02-12-2015 04:43 PM
بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
في بداية حديثي عن الشقاء والسعادة ، وجدت نفسي عاجز عن كتابة مقدمة مقالتي هذه لتكون مدخلا لي في الشرح والتوصل لحقيقة وحكمة الشقاء والسعادة في حياة الإنسان ،لان مقاييس الإنسان في الفهم مقاييس مادية تضلل الإنسان عن إدراك الفهم الصحيح لاختيار الطريق السليم والتوصل للحكمة التي لا يتوصل إليها الإنسان إلا بالإيمان وبراهين نجاح العمل به، فتزيد الحكمة المؤمن إيمانا ، وتبهر عقل الإنسان لتضعه في مخاض التفكر والتدبر لتهز القلوب بالحياة لتبصر جهل الإنسان بالإيمان......
كل إنسان على وجه هذه الأرض يتمنى السعادة لكنه يطلبها بطبعه العجول وبصفة الجهل،وذلك حين متع نفسه وشعر بلحظة نشوتها فظن أنها السعادة ، وحين نسب السعادة للباس المال والجاه ولم يشعر بصفات الشقاء في النفس البشرية ،مثل الحقد، والحسد، والكره والظلم والأنانية والبخل وكل ما هو آت من منبع الخوف، جهل يتبعه جهل الخروج من معاناته وتجعل منه عبرة لمن يعتبر........
إن الحديث عن الشقاء هو التحدث عن الحياة التي اختارها الإنسان، التحدث عن شعور الإنسان بالضيق والملل والخوف الدائم ، الحديث عن مشاكل الناس وهمومها ،الحديث عن هروب الناس من شر أنفسها وصدها بالمخدرات والإدمان واللهو واللعب ، الحديث عن الجرائم من القتل والسرقة، ليشبع الإنسان بالمادة وتملكها انحراف غرائز نفسه حين تاه عن مقاصد وجودها لتحقيق السعادة في حياة الإنسان ....
وان الحديث عن السعادة الحقيقية ، هو الحديث عن الاطمئنان والصبر والصحة ، الحديث عن السعادة في التوكل والرضا ، الحديث عن القناعة ،الحديث عن الفهم لواقع الحياة وفنائها وعن مراحل العمر فيها ،وعن حاجة الإنسان منها ،وشعوره بالأمن والأمان على نفسه وخلفه من بعده ، الحديث عن تحرر الإنسان من صفاته ، واستغلالها في توجيهها لما وجدت له من خير لتتحقق السعادة في حياة الإنسان المؤمن الذي يعلم أن شكر الخالق يديم النعم .....
لهذا فان الشعور بالسعادة الحقيقية هي من دلائل الإيمان،ولهذا فان المؤمن لا يمكن إن يتصف بالسيئة لأنه لا يعمل بها ولا يدفع السيئة بالسيئة إنما يدفع السيئة بالحسنة والإحسان والدعاء بالخير للآخرين، وفي ذلك يشعر بسعادة القوة والنصر، يشعر بالاطمئنان في إدامة السعادة لأنه يعلم أسباب إدامتها وصيانتها ، يشعر بها من كل الجوانب الآتية من مصدر الرحمة ، انه يشعر بميزان الإيمان في قلبه وانعكاسه على حياته ، انه يجيد التفسير المنهجي من الكتاب والسنة لأسباب كبواته في الحياة ، مما يجعله حريصا على إلجام النفس بإيمان العقل ليسوقها إلى طريق بارئها ومخلصها .......