20-10-2010 06:35 AM
كانت الأم تمشي في الشارع مسرعة تمسك بيدها طفلها الأصغر وخلفهما الطفل الآخر الأكبر منه سناً ’ وعندما رأى الطفل الصغير الذي تمسكه أمه بيده البطيخ في المحل المجاور بدأ يتوسل لأمه بالشراء باكياً وصارخاً بأعلى صوته هو يشد أمه بإتجاه البطيخ والأم تشده بالإتجاه الآخر فما كان من الأم إلا أن وجهت لإبنها صفعة قوية رفعت من حدة البكاء وحدت من شدة الجذب بإتجاه البطيخ بقناعة تامة أن موضوع الشراء بات مستحيلاً ’ وعملية العرض والطلب هذه كانت مع آثارها النفسية على مرأى من الطفل الأكبر حيث أنه يمشي خلفهما .
وقف الطفل الكبير لفترة تسمح للجاني والمجني عليه بالإبتعاد لمسافة أمتار إتجه نحو أكوام البطيخ إنحنى للأسفل إحدى ركبتيه لامست الأرض والأخرى تتحفز للإنطلاق وضع شفتيه على إحدى البطيخات قبلها ومضى مسرعاً لاحقاً والدته الحنون .
قد أجد للأم عذراً كونها مهما كانت قاسية لن تفعل ما فعلت إلا لأسباب خارجة عن إرادتها فقد يكون الطفل قد أحرجها أما المارة إذ كاد يلقي بها أرضاً وقد يكون الأأب قد أحضر البطيخ في اليوم السابق وقد تكون الأم لا تحمل المال الكافي حينها للشراء وقد تكون هذه البطيخة حال شرائها سبباً في إنهيار الميزانية المالية المعدة سلفاً للعائلة وقد تكون هذه البطيخة في حال شرائها كذلك صفعة قوية لميزان المقبوضات والمدفوعات المعد سلفا كذلك وعلى ما سبق فإن البطيخ يشكل أحد الكماليات ( وما أكثرها ) في حياة هذه الأسرة والكماليات ليس لها داع حتى لو أن الطفل قد حرم من تذوقها وهو لا يعلم بأن مقارنة بسيطة بين الدخل الشهري لوالده وبين مجرد نظرة عابرة للبطيخ يشكل من وجهة نظر الأهل جريمة يعاقب عليها القانون بتلك الصفعة المدوية حيث تجاوز حدود النظرة وتجرأ بالطلب .
ما لم أجد له تفسيراً هو قبلة الشقيق الأكبر للبطيخ فتارة كنت أخالها إعجاباً وأحياناً إنتقاماً وتارة أخرى يأساً من أمل اللقاء وتارة أخرى كذلك كنت أقنع نفسي بأنها مجرد وداع للبطيخ الذي كان يعيش آخر أيامه في ذلك الموسم على بصيص أمل بأن تتاح الفرصة لهذه العائلة بتذوق البطيخ وحلاوته .
ما أريد القول به وأستخلصه مما شاهدت بأم عيني بأن علينا التأكد بأن هناك أنس محرومون يشكل الخبز وبعض الأشياء البسيطة الأخرى قوت يومهم وعلينا الشكر والحمد لله عزوجل ليل نهار على ما نحن به من نعم ( فبالشكر تدوم النعم ).
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-10-2010 06:35 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |