حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 30806

يهودية مخلصة .. رواية جديدة للموشي

يهودية مخلصة .. رواية جديدة للموشي

يهودية مخلصة ..  رواية جديدة للموشي

21-12-2015 10:03 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - من السخف أن يقرأ أحدٌ هذه الرواية لسالمة الموشي أو يكتب عنها وهو جالس إلى طاولة، أو متمدد على فراش وثير، بل من السخف حتى أن يفعل ذلك فـي البيوت المغلقة كلها، لأنها نمط من الكتابات التي تحتاج إلى طقوس بريّة لقراءتها والكتابة عنها، وهي طقوس لا يمكن أن تتحقق إلّا فـي غابة مفتوحة على الرقص البدائي، والدوران حول الحطب المضطرم باللهب.
فـي هذه الرواية (الغابة) الصادرة عن دار أزمنة بعمان، كما يقول الكاتب الأردني باسل طلوزي تشتبك جذور التاريخ بأغصان الحاضر عبر شخصيتين محوريتين (مجد) و(هوشع)، فـي رحلة البحث عن حيّز ذاتي فـي عالم مزدحم، حيث تسعى الكاتبة سالمة الموشي إلى إثبات أن تهميش المرأة تاريخ متكرر تآلبت فـي صنعه منظومة هلامية، غير أنها، أي الكاتبة، تبرهن أيضاً أن بوسع المرأة أن تنتزع حريتها فـي فضاءات روحية أخرى، أبعد من الكرة الأرضية بكل مادياتها.
بيد أن رقصة (زوربا) الحقيقية التي تُحسب للمتمردة الموشي، إنما تتمثل بتحطيم كل مفاهيمنا المغلوطة عن (اليُتْم)، فهي وإنْ كانت أسبغت نمطًا من الكلاسيكية على الميتم الذي عاشت فـي أجوائه (هوشع)، غير أن القارئ سرعان ما يكتشف أن اليتم لا يعني بحال من الأحوال فقدان الآباء والأمهات، بقدر ما هو فقدان الحرية ذاتها، وفـي هذه الحالة سنكتشف أننا جميعًا نعيش فـي ميتم حقيقي كبير؛ لأننا ببساطة لم نزل نفتقد أمنا الأولى.
(يهودية مُخلّصة) بحسب ما وزع الناشر على وسائل الإعلام، هي رحلة بحث عن خلاص روحي عبر عذابات الجسد، وكأن الكاتبة تود أن تقول إن العبودية هي عبودية الروح لا الجسد، فإنْ تحررت الروح تحرر صاحبها حتى ولو كان فـي حضيض العبودية، أما الرحلة ذاتها فتبدأ بولادة الكاتبة لشخصياتها وليس بكتابتها، وهي ولادة قيصرية إلى أقصى حدود العذاب، وكل شخصية تلد أنثاها التي تحاول عبرها أن تحقق خلاصها الروحي من خلال المرور بمشاق الألم الإنساني العظيم وظلمته السادرة؛ فسالمة تلد مجد، ومجد تلد هوشع، ثم تعود الولادة عكسيًا لنصل إلى الراوية ذاتها، مع ما يصاحب ذلك من أحداث تضع هامش المرأة فـي بؤرة الحدث.
ويختتم الكاتب طلوزي، مأزومة هذه الكاتبة بالحرية، ولا تتورع عن تحطيم أصنام معبد التخلّف، واحدًا تلو الآخر، بفأسها الصغيرة، ليس على غفلة منا هذه المرة، بل أمام أعيننا، بجرأة نادراً ما نعهدها من امرأة تمردت على شروط الجسد، ثم صعدت بروحها لتعلّق الفأس على أعناقنا نحن يتامى الحرية، صارخة فـي وجوهنا جميعًا: «أنا مَن فعلتها.. وسألقي بنفسي إلى نار لن تكون بردًا وسلامًا إلّا حين تتحقق الحرية».








طباعة
  • المشاهدات: 30806

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم