13-12-2015 10:42 AM
بقلم : م. أحمد نضال عوّاد
قصة حقيقية أشخاصها معروفون والمكان ها هنا حيث نقطن وبالأمن غارقون ، ولمن يريد معرفة المزيد فليقرأ ما هو أت ، فربما يجد روعة من الجنون .
وإني في طائرة فارغة الركاب ، إلا أنها ممتلئة بالعلم والعقول ، فيها كتب زاخرة وقراءات تتسم بالفكر والبلاغة والجمال .
أنظر من نافذة الطائرة فأرى البحر صغيراً وهو يحاول التغلب على ارتفاع أمواجه الخافقة .
ثم أنظر فأرى السحاب الأبيض يغطي الأجواء الرقيقة ، فتأتي الغفوة على حين غفلة لأتذكر الماضي الجميل وألحانه المعزوفة على وتر المحبة وعلى احتضان المودة ، فأحلُم ... فأحلُم بحاضر جميل ومستقبل منير وعطاء لا ينقطع مع مرور الأيام التي تمضي كلمح البصر .
وبعدها على حين غفلة أستيقظ لأرى صحراء ذهبية شامخة شموخ الجبال تعلمنا الصبر والقوة وترشدنا إلى التحلي بالبساطة والجمال.
عين تبصر الأشياء ليست كما ترى فقط ، وإنما ترصدها بواقعها المتزين بعظيم الروعة ، وبإحساس الوجود ، وبروعة المكان بعد الغياب !
يا للهول ... ما هذا المنظر العجيب ؟!
قبل لحظات كنا في الصحراء ، وها نحن نرى بنيان شامخ الأركان فيظهر وكأنه قطرة في بحر من المياه .
من علمنا ذلك ؟ ومن سخر لنا هذا السحر وهذه الأدوات ؟
من جعلنا نكتشف أسرار الدنيا وما احتوت ؟
نعم صدقت ... حتماً إنه الخالق .
قادم إلى وطني وحنين الإشتياق يخيّم على عقلي ، فمن القاهرة الجميلة إلى عمان العشيقة .
أنتظر بلهفة لأعانق ثرى وطني ، أنتظر لأبتسم في وجه أهلي وعزوتي وأحبتي ، وقبل كل ذلك إلى ذلك الشرطي الذي سيختم لي ( قادم ) ليحذف بصمة المغادر من جواز السفر الذي يحترمه الجميع في كل البلدان .
نعم ... أنتظر أن أسمع كابتن الطائرة يهنئنا ويقول لنا " نحمد الله على سلامتكم ، نحن الآن في مطار الملكة علياء الدولي "
سأشعر بالراحة يقينا ... كيف لا ؟! وهو موطني وفيه محبتي وكل عشقي .
أحتاج إلى أن أضم سماؤها وثراها وماؤها - رغم قلته - وصحاريها الجميلة و بواديها الرقيقة وأريافها مع قراها البسيطة ، وبنيانها مع تطورها ليختفي التعب الذي في جسدي بسبب البعد عنها ولن أنكر أيضا بسبب قلة النوم أنذاك ... احتضنها لأعطيها قبلة وليست كأي قبلة ، إنها قبلة العاشق بعد الغياب .
تسعة أيام فقط كانت كافية لأدجج بمشاعر الإشتياق في قليي ... هذا هو الحب ، وهذا هو العشق ... وهذا حتما ما يسمى بالهوى !
أعشق تفاصيلها الجميلة ، شجر الزيتون في الأراضي الخصبة ، وشجر السرو على سفوح الجبال ، سحر للعيون ، وأرجوزة من الألحان ، وروعة تلك الأيام التي نقضيها ونحن فرحين في حدائق المحبة والسعادة والوئام .
فما الفكر إلا سؤال !
فلنفرح ونسعد ؛ فنحن هنا نعيش في أمان ... لا أخشى في الحقيقة على شيء سوى على محبوبتي من عبث الحاقدين وما يفعله العابثين !
هاهي الآن تهبط الطائرة ، لا خوف هنا ... لأن أسوأ الاحتمالات أن تسقط الطائرة ... وإذا حدث ذلك فسأكون فوق الثرى الذي أحب .
أرى من النافذة كثبان رملية يفصل بينها ماء قليل ، هذه هي الحياة .
وهناك في الأفق البعيد ، أشجار مخضرة تزين كوكبنا الدري ، ليكون مضيئاً بالجمال في كل آن .
ما أجمل هذا الشعور ، شعور العودة بعد الرحيل والتفاؤل بما هو قادم من المسير .
نعم ... إكمال المسير ، أخاف من المضلين وأعلم أن الأخلاق في المقدمة وأساسها أن تكون معادلة رفق حاضرة حيث تتكون من الرغبة والفرصة والقوة التي تمدنا بالأمان لتنسينا هموم الزمان .
لن أستسلم ، وسأمضي واثقاً بالله ، متيقناُ بأن الجميل سيكون قادم لا محال ، وعدُ من ربي الذي قال " وسيعطيك ربك فترضى " والله لا يخلف الميعاد ، ربي قد أكرمتني بما أعطيتني فاجعلني من الساعين إلى الصلاح والمحبة والتطور والسلام ، والسلام على من اتبع الرحمن .
فالفكر والفكرة متفقون على أن المحبة أساس السلام ، والرغبة أساس التقدم ، والعمل الجاد ونتائجه هو العنوان للوصول إلى الأحلام.
كتبت في الطائرة المتوجهة من القاهرة إلى عمان في 9/12/2015 في رحلة الساعة 12:15pm والتي هبطت مطار الملكة علياء الدولي الساعة 01:30 بقلم : أحمد نضال عواد ( بعد مشاركتي في مؤتمر فكر 14 كممثل عن الشباب الأردني ، وهو مؤتمر سنوي تعقده مؤسسة الفكر العربي وقد عقد هذا العام بالشراكة مع جامعة الدول العربية بالقاهرة تحت عنوان ( التكامل العربي ، تحديات وأفاق ))