02-12-2015 05:01 PM
بقلم : د. نزار شموط
كان للفيديو الذي تم تداوله مؤخراً عشية احداث باريس , والذي تحدث فيه الشاب المسلم الفرنسي الجنسية , التتارستاني الاصل , عن سماحة الاسلام صدى كبير . لقد اذهل اسلوبه الراقي المقنع الحضور في ندوة عقدها التلفزيون الفرنسي حول الاحداث الاخيرة جمعت عدد من الشخصيات في فرنسا , لقد اوضح بالدليل من القران والسنة النبوية ان الاسلام دين محبة وتآخي ورحمه , وليس دين عنف وكراهية , كما تُصوره بعض وسائل الاعلام الغربية وانه دين السلام الذي جاء للعالم كافة ( وما ارسلناك الا رحمة للعالمين ), هذا الدين الذي يحض على صون واحترام الانسان وكرامته وخصوصيته بغض النظر عن جنسه ومعتقده ولونه ( من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) .
وظف هذا الشاب الغيور على دينه , الخطاب الديني العقلاني , والذي يفتقر له للاسف الكثير ممن يدّعون بأنهم دُعاة , ومن يتصدون للخطابة في المساجد , ويفتقرون للخطاب العقلاني الواعي. جعل هذا الشاب المتمكن من فهم عقيدته بالعقل وليس بالتمثل لافكار طائفية او تعصبية عمياء لبعض من يدّعون انهم الوصاة على هذا الدين كل من كان في القاعة مقاطعته بالتصفيق الحار , لانبهارهم بطرحه الذي نقل للحضور والمشاهدين الصورة الحقيقية لهذا الدين العظيم , وبأن من يقوم بهذه الاعمال ثلة من الشباب لا تزيد نسبتهم كما ذكر على ( واحد من كل مليون ونصف مسلم ) , والذين تم اغوائهم من جهات غامضة لها مصالحها السياسية والاقتصادية ولها ارتباطاتها ببعض الدول التي من مصلحتها تأجيج الصراع لبيع السلاح وتقاسم ثروات المنطقة .
لقد اوضح بأن مفهوم الارهاب ظهر بعد حرب افغانستان بين امريكا والاتحاد السوفيتي , وهو ليس من مفردات الاسلام دين المحبة والسلام , فلماذا تُكرر وسائل الاعلام الغربية مصطلح الارهاب الاسلامي , كل هذا ساهم في زرع مفاهيم خاطئة في افكار العامة منهم , واقترن اي ارهاب يحدث بالاسلام , وبّين للحضور كيف يتفق هذا مع قول رسولنا الكريم ( المؤمن من امنه الناس ) بغض النظر عن دينه ولونه وعرقه , وقوله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ) وكل هذا يؤصل ثوابت هذا الدين , المتمثله بتحقيق العداله , وحماية وصون حقوق الفرد , ويرفض العدوان والاساءه بكل اشكالها .
لقد اعطى هذا الشاب صوره مشرفة للمسلم الحقيقي الذي جسد سمات وصفات وسلوكات المسلم الحق , المسلم العارف باصول دينه , والمتمثل لعقيدته سلوكاً ومنهاجاً دون تطرف ومغالاة . والمطلوب ان نرتقي بشبابنا فكرياً وخلقياً ودينياً , من خلال تغيير نمطية التوعية والارشاد الكلاسيكية , والتي تنتهجها المؤسسات الدينية والاعلامية والتعليمية , لنرتقي بشبابنا ليكونوا نماذج نفاخر بها , تسعى لتغيير الصورة النمطية التي يحملها الغرب عن المسلمين , من خلال تميزنا في كافة مناحي الحياة , بذلك نبرز الصورة المشرقة للشاب المسلم , القادر على الحوار العقلاني , كما فعل هذا الشاب المسلم .