض ارقام ومؤشرات اوهمية على الصحافة معتقدا هذا المسئول الفاشل - في نفسه الضعيفة - ان الشعب سيصدقه بما يقول وبما يبرر من انجازات والشعب يرى فشل هذا المسئول يوميا ولكن للأسف ان الشعب لا يستطيع ان يفعل شيئاً لهذا المسئول الفاشل .
وهكذا بدأنا نرى يوميا في الاونة الاخيرة الفشل في كثير من مؤسسات الدولة التي تقدم خدمة عامة والحمد لله ان شعبنا واعي لتبريراتهم الواهنة والتي لا تقنع حتى الاطفال الصغار في البيوت وبما ان الشعب كما اسلفت ليس له اي سلطة عليهم فيقوم الشعب بالتهكم على هؤلاء المسئولين من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الالكترونية الحرة احينا لتعبير عن غضبهم على هؤلاء المسئولين الفاشلين الذين اصبحوا مستهلكين وغير مقبولين جماهيريا لكثرة ما ظهر منهم من فشل .
وكان اول من نبه لهذا الضعف في الاداء للمؤسسات هو جلالة الملك عبد الله بن الحسين اطال الله عمره وطلب من رؤساء الحكومات المختلفين الذين استلموا بعهده بتحسين الاداء والقضاء على الضعف والفشل الاداري ، ولكن الحكومات المختلفة ممثلة بوزرائها وموظفيها تبحث عن تبريرات اكثر مما تبحث عن حلول لهذا الضعف وفشل الاداء .
وبما ان جلالته اطال الله عمره خدم وتربى في الحياة العسكرية وشاهد كيف يقوم العسكريون بتنفيذ الاوامر الصادرة لهم لتنفيذ مهمة ما على اكمل وجه سواءً توفرت الامكانات او لم تتوفر فهم العسكري هو تنفيذ الواجب ولو بإمكانات اقل ، بل في بعض الاحيان يعمل العسكري على مبدأ (دبر حالك ) وهذا المبدأ يعني استخدام الابداع في تنفيذ الواجب وهكذا العسكريون اصبح لديهم القدرة على تحمل المسئولية واتخاذ القرار في جميع ما يخص الواجبات الموكول لهم ، فجلالته عندما يصدر اوامره الى الحكومات ورؤسائها فانه وحسب - اعتقادي الشخصي - انه يتوقع منهم ان ينفذوا الاوامر الصادرة لهم بنفس اسلوب التنفيذ الذي يقوم به العسكريون كما اسلفنا سابقا ،ولكن للأسف ان التنفيذ من بعض المسئولين المدنين الصادرة لهم الاوامر لا تكون بنفس الاسلوب من التنفيذ للعسكريين ويبدءوا هؤلاء المسئولين بالتبرير وعدم البحث عن الحلول والإبداع في التنفيذ ويعود جلالته -اطال الله عمره - لتنبيه والتوجيه بل ولتدخل احيانا شخصيا في بعض الامور مثل الطلب بتبديل مسئولين في مواقع معينة .
لذا ارى ان هناك كثيرا من المؤسسات والوزارات لابد من توكيل ادارتها الى عسكريون وخاصة المؤسسات والوزارات الخدماتية التي تحتاج الى عمل ميداني وهذا ما اشار اليه جلالته لكثير من الوزراء بضرورة التواجد في الميدان العملي بين المواطنين وتلمس احتياجاتهم لا التواجد في المكاتب ولا بالسفرات الخارجية تدار الوزارة او المؤسسة ، وهناك العديد من الأمثلة على نجاح العسكريون في ادارة هذه المؤسسات وأود الاشارة الى وحدة من تلك المؤسسات وهي ( امانة عمان الكبرى ) اذا عدنا الى تاريخ انشاء امانة عمان الكبرى فان نجاح الامانة في نشأتها في البدايات يعود الى العسكريون فان اول مدراء للمناطق الامانة كانوا من الضباط المتقاعدون فكانوا هؤلاء المدراء يعملون في الميدان ويتابعون التنفيذ بأنفسهم غير معتمدين على موظفين وعمال ربما يتهربون من العمل او يعملون بأداء اقل بل كانوا متواجدون معهم في الميدان وكان اسلوب العمل بأسلوب عمل الفريق وعلى هذا الاساس نجحت الامانة وأصبحت مثالا يحتذى في الادارة المحلية للمناطق ، والتراجع في الاداء في الاونة الاخيرة للأمانة رغم انها تمتلك الامكانات والأموال اكثر من البدايات يعود - في اعتقادي - لضعف الادارة وعدم المتابعة في التنفيذ والتنفيذ يتم من خلال المكاتب او من خلال موظفين يوهمون مسئولهم بأنهم كانوا في الموقع وتم التنفيذ على اكمل وجه وعلى ضوء كلام هذا الموظف يتبنى المدير الكلام ويقول بأنه تم انجاز المطلوب ويستعرض النتائج الوهمية عن انجازاته وهو فعليا لم يتواجد في الميدان ليرى في عينه ما تم تنفيذه ويبدءا الفشل بالظهور وتبدءا معه التبريرات من هؤلاء الموظفين .
ان من اهم صفات العسكريون عندما يكونون في مواقع المسئولية هي قدرتهم على تحمل المسئولية وعلى قدرتهم على الاعتراف بالفشل في حل حدث هذا الفشل وعدم تبريره بل وتحمل تبعاته حتى ولو كانت عقوبة تقع عليه ، ومن صفاته ايضا انه يستطيع اتخاذ القرار المناسب وفي الوقت المناسب وتحمل تبعات هذا القرار حتى لو كان خطاءً ، ومن صفاته متابعة عمله شخصيا والتأكد من انه تم على اكمل وجه ويعطيك الرقم الحقيقي للانجاز لا ارقام وإحصائيات وهمية.
اخيرا ان لست هنا لكى اسوق للعسكريين لاستلام المناصب فا انا اعلم ان هناك موظفون مدنين قادرين على الادارة والقيادة وميدانين وعمليون وعلى درجة عاليا من الكفاءة في عملهم لكنهم وللآسف مغيبون لصالح موظفون اقل منهم كفاءة ودرية ، ولذا فأننا الان بحاجة الى وزراء وموظفين قادة ميدانين سواءً كانوا مدنين او عسكريون ليترجموا رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني - اطال الله عمره - في الاردن الاجمل والأول في كل شيء ، حمى الله الاردن والأردنيون من كل موظف فاسد وحاقد امين وأطال الله عمر جلالة الملك عبد الله الثاني امين .