حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 25483

بكفي تعشيق ودز الى الخلف

بكفي تعشيق ودز الى الخلف

بكفي تعشيق ودز الى الخلف

09-12-2015 09:36 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : رائد سليمان العزازمة
ما زالت صاحبة اللون الأخضر تقف أمام بيت الحاج أبو توفيق يعرفها جميع سكان الحي صغيرهم وكبيرهم فقد كبرت معهم وهرمت معهم أيضا أنها سيارة الداتسون 120 واي موديل 1976 تتزين بمسبحة تتدلى من المرآة الوسطية مع سلسلة ذهبية اللون تحمل مجسما للقرآن الكريم. ويمتدد على التابلو غطاء وبري للحماية من أشعة الشمس في لهيب الصيف . ولهذه السيارة من القصص والحكايات ما تجعلني شخصيا استعد كل فصل شتاء من اجل البدء بعملية الدز عندما ينتخي بنا جارنا أبو توفيق حين تعانده سيارته وترفض التشغيل في الأجواء الماطرة والباردة وكأن المشكلة أصبحت لعنة تطاردنا كل شتاء وأحيانا تتكرر في فصل الصيف الحار.

ولنا مع أبو توفيق وسيارته بعض الحكايات الطريفة ففي إحدى السنوات السابقة سمعنا صوت أبو توفيق وهو ينادي طالبا المساعدة التي تعودنا على نوعها ولبينا نداءه على الفور وقمنا بدز (دفع) السيارة إلى آخر الشارع نزولا آملين أن يعمل المحرك .وبعد أن أنهكنا التعب لم تفلح محاولات أبو توفيق في تعشيق السيارة فقمنا بدفعها إلى الخلف طلوعا إلى أن أوصلناها أعلى الشارع من جديد عندها قمنا مرة أخرى بدز السيارة على أمل أن تشتغل ولم نفلح أيضا فطلبنا من الحاج التأكد من وجود البنزين وعند التفحص استدار لنا أبو توفيق متبسما كعادته قائلا:-" إيه والله انه السيارة ما فيها بنزين!!!".

طبعا أدرنا ظهورنا ومضينا دون أن نتكلم او نتذمر او نستنكر فعلاقتنا مع أبو توفيق وسيارته وجدانية لا تحتمل حتى العتاب. وفي إحدى المرات أيضا نادى أبو توفيق علينا فهببنا إلى المساعدة فنحن نعرف أن الموضوع يتعلق بالداتسون وبدأ السيناريو المعتاد لتعشيق السيارة ودون فائدة أيضا وبعد أن نال منا التعب طلبنا من أبو توفيق التأكد من البنزين فأكد انه قد عبأها بثلاث ليرات قبل أيام فسألناه أن يفتح غطاء الماتور وهنا كانت المفاجئة فالبطارية غير موجودة عندها تذكر الحاج أنه قد وضع البطارية عند الكهربجي ليعيد شحنها من جديد فقد مضى على شراءها أكثر من عشر سنوات. وكالمعتاد أدرنا ظهورنا دون أن نتكلم بشيء فالعلاقة كما أسلفت وجدانية لا تحتمل التأفف او التذمر.

وفي مناسبة زفاف أحد شباب الحي أصر أبو توفيق أن يكون في موكب الفاردة وحاولنا إثناءه عن ذلك لكنه رفض ذلك وصمم على الذهاب. وكانت ترافقه الحاجة أم توفيق هذه المرة فلبس الحطة البيضا والعقال وتهندس بالبدلة الكاروهات (ويبدو أنها بدلة زفافه) ووضع نظارته التي عندما انظر فيها أرى عيني أبو توفيق بعيدة جدا وكأنه يفصلني عنها عدة امتار .المهم انطلقت الفاردة بفرح وسرور وكنت أراقب أبو توفيق وهو يحاول منع حطته الخروج من شباك السيارة بسبب الهواء وكيف كانت أم توفيق تحثه على الانتباه إلى القيادة وعدم الانشغال بالحطة وهو يوبخها بسبب تدخلها الغير مشروع في شؤونه وانتقادها لطريقة قيادته للسيارة. وعند أول طلوع حدث ما كان في الحسبان فتعطلت سيارة أبو توفيق وقصرت في الاستمرار في المسير ولولا فضل الله ورعايته لحدثت كارثة لا نعرف كيف كانت ستكون نتائجها. ونزل فارسنا من سيارته بعد أن وضعنا الحجارة خلف الإطارات كي لا تدحل وكعادته كان يبتسم وهو يقول "والله إني كنت عارف انه غير يصير هيك بس شو بدي أساوي ما باليد حيلة".

أدركنا ان الامر خرج عن قدرة وإمكانيات أبو توفيق فقمنا بتامين الحاجة في باص النسوان وصعد أبو توفيق مع احد الجيران وأكملنا الفاردة على قلق واستياء لأننا كنا نعرف أن جر السيارة سيكون على عاتقنا أيضا ولن نستطيع الرفض او حتى الشجب.

حال أبو توفيق وسيارته معنا يشبه حالنا مع حكوماتنا إحنا مثل سيارة أبو توفيق فالحكومة بتعشق فينا وبدها إيانا نشتغل غصب وهي مش عارفة انه خلصنا من البنزين وما معنا بطارية ومع هيك بتعود وتدفعنا للخلف أعلى الطلعة مشان تعشقنا من جديد حتى نشتغل وما زالت مصممة على ذلك وما في حل عندها غير هالتعشيق .

الخبر المليح وبالرغم من العلاقة الوجدانية بين أبو توفيق وبين الداتسون قرر صاحبنا وبعد أن علم برفع رسوم الترخيص الأخير أن يتخلى عن السيارة كي لا يناله من الحب جانب فهو لا يعرف كم ستكون كلفة ترخيص سيارته واختصر الطريق من أولها. وعندما سألناه ليش يا حاج بعد كل هالوقت بدك تترك السيارة قال والابتسامة المعتادة على وجهه :- " بدي اريحكوا وأستريح بكفي وجع راس".
يا ريت يا حكومة تعملوا مثل أبو توفيق وتريحونا وتريحوا حالكوا أحسن إلنا والكوا وللبلد لأنه التعشيق والدفع للخلف سياسة عفا عليها الزمن في ظل متغيرات كثيرة أصبح لا بد معها من التفكير بطريقة تشاركيه إبداعية يتحمل معها الجميع مسؤلياته. لا طريقة تقليدية بيروقراطية تعتمد على قرارات لا تراعي الحالة البائسة التي وصل إليها المواطن التعبان.
والله بكفي تعشيق ودز للخلف يا حكومة.....بككككككفي.








طباعة
  • المشاهدات: 25483
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم