19-12-2015 10:07 AM
بقلم :
الإنسان ليس وحيدا” في هذا الكون ليعيش كما يحلو له ، والإنسان لم يخلق هذا الكون ليعبث فيه كما يشاء ، فحقا” على المخلوق أن ينصاع لتوجيهات وارشادات خالقه وخالق الكون كله ...
وكما التزمت المخلوقات الأخرى بما حدده لها خالقها من مسارات وطريقة حياة ؛ فلا بد للإنسان العاقل الذي ملك الإرادة بإن يلتزم بالمنهاج الذي خطه له خالقه ، ليمضي في حياته بحسب رؤية خالقة وليس بحسب رؤيته وهواه ، وليكون مصلحا للكون لا مفسدا” وعابثا” فيه ...
ولو افترضنا وجود التوافق التام بين الأهواء البشرية وبين الأوامر الربانية ، فعندها لن يكون للاختبار الإلهي للإنسان أية قيمة أو معنى ؛ فاختبار الخالق للإنسان أخذ معناه من تقييده لرغبات وأهواء الإنسان كي تتماشى مع رؤية ورغبة خالقه ؛ ولتتوافق مع المصلحة الكلية للمنظومة الكونية .
والإنسان الذي يضبط أهوائه ورغباته وحياته لتتناسق مع منظومة الكون وفق رؤية واردة الخالق ، فسيكافه ربه بجنة عرضها كعرض السموات والأرض ، وأما الإنسان الذي يتمرد على رؤية وارادة خالقه ، ويتبع وساوس الشيطان ويعيش وفقا” للأهواءه والرغبات ؛ فسيعاقبه ربه بالعذاب الأليم والشديد بوم القيامة .
ومن يكذب بالرسالات السماويه ولا يؤمن بكتب الله ، فجزاؤه الخزي والنار والسعير يوم القيامة ؛ وعندها سيندم الكفار وأهل النار ، وسيسوقون لربهم كل التبريرات والأعذار ، ولكن الله لن يلتفت اليهم ولن يستمع لأعذارهم ؛ فرسل الله جاءتهم وحذرتهم من اتباع النفس والهوى الشيطان ، وبينت لهم حقيقة الدنيا الفانية وحقيقة الموت والحياة ، وأمرتهم بالإلتزام بصىراط الله المبين ، وحذرتهم من عاقبة عصيانهم لله تعالى ، ولكنهم استكبروا وفتنتهم متع الدنيا الزائلة وغرهم طول الأمل ، وأصروا على الكفر ودواموا على فعل الآثام والمنكرات ، ولم يبالوا بكل التحذيرات ، واستخفوا بالعذاب الأليم والمهين والذي أعده الله للكافرين ...
فالكتب السماوية موجودة بين أيدي الناس ومن قديم الزمان ؛ وهذا القرآن العظيم موجود ويذكر الناس بربهم وبتعاليم دينهم ، ويبين لهم حقيقة الوجود والموت والحياة ، ويدعوهم لعبادة الله وللإلتزام بالأوامر وبالشرائع الربانية ... وهذا القرآن هو الدليل للتائهين والمرشد للباحثثن عن دروب النجاة ، وهو كتاب رب العالمين المحفوظ من تحريفات وألاعيب البشر ، وهو المكمل لكل الكتب السماوية التي سبقت الإسلام كالزبور والإنجيل والتواره ...
فتذكروا ؛ أيها الناس ؛ أنكم لم تخلقوا عبثا” ولهوا” ، وتذكروا أنكم اليوم في اختبار من ربكم ، وما دامت الأرواح في أجسادكم ففرصة التوبة والرجوع إلى الله مفتوحة أمامكم ، قال تعالى : َ(ففِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِين ) . صدق الله العظيم
فروا إلى الله الذي غمركم بنعمه الظاهرة والباطنة ، فروا إلى الله الذي سخر لكم كل مخلوقاته ؛ ولا تغرنكم الدنيا الفانية الزائلة كما غرت أمما من قبلكم ، ولا يغرنكم بالله الغرور ؛ فالطريق أمامكم مهول ، وعمركم في هذه الدنيا قصير ، وحسابكم في الآخرة عسير ؛ فصبروا أنفسكم على طاعة الله ، وعودوا قلوبكم على حب الله ، ولا تتبعوا خطوات الشيطان فتهلكوا ؛ واتبعوا الحق المبين الذي نادى به كل المرسلين ؛ واستمسكوا بالقرآن العظيم وبهدي النبي الهاشمي الأمين ، فالموت أسرع مما تتخيلون ، وخط النهاية أقرب مما تظنون ، فقد يباغتكم الموت فجأة وأنتم غافلون ، وعندها ستتحسروا أنفسكم وأهليكم ، وستندمون حيث لا ينفع الندم ؛ وذلك هو الخسران المبين : قال تعالى : ( أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَـحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِى جَنْبِ اللهِ وَإِن كُنْتُ لَمِنَ السَّـخِرِين ) . صدق الله العظيم .