24-12-2015 11:37 AM
بقلم : د عودة ابو درويش
لغة الضاد التي يتحدّث بها ملايين العرب , ويقرأ القرآن الكريم المكتوب بها أكثر من مليار مسلم , احتاجت في كلّ بلد من البلدان العربية الى قانون لحمايتها , ليس لأنها لغة قابلة للانقراض , وهذا مستحيل , ولكن لأن مفرداتها أصبحت , وبفعل ابناءها الناطقين بها , تدخل عليها كلمات ومصطلحات غريبة عنها , من لغات أخرى بعضها أقل شأنا منها , واًصبح استخدام الناس لها , يدخل فيه اعوجاج عن الأصل , بفعل اللهجات المحليّة المحكيّة , وبفعل ترسبات لغات الاستعمار الاجنبي في بعض الدول , التي كانت لغات المستعمرين فيها رئيسية , ولتهاون الحكومات المتعاقبة في كلّ الدول العربية في انفاذ قوانين مقرّة سابقا , وسن قوانين جديدة لتمكين اللغة من السيادة .
قانون حماية اللغة العربية , والذي كان يجب أن يقّر منذ تسعينيات القرن الماضي , والذي فيه مواد كثيرة , تحاول من خلالها السلطة التنفيذية أن تسلّط الضوء على مكامن الخطر الذي يواجه اللغة العربية , وابرزها , عدم تمكّن المدرسيّن في المدارس الاساسية والثانوية من لغتهم الأم وأخطائهم الكثيرة في تعليم الطلاّب الاملاء والنحو والصرف والقواعد وغيرها , وحسنا فعل مجمع اللغة العربية , بتقديم قانون امتحان الكفاية في اللغة للحكومة التي اقرّته , للمتقدمين للعمل في وظيفة معلم , ولأعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات , اللذين لا يجيد بعضهم استخدام اللغة لإيصال المعلومة الصحيحة لطلبة الجامعة , اللذين يتخرّجون ايضا , وبعضهم يذهب للتدريس في المدارس , وهم فاقدين للقدرة على التعليم باللغة العربية ولا يتمكّنون من تأسيس الطلبة تأسيسا صحيحا في استخدام اللغة , وجميع دول العالم المتقدّمة تدرّس العلوم كلّها بلغتها الام , وتستعين بلغات اخرى لبعض المفاهيم , والدول المتخلّفة تدرسّها بلغات اجنبية , والانسان يفهم أكثر بلغته التي يتحدّث ويقرأ بها .
ولكن , كيف سيستطيع القانون من النفاذ , اذا كان من بنوده أنّ المؤسسات التجارية والمالية والسياحية وغيرها , يجب أن تكون اسماءها باللغة العربية , ونحن نرى ازديادا ملحوظا في استخدام اللغات الاجنبية على اليافطات التعريفية للمحلاّت المختلفة , وبها تكتب كلّ حروف الكلمات على الآرمات , واصحاب هذه المحلاّت يعتبرون أنّ استخدام اسم أجنبي , يجذب الزبائن أكثر , والاسماء العربية تنفّرهم منها , و كيف سيتمكن القانون من الزام القائمين على المؤتمرات والندوات أن تكون باللغة العربية , أو أن يلتزم مذيعي ومقدمي البرامج التلفزيونية والاذاعية بالألقاء بها , أو الوزراء بالتحدّث بها عند استقبالهم لوفود أجنبية , داخل الاردن على الأقل .
ومع انّ الغرامة التي اقرّها القانون على من يخالف بنود قانون حماية اللغة , تصل الى ثلاثة آلاف دينار , الاّ انني أعتقد بصعوبة تطبيقها , الاّ على نطاق ضيّق لعدم تجاوب المؤسسات المعنية والمواطنين مع جعل لغتهم لغة ذات سيادة , وعدم تقديرهم للّغة التي وسعت كتاب الله كلمات وآيات , وحروفها كافية لاستيعاب كلّ كلمات العلوم المختلفة .