26-12-2015 10:28 AM
سرايا - سرايا - «وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ»
«وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ
الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ»
«لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ
وَالعَرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي»
«وَالمُنتَهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَحَديقَةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا»
«بِالتُرجُمانِ شَذِيَّةٌ غَنّاءُ
وَالوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلًا مِن سَلسَلٍ»
«وَاللَوحُ وَالقَلَمُ البَديعُ رُواءُ
نُظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ»
«في اللَوحِ وَاسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
اسمُ الجَلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ»
«أَلِفٌ هُنالِكَ وَاسمُ طَهَ الباءُ».
أبيات أمير الشعراء أحمد شوقي من قصيدته «ولد الهدى» تشكّل مدخلاً لا يخلو من دلالات حول موضوع تفاعل الآداب والفنون مع المناسبات والأعياد الدينية، وفي مقدمتها المولد النبوي الشريف الذي صادف أمس، وعيد الميلاد المجيد الذي صادف أول من أمس.
هذا التعانق بين مناسبتين ديانيتين، يفتح واسعاً، باب المعنى، ويعيد تجديد قيم التسامح والمحبة بين أتباع الديانات السماوية، وفي بلدنا على وجه الخصوص فإن الحديث يتحدد بالتسامح المدهش الخلاق بين المسلمين والمسيحيين.
الشاعر خليل حمام آثر أن يأتي شكل تفاعله مع الموضوع من خلال هذه الأبيات التي جاءت بنت لحظتها:
«ميلاد أحمدَ والمسيح..
والفرح والأجراس والحب الفصيح
هل ممكن أن تجمع الدنيا بأكملها
بأوطان وعاشقها جريح؟!
يا سادتي أعوامنا زمن يدور
ولكن هذا العام جاء لنستريح».
حول خصوصية الموسيقى المحملة بعداً دينياً وروحياً يقول المخرج خالد الطريفي: إن « الترتيل تحمل جماليات فنية موسيقية خاصة.. فالتقوى توحد حولها الجميع.. التعارف ثقافة وقيمة ومعنى.. الشمس التي خلقها الله تشرق على المسجد والكنيسة والمعبد وعلى خلق الله قاطبة».
الفنان د. أيمن تيسير عميد كلية فنون وتصميم الجامعة الأردنية يرى، وهو صاحب تجربة بالغناء الصوفي وكان يقيم له مهرجاناً سنوياً، أن أهمية هذا النوع من الغناء الروحاني أنه «يحض على المحبة والتسامح وبالتالي فإن تعزيزه ودعمه يعد شكلاً من أشكال مواجهة الإرهاب، وتجفيف منابعه».
الفنان والناقد والأكاديمي د. مازن عصفور أستاذ النقد الفني والجمال في الجامعة الأردنية يقول: «حظي موضوع الأعياد الدينية والروحية بمساحة واسعة في الفن التشكيلي الأوروبي والفن البيزنطي.. فكرة الهالة السحرية للدين تجسدت في رموز جمالية في أيقوناتهم، وتبلورت على شكل دلالات رمزية بالفرح والبهجة خاصة عندما يوضع القرص الذهبي المتوهج باللون ليشير للإيمان والمحبة والسلام، وتشاركها الزخارف الهندسية بأنوار مشرقة فوق سطع الأعمال الفنية والأيقونات.. تعبيراً عن الفرح والسكون والخير والمنفعة والجمال. كما أشار الباحث الجمالي بانوفسكي الذي اشتهر بتحليل رموز الأيقونات البيزنطية وغيرها».
المخرج المسرحي والناقد والأكاديمي د. عمر نقرش يرى أن الخطاب الفني على وجه الخصوص تعامل مع البعد الديني بوصفه جزءاً من «المنظومة الحياتية والاجتماعية، مركزاً على الجانب المتعلق بالسلوكيات الإيجابية والمفاهيم المثالية، والانتصار لقيم الحق والخير والسلام».
نقرش يذهب في السياق ذاته إلى أن الفنان بطبعه يتعامل مع الديانات السماوية كمصدر واحد لكل قيم الحق والخير والجمال، ويحاول دائماً أن يحقق المعادلة الوسطية التي تحكم النظم الاجتماعية في الواقع المعاش».
«التعامل مع الدين»، يجري عند الفنانين، بحسب نقرش، كفكرة «وجودية ببعدها الأسطوري والطقسي، من خلال توظيف الطقوس الدينية والموسيقى الطقسية (الصوفية)، لتحقيق أبعاد جمالية في العرض المسرحي أو في العمل الفني عموماً، ومثال ذلك الموسيقى الصوفية».