07-12-2015 09:58 AM
بقلم : محمـود الشـــيبي
عندما نكث نَـقْـفُـور ملك الروم بالعهد الذي قطعه سـلفه للعرب، وهـدّد هارون الرشيد بالويل والثبور، كتب إليه الرشيد:" بسم الله الرحمن الرحيم – من عبدالله هارون الرشـيـد أمير المؤمنين إلى نـقْـفُـور كلب الروم، أما بعد، فقـد فهمتُ كتابك، وجوابك عندي ما تراه عِـيـاناً لا ما تسْـمعه". وسار الرشـيـد بجيش عرمرم هاجم الروم، وهدم القلاع واستولى على البلدات، وفتـح حاضرتهم هِـرَقْـله.
أما الخليفة المعتصم، فتقول إحدى الروايات أنّ رجلاً قـدِم للمعتصم ناقلاً له حادثةً شاهدها قائلاً: يا أمير المؤمنين، كنتُ بعمورية فرأيتُ امرأة عربية في السوق مهيبةً جليلةً تُسْــحلُ إلى السجن، فصاحت في لـهْفـة: وامعتصماه وامعتصماه. فأرسل المعتصم رسالة إلى أمير عمورية الرومي قائلاً له: من أمير المؤمنين إلى كلب الروم، أخرج المرأة من السجن، وإلاّ أتـيـتُـك بجيش بدايته عندك ونهايته عندي. فلم يستجب الأمير الرومي، وانطلق المعتصم بجيشه إلى عمورية وفتحها، وأخرج المرأة العربية من السجن.
هـذا همُ العرب، وهكذا كنّـا. أما عرب اليوم فيشاهدون اليهود في فلسطين عبر التلفزيون مشاهدة العين، يعيثون فساداً وإفساداً، يقتلون ويدمرون، ويتـفنّـنون في التنكيل بالعـرب . ويعدمون الأطفال والنساء في الميادين دون جريرةٍ فعلوها، والعرب ساهون لاهون، لا تتحرك فيهم مشاعرُ الرشيد، ولا مشاعر المعتصم. هانتْ عليهم نفوسهم فهانوا على العدو اليهودي المحتل. وسنظل نعيش في هوانٍ يتبعه هوان ما دام العرب لا يتحكمون في قرارهم، وما دامت الولايات المتحدة هي صاحبة القرار العربي. ها هي الجيوش الإيرانية تُـدنس عروبة سوريا، وبدأ الفرس بتأسيس دولة شيعية في سوريا بكل الوسائل المتاحة لديهم، والتطهير العرقي أصبح واضحاً لكل ذي عينين. وقـد أفصح حجة الإسلام مـهـدي تـائـب، أحـد المخططين وراء انخراط إيران في سوريا عن المخطط الإيراني في العام 2013 بقوله:" إنّ سوريا هي المحافظة 35 في إيران، وهي ذُخْـرٌ استراتيجي لنـا". وهو بهذا التعبير أراد أنْ يُـحقِّـر العرب بأنْ يجعل سورية بني أمية بتعداد سكانها الذين يربون على ثلاثة وعشرين مليوناً، محافظة صغيرة من محافظات دولة الفرس في إيران. فما بال قومنا ساهون عن خطر يهدد عواصم المشرق العربي كله. وقد أصبحنا بين نارين، نار الفـرس من الشرق، ونار الـيـهـود من الغرب. وعلى نفس الصعيد نجد سلاح الجو الروسي يقتل عرب سوريا ويدمـر مدنهم وقراهم، وتَـحْـرق نيرانهم الأخضر واليابس في سوريا. فما هي قدرة الجيش السوري الحر على الصمود أمام خمسة جيوش غازية، دون دعم حقيقي بسلاح نوعي من العرب؟. أخشى يوماً نجد قوات الفرس الغازية قائمةً على حدودنا الشمالية، ولات حين مَـنْـدم . في سياق متصل، لا أدري كيف يتحكم خمسة ملايين يهودي بقرار مائتين وخمسين مليون عربي. إنّه الهوان والذل الذي استكانت إليه العرب. لـمْ تـقْـوَ اسرائيل وتتسلح بكثرة مال، ولـمْ يضعف العرب ويَـخْـذلـوا جيوشهم بقلـة مال، فما الأمر يا تُـرى؟. اسرائيل تضع المال في مكانه، بنتْ جيشاً واقتصاداً وصناعةً ومراكز بحث علمي، والعرب تذهب أموالهم هـباءً.
نتمنى على دول البترول العربي تسليح الجيش الأردني، ودعم اقتصاد الأردن، لأنّ الأردن أصبح يقف على خط الدفاع الأول عن دول الخليج العربي، وبـه يرمون عدوهم في قادم الأيام. كما نتمنى عليهم، دعم الشعب الفلسطيني في فلسطين بالمال والسلاح، وهو كفيل بتحرير فلسطين ، دون حاجة لأي جيش عربي . فالمقاومة المدعومة مالياً في الداخل الفلسطيني قادرة على كسر شوكة العدو، وتمريغ أنـفـه في التراب، وتحرير الأرض. لكنْ مَـنْ يـسْــمع؟!. ومَـنْ يَـهـنْ يسْـهل الهوانُ علـيـه.