13-12-2015 10:44 AM
بقلم : د.عبدالله عامر البركات
ردود الفعل على تصريحات ترامب مرشح الرئاسة الجمهوري الأقوى مريحة للمسلمين رغم تصاعد اعمال الكراهية ضدهم ايضا. فليس من المتوقع ان يكون كل الأمريكان على قلب رجل واحد معاد للكراهية. ولا يقلل من اثر ردود الفعل المستنكرة ان بعضها بل لو أكثرها صدرت لأغراض دعائية او ادبية . بل المهم في الأمر استنتاجان. الأول انه ما زال في العالم شرفاء وان قلوا. وهذا ما قلته في مقال سابق . والثاني ان هذه الردود ستحاصر اعمال الكراهية وتدمغها بالعنصرية وتقوي من عزيمة المسلمين وانصارهم. كما ان رسما كرتونيا نشرته احد الصحف المشهورة يصور ترامب وقد قطع رأس تمثال الحرية الذي كانت اخر كلماته (لقد سكت عن اعملك الغاشمة الى ان جاء دوري ) يمثل قلقا شعبيا و نخبويا حقيقيا في أمريكا.
ولكن الأهم من كل ذلك ان بعض دوافع هذه الردود وخاصة الصادرة عن رجالات السياسة والمفكرين الاستراتيجين ان إعلان العداء الصربح والفج على المسلمين ضرره اكبر من نفعه. فقد فات الفوت وانتهى الأمر واصبح الإسلام جزءاً لا يتجزأ من أوروبا وأمريكا ﻻ يستطيعون الغاءه وﻻ تهجيره وﻻ محاربته. وان خير وسيلة لمقاومته هو ترويضه. ولكن حتى هذه لم تعد ممكنة كما يشتهي الغرب. فقد تنبه المسلمون لهذا الكيد. ولن يمر ولن يمرروه.
ولكن ذلك ﻻ ينبغي ان يفهم منه ان المسلمين معفون من اي عمل. وما عليهم الا انتظار النصر. على المسلمين اليوم عامة وعلى مفكريهم خاصة ان يعيدوا قراءتهم للقرآن الكريم والسنة المطهرة بمنظور جديد. شعاره التعايش مع الآخر طالما ان الآخر يعطيهم حرية العبادة وحرية الدعوة. يجب ان تختلف مهام المسلم في الغرب اليوم. فهي ليست غزو نيويورك وﻻ باريس بطائرات و بمفرقعات ( ان فعلوها اصلا ). بل عليهم ان يضعوا لهم شعارات جديدة كانت هي ما اعلنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لكفار قريش: خلوا بيني وبين الناس. اي اتركوني أدعوا.
هذا ما كان قائما في الغرب وما كان سيحقق للإسلام الفوز الكاسح الى ان تنبه له أعداء الإسلام فأغروا بعض المتهورين من المسلمين ببعض الالعمال العنيفة ليبرروا اعلان الحرب على هذا الدين. وستعود الفرصة ثانية للمسلمين لينشروا رسالتهم بكل يسر وسلاسة.
وحتى لو ضيق الأمر على المسلمين في الدعوة في هذه الايام فعليهم الصبر. ولقد قلت في مقال سابق ان مسلمي الغرب يسعهم ما وسع مهاجرة الحبشة. فلم يكلفهم النبي صلى الله عليه وسلم وﻻ بشيء حتى وﻻ بالدعوة. واكرر ما اعتقده ان الدعوة الإسلامية مرت بثلاث مراحل هي المرحلة المكية والمرحلة المدنية وبينهما واثناءهما المرحلة الحبشية. وقد يغيب عن الأذهان ان مهاجري الحبشة لم يعودوا الى المدينة حال قيام دولة اااسلام فيها. وان جعفر بن ابي طالب رضي الله عنه لم يعد من الحبشة الا في السنة السابعة للهجرة وهي سنة فتح خبير. وقال النبي صلى الله عليه وسلم ﻻ ادري هل افرح بعودة جعفر ام بفتح خيبر. ولم يذكر لنا رواة الحديث ان جعفر اخبر النبي انه كان خلال تلك الفترة يدعو الأحباش للإسلام وﻻ يغير على كنائسهم وبقتل متسوقيهم. ولا ينكر على رواد حاناتهم.