حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,27 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 26670

عائد بعد الموت .. نرمين وموسكو معا

عائد بعد الموت .. نرمين وموسكو معا

عائد بعد الموت  ..  نرمين وموسكو معا

02-12-2015 05:03 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور ظاهر محمد الزواهرة
أصوات تختلط بين صياح وعويل ، وانفجارات تدوّي بين المنازل التي غدت ركاما ، وأزيز الطائرات في المكان أنغام اعتاد عليها الأطفال الصاعدون إلى الجبل ، ويعرفون أنهم يصعدون إلى الرعاف ، ويصعدون ...
والحاقدون يلقون أطنان القنابل والرصاص على جبالنا ، وجباهنا مثل النخيل ، وإنْ سالتْ دماؤنا ، وإنْ قطّعت أجسادنا فأرواحنا دونهم هي التي تصعد للسماء ، فمعذرة يا دمشقُ ! وستعرف موسكو أنه نور وحقُ !
لنصف الليل تداعبنا الصواريخُ ، وبعد المنتصف تقبلنا الطائرات عشرات القبل ، قف بالعرة ، وأين هي المعرة كي أقف ؟ وأين الخد الذي أمسح ؟ أشجارها جمر حريق ، وترابها ينبع ألغاما كأنه يوم غريق ، ونحن مثل الحصى لا يضمنا فريق !
السماء توقفت ، لم يعد في الجو قنبلة ، والبحر من هناك يرسل شظايا اللهب عبر المسافات ، والأرض ترنحت ، طوفان نوح هذه المرة رمادٌ وانشطارٌ ودمار ، والمنقذون بعد الله قلة ، وقليل من ... الغيور !
ساعة من البحث بين الجثث ، أجساد محروقة ، وأجساد مشوهة تماما ، وأخرى تقطّعت وتناثرت مثل الرماد ، ورابعة تحتاج لمختبر للتعرف على أصحابها ، وأنا هناك !
جاء الطبيب باكيا ، المشهد يقطّع القلبَ ، والدماء كالماء ، لكن دون انتهاء ، وموطن الجمال من الجمال ، حمرة الخد من الدماء ، وحمرة الشفاه ، ولون الأظافر ، ويسألني الطبيب : أأنت أنت ؟ ومن أنت ؟
دعني وشأني ، وانتقل إلى مَنْ هناك ، فجراحهم في القلب ، نزفت دماؤهم ، وهناك ناجية من القصف اللعين ، وهناك تحت انقاض الدمار موسيقى أنين ، وطفلة تبكي وتناجي ربها : الحبّ والحنين ، وامرأة تصيح من هناك : نحن الراحلون ومصائب السنين ، وغادة عاشقة جميلة تسمى نرمين ، تبحث عن قيس ، أناديها ماذا تريدين ؟ قيس يا ليلى في ميادين الرجولة ، وفي جبهة الغار المبين !
ماذا تريدين ؟ تصوير فيلم لكي يقولوا فاتنة خاضت الأدوار من جهة اليمين ؟ أو يقولوا شاعرة تدّعي العشق المقدس في قصيدة أو اثنتين ؟ أو جميلة الوجه تخدع الصادقين في لحظ عين ؟ فليس الجمال بأثواب تزيينا ،،، إنّ الجمال جمال العقل والدين.
ستمضي الأيام يا صغيرتي ، ومن حماقة لحظة ستخرجين ، وستعرفين ما معنى المحبة والحنين ، وتسألين من أنا ؟!
لو سألت الخائضين أمواج المحيط فأنا هناك ، والزارعين فسائل للغد ، فأنا إمام الزارعين ، وتسألين من أنا ؟
لو سألت الساهرين على عشق الكتابة والقلم ، فأنا الذي أقيّد صيدي بالجبال الواثقة ،،، فمن الجهالة أن تصيد غزالة وتتركها بين الخلائق طالقة !
وتسألين من أنا ؟ لو سألت الزائرين منى لأخبروك من أنا ! وأخبروك أن العفاف والطهارة في قلبي هنا !
ولو سألت الشاربين خمورهم على أنغام الفاتنات في وسط السواد أو في الحانات ، فلن تجدي جوابا ! فأنا لست هناك وما ينبغي لي أن أكون !
ولستُ بائع ورد على الرصيف للقادمات من الهباء ، أو الذاهبات إلى المقهى لشرب نفَس يفقد الأنثى معنى أن تكون ، وتسألين من أنا ؟!
أنا الذي عشق لساننا ، وأرضنا جبالها والبحر ، أنا لستُ مغامرا يبحث عن قصة جديدة في العشق والغرام ، ولا صائد نظرة أو من يسلك الدرب الحرام ، فماذا تريدين ؟
أن أعيد عشرات السنين إلى الوراء ؟ لقد كنتُ خارج جيلها ، بل لقد ذمّوني وقالوا : أنتَ لم تعش الحياة !
أو أن أترك كهفي زمن الفتنة ، وأعود إلى سوق النخاسة والكلام ؟ لا ، ولن أكون سوى الذي أحببتُ أن أكون ، ولن أخون عهدي مع الذي خلق الأنام .
فاذهبي ، وطوّفي في البلاد التي أحرقها الذئاب ، ولم تعد البلاد هي البلاد ، وابحثي عن جزيرة للنفي من كل فاتنة وفتنة يخطئ العارف قبل أن يدري أن سفينة نوح لم تعد تتسع للهاربين بدينهم وسط الظلام !
هيا اذهبي وتحسسي قيسا ، فإن الجريمة بعد قيس أن يقال :
ذهب الذين أحبهم ، وبقيت في جزيرة النفي وحيدا ؟؟








طباعة
  • المشاهدات: 26670
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم