21-12-2015 09:56 AM
سرايا - سرايا - يختزن كتاب (مخرج على الطريق) الذي جاءت موضوعاته مستلة من ارشيف كتابات المخرج الموزعة في صحف ودوريات مصرية وعربية، جوانب جديدة غير مألوفة في الثقافة السينمائية العربية وما تعج به من رؤى وافكار وذكريات وشهادات على وقائع في العمل السينمائي.
رغب المخرج خان في هذا الكتاب الصادر حديثا ضمن منشورات خان كتب بالقاهرة تسجيل الكثير من تلك الموضوعات تحت عناوين نابهة، مثلما تتسم بالحيوية والجرأة، التي من النادر العثور على لقيات منها في خريطة أدبيات النقد السينمائي العربي، فالكثير من النقاد ركنوا مثل تلك الموضوعات والقضايا والاسئلة التي طرحها خان بقلمه الى زاوية بعيدة عن اهتماماتهم واستبدلوها بتلك التقييمات المتباينة لهذا الفيلم او ذاك، او استعراض تجارب مديدة في اشتغالات الكثير من المخرجين او البحث في مسيرة نجوم الادوار الرئيسة بالافلام.
لكن خيار محمد خان بوصفه مخرجا يعيد بقلمه تجاربه في ادارة ممثليه وعلاقته الحياتية معهم وكانه في معايشة حقيقية ويوصف الكثير من المحطات والمواقف والخصال والتمايز بينهم في نظرتهم الى صناعة الفيلم السينمائي.
لا شك ان اهمية الكتاب كونه يأتي من مخرج مخضرم له قامة بديعة في دنيا الاطياف، وقدم منذ عمله الاول اساليب جديدة اثرت السينما المصرية والعربية عموما بمفردات من اللغة الجمالية والدرامية وهو ما جعلها تظل عالقة في ذاكرة عشاق السينما.
صفحات الكتاب تنبش في الذاكرة وتعيد احياء ما ظل منها في دائرة النسيان والتهميش امام تغول تلك الكتابات التي تهتم بصور واخبار ووقائع وعلاقات في حياة نجوم ونجمات الشاشة بمنأى عن طرح اسئلة اشتغالات الابداع السينمائي وهمومه وطموحاته.
وتكمن اهمية الكتاب انه يكشف عن جوانب من صعود وهبوط قامات وتيارات سينمائية كانت مبشرة ثم تفاوتت مستوياتها بحكم ما عايشته مصر من تحولات على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي منذ فترة عقد الستينيات من القرن الفائت وصولا الى عتبة القرن الحالي وعلى وجه الخصوص تسليطه الضوء على مسألة الإنتاج السينمائي المستقل وأزماته.
كما ان قلم المخرج محمد خان من ناحية اخرى، نجح في تصوير مناخات التحول السياسي بالمجتمع المصري في اكثر من حقبة، خاصة وانه يعتبر في ريادة تيار ما اصطلح على تسميته (سينما الواقعية الجديدة)، أي ذلك التيار الذي ولد أوائل سنوات الثمانين من القرن العشرين وريثاً لسائر التيارات السائدة في السينما المصرية.
يشار الى ان المخرج خان الذي تعدى العقد السابع من عمره المديد درس الفن السينمائي في لندن وعاد الى مصر وحقق فيها جملة من الافلام الرفيعة المستوى والتي تعلي من الانسان المهمش والبسيط، كما اتسمت عوالمه السينمائية بنظرتها الحانية الودودوة تجاه تلك الشرائح الاجتماعية التي تخوض في قسوة الواقع من اجل الحياة، وهو غالبا ما صور افلامه بعيدا عن الاستوديوهات بل كانت الطرق والساحات وبيوت الفلاحين في القرى والمصانع وايضا في المناطق النائية والمهمشة تاخذ الحيز الواسع من الفيلم.
من بين ابرز افلام محمد خان هناك: (ضربة شمس)، (خرج ولم يعد)، (في شقة مصر الجديدة)، (بنات وسط البلد)، (الحريف)، (احلام هند وكاميليا)، (مشوار عمر)، (نصف ارنب)، (فتاة المصنع) واحدث افلامه (قبل زحمة صيف).