27-12-2015 04:53 PM
بقلم :
يقول رب العالمين في قرآنه العظيم : الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور . (صدق الله العظيم ) ؛ فالموت والحياة مخلوقان قدرهما الله على كل الكائنات الحية ومنها الإنسان ...
والحياة الدنيا هي ضفة النهر الأولى التي يرتع فيها الإنسان لبعض الوقت ؛ والإنسان مهدد بالإنتقال إلى الضفة الأخرى لهذا النهر وفي كل لحظة ؛ لذلك فإن الإنسان العاقل والفطن يبادر بقذف كل ما يحتاجه من زاد ومتاع وأحمال وأموال ومدخرات لنكون أمامه وعلى الضفة الأخرى من النهر ، أما الجاهل والسفيه فإنه لا يحسب حسابا” لهذه اللحظة الحتمية القادمة لكل البشر ، ويترك زاده ومتاعه وأحماله وأمواله وكل ما سيحتاجه خلفه ، وبعد إن يحمله ملك الموت إلى الضفة الأخرى من النهر يفيق لنفسه ، ويصحو من غفلته ومن سكرته ثم ينادي من حوله : أين هو زادي ومتاعي وأين هي أموالي وأملاكي و... ويتذكر بأنها لا زالت وراءه ؛ ويتوسل إلى ربه ليعيده إلى الضفة الأولى من النهر ليقذف بها أمامه ولتكون معه والى جانبه ، ولكن الله لن يكترث لقوله ولا لتوسلاته ورجاءه ... يقول تعالى : حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ . ( صدق الله العظيم ) . ..
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ؟ » قالوا : يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه ، قال صلى الله عليه وسلم : « فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر » . ويروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : يَقُولُ ابْنُ آدَمَ : مَالِي مَالِي ، وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ .
وذات يوم ذبح النبي صلى الله عليه وسلم شاة ، فقامت عائشة رضي الله عنها فتصدقت بها كلها ، ولم تُبقِ إلا الكتف ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب الكتف والذارع ، فقال عليه الصلاة والسلام : « ما صنعت بالشاة ؟ » قالت : ذهبت كلها إلا الكتف ، فقال عليه الصلاة والسلام : « لا . قولي : بقيت كلها إلا كتفها » .
وأنت اليوم أيها الإنسان لا زلت على ضفة النهر الأولى والفرصة سانحة أمامك ؛ فأجتهد في الخيرات ، وانفق أموالك في سبيل الله ، وتصدق بشيء من زادك وبعض من أحمالك ومتاعك لكي تجدها أضعافا” مضاعفة” أمامك ، فتكون عونك ومغيثك وزادك ... ( يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم ) .
يقول الله تعالى : مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون . ( صدق الله العظيم ) .