20-12-2015 11:38 AM
بقلم : تمارا الدراوشه
عندما نتحدث عن مسؤول او نستمع لحديث المسؤول، أياً كان موقع المسؤولية الذي يَشغله، فإننا ننظر الى جانبٍ واحد فقط ، وهو جانب النقد والإنتقاد ولا بأس، فكما قالوا دائماً (عين الناقد بصيرة).
ما أُريد أن اتحدث عنه هنا، هو الجانب الإنساني لأحد المسؤولين، والذي يتقلد حالياً موقعاً مهماً أعانه الله على حمل مسؤولياته، الجانب الإنساني هو أن هذا المسؤول وصاحب المعالي، صَدَف أن تعرضت والدته المُسنًة الى وعكةٍ صحية شديدة، مما دعا إلى إدخالها أحد المستشفيات الحكومية، والتي تقع في الأطراف، وهذا المستشفى قريب من مكان عمل وإقامة هذا المسؤول (شفى الله والدته وكل مريض).
وبالرغم من البِطانة والحاشية التي تُحيط به، إلا أنه رفض أن يتدخل أحد في خدمة والدته، فكان هو من يقوم على خدمتها، وبشكل ترى فيه عمق العلاقة بين الإبن وأمه، وأضيف أنه كان وهي على سرير الشفاء، يُقبل يديًها ويُقبل قدميًها وهو يبكي حزناً على الحالة التي اصابت والدته، ويدعو لها وهو يحاول أن يخفي دموعه، مما يجعلك ترى صدق رضى الوالدين ومعنى أن الجنة تحت اقدام الأمهات.
هذا جزء من المشهد الإنساني الذي شاهدته صدفة وأنا ازور صديقة لي ترقد على سرير الشفاء ، في ذات المستشفى وبنفس القسم، وهذا ما دفعني إلى أن اقترب من هذا الإبن الستيني الذي يُقبل أقدام والدته التسعينية، وبعد أن قمت بزيارة والدته وتمنيت لها الشفاء العاجل، إقتربت من هذا الإبن البار الذي لا يرى الكثيرين من شخصيته إلا الجانب الرسمي، والذي يسعى من خلاله إلى تطبيق التعليمات وتنفيذ القوانين، في حين يرى فيه بعض الأشخاص أن هذه التعليمات وهذه القوانين تضر بمصالحهم الشخصية فيسعوا الى إغتيال الشخصية.
المهم سألته مُباشرة وقلت له، معاليك لم اتوقع أن ارى يوماً الجانب الحقيقي لشخصيتك ولم اتوقع مدى صدق ونُبل ورقة هذا الجانب، الذي لم تمحوه السنين، او تطغى عليه المناصب التي تقلدتها في مسيرتك السياسية.
فأجابني والدموع في عينيه رغم محاولته إخفاءها، يا إبنتي هذه ليست والدتي فحسب بل هي صديقتي، فأنا صحوت على هذه الدنيا ولم أرى سواها بعد وفاة والدي رحمه الله وأنا صغير، فأصرًت والدتي على رعايتي رعايةً تحملت خلالها كل وجع السنين، فرافقتني في غربتي للدراسة، ورافقتني في كل مكان كُنت اذهب اليه، حتى اصبحنا شخصين بروحٍ واحدة، فأصبحت هي والدتي وصديقتي ورفيقة دربي، فأنا وهي يجمعنا سقفٌ واحد دائماً وابداً.
لم اجد ما أرُد عليه سوى أنني قُلت له كم تمنيت أن يرى الجميع هذا الجانب المُشرق من حياة معاليك، وأن لا يعتقد الأخرين أن المسؤول شخصٌ قادم من الفضاء، بلا مشاعر او إنسانية، فهو إنسان أولآ وآخراً، لكن أن تكون باراً بوالدتك إلى هذا الحد، في الوقت الذي تمتلك فيه وحولك كل مُغريات الحياة الزائلة، فهذا ما لا يتوقعه أحد.
أخيراً فكما نحن ننقد المسؤول وننتقده، ونركز على ما يُزعجنا من شخصيته، ارى أنه من العدل أن ننقُل الجانب الإنساني من شخصيته عندما نراه ، فهذا جزءٌ بسيط من مشهد لم استطع إلا أن اكتب عنه، لأن باقي المشهد هو تصرفات من إبنٍ بار حقاً بوالدته، تعجزُ كل الكلمات عن وصفه.
(اللهم إشف كل مريض )