حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 18430

"وردة وكابتشينو": أسئلة الحياة وجمراتها

"وردة وكابتشينو": أسئلة الحياة وجمراتها

"وردة وكابتشينو": أسئلة الحياة وجمراتها

01-12-2015 10:11 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - عن "دار الربيع العربي" في القاهرة، صدرت الطبعة الثانية من رواية "وردة وكابتشينو" (2015) للكاتب السعودي أحمد الواصل الذي يطرق في هذا العمل أزمة الإنسان في التوفيق بين اختياراته العقلية والجسدية.
عبد الرحمن، هو الشخصية الأساسية في الرواية، ويتقاسم معها المتن والمعيشة شخصيات أخرى ماجد ولمياء، وإبراهيم. لكل واحد من هؤلاء حكايات يصوغها الكاتب لتبدو في شكل أسئلة داخلية لكل طرف منهم حول طريقة صنع الحياة ومواجهة تحدياتها.
تتكوّن الرواية من خمسة أبواب مرقمة على التوالي : "جمرة الفيض" و"جمرة النبأ" و"جمرة الأنفاس" و"جمرة العفق" و"جمرة المقام"، بالإضافة إلى مقاطع حملت عناوين منفردة: "جسد أعمى" و"رحم ضائع" و" فحم عاطل".

تتواتر منشورات الواصل في السنوات الأخيرة، وتتعدّد أغراضها. فبعد عدد من المجموعات الشعرية التي ظهرت أولاها في 2002، تركزت أعماله حول السرد والدراسات الثقافية، لعل أبرزها كتاب "الصوت والمعنى" (2003) و"الرماد والموسيقى" (2006) ورواية "أيام الهدى" التي نشرت قبل أشهر. كما صدر له عن "دار الربيع العربي" كتاب "قميص جامعة الدول" (2012).
هنا مقطع من الرواية خاص بـ"العربي الجديد":
ارتطم شيء بالأرض، كأنه جسد. بل أعضاء هبدَتْ. وتنبَّهْتُ من غفوة لم أتمها، وشدّني من أذني نحيب لصوت نحاسي وشهقات، كأنما كل الأشياء تتحرك، ولم أستطع أن أقف. ثمة أزيز عال يتسرب ويشق لحم أذني ويطغى: "جي مالي والي بويا اسم الله/ متعذِّبة بدنياي يا بابا جي مالي والي".
قفز الضجيج غالب صوت النحاس الشاكي. الصراخ يعلو، وزجاج تكسَّر، وارتطام أقوى من سابقه، وميزت بعد وقوف وفرك جبين. صوت قريب ولا أميّزه، صوتٌ أرقّ ولكنه يئن كحمامة ترقص بجناح شقَّتْه السكين اللاهية.
"إلى أهلي وإخوتي الشرفاء في الرمادي والخالدية والفلوجة. إلى جميع الشرفاء في العالم. سلام من الله عليكم. قال تعالى في كتابه العزيز: "يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم، ويثبت أقدامكم" صدق الله العظيم.
رسالة من أختكم حنان من سجن اليهود في أبو غريب. من أين أبدأ أيها الشرفاء؟ يعجز القلم عن الوصف، أ أصف لكم الجوع وأنتم تأكلون، أم أصف لكم العطش وأنتم تشربون، أم أصف لكم السهر وأنتم نائمون؟ أم أصف لكم عراءنا وأنتم تلبسون؟
يا إخوتي، عندما نرى قلَّاباتكم وسياراتكم تنقل مواد البناء، وعندما نقرأ هوية السيارة، فإذا هي تحمل اسم أهلي ومحافظتي، فأقول راجعة إلى نفسي: إن أهلي وإخوتي قد باعوا أعراضهم بمالهم. الدولار الأصفر، ولكن أتذكر الشرفاء وأبكي على حالي. ماذا أصف لكم مما نلاقي من العذاب والضرب المبرِّح حتى نحفظ لكم العرض ونصون الأمانة؟ فأين أنتم يا علماء الدين؟
إننا نعاني ما نعاني عندما ننظر إلى اليهود وهم يريقون الخمر أمامنا ويهتكون أعراضكم كالحيوانات المفترسة ويسرحون ويمرحون مع اللاتي هانت عليهن أعراضهن.
أيها الشرفاء كم مرة تموتون؟
أعراضنا هتكت، وملابسنا تمزقت، وبطوننا جاعت، ودموعنا جارية، ولكن من ينصرنا، لا أريد أن أودعكم وقبل أن أودعكم أقول لكم: اتقوا الله في أرحامكم فقد امتلأت بطوننا من أولاد الزنى. إني أقول للشرفاء، إذا كنتم تملكون الأسلحة فاقتلونا معهم داخل السجون". ونحيب يذهب في الشهقات، ويعلوه صوت يهدل عنيفًا ومجروحًا:
"آآآه.. آآآآه.. آآآآآآآه
ليت للبراق عينًا، فترى
ما ألاقي من بلاء وعنا
عُذِّبَتْ أخْتُكُمُ، يا ويلكم!
بعذاب النُّكْرِ صبحًا ومسا"
رفعت رأسي فجأة على صراخ عنيف ومتوال. وقفت بسرعة ويرن في أذني صوت أقدام راكضة، وأخرج من الغرفة إلى الصالة، ويعود الصراخ واضحاً:
- "اقتلونا معهم بالله عليكم اقتلونا معهم".
وقفت صامتاً أمام غرفة حنان، ولمياء ترمي عليها ملابس لتغطيها وتهب إليها لتحضنها، وشردت قليلاً، وباغتني وجه حنان، وهي تنظر إلى ماجد عند نهاية الدرج دون اكتراث:
"ها عسى نفع أنا سويت اللي علي"
لمياء كانت تصفق أخماسها، وتنفض قميصها عن كتفيها، وخرجت حانقة. تجاهلت وقوف ماجد، وتوجهت إلى غرفتي، وعلا من وراء صوت تكرر من جديد..
"يَلْمَا ردتني بويا اسم الله
تِكْسِرْ جناحي ليش يا بابا جي مالي والي".








طباعة
  • المشاهدات: 18430

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم