بقلم : الاعلامي عصام العمري

حين كان جلالة الملك في استوديو اذاعة الأمن العام في أول لحظات بثها وكنت اشرح له عمل الاذاعة القادم وفكرتها ورسالتها والهدف والغاية منها وبعد ان انتهيت من حديثي سألني جلالة الملك وما الخطوة التالية فأجبته : التلفزيون ، فابتسم وصافحنا وغادر الاستوديو !!!
الفكرة رائعة وكنت اعددت دراسةً كاملة لنواة محطة فضائية أمنية عربية مركزها الأردن ولكن بعدما انتقل الفريق اول المرحوم محمد ماجد العيطان الى رحمة الله بات المشروع مجرد فكرة كانت في الماضي وحتى الاذاعة بدأت ضدها تحركات من داخل جهاز الأمن العام للحد من انتشارها ولا سيما أنها أخذت خطاً واضحاً للعمل وفق مصلحة المواطن اولاً وليس جهازاً اعلاميا ترويجيا فقط والتستر على الأخطاء والتجاوزات وجوبهت الاذاعة وعلى اعلى مستوى حرباً استهدفني انا اولاً وبشكل شخصي واراد البعض منها أن تكون ملجئاً وملاذاً لكل طالب وظيفة ممن يملكون خبرات أو بدون ووقفت بصلابة ومنعت ذلك وحين قدمت استقالتي لم اضطر لكتابتها إذ كان المسئول يحتفظ بواحدة قديمة لدية فاعتمدها فوراً وكأنهم كانوا ينتظرون هذه اللحظة !!!
في اليوم التالي لمغادرتي موقعي مديراً ومذيعاً رئيسيا لإذاعة الأمن العام كان عدد من الزملاء من مؤسسة الاذاعة والتلفزيون وممن كنت ارفض عملهم منهاً للازدواجية او لأسباب اخرى بالاضافة الى عدد آخر كان بالانتظار ، فتم تعبئة المحطة بعدد زائد لم تكن بحاجته مطلقاً بل كان العدد الذي يعمل معي فيه زيادة بهدف الغربلة بالنهاية كما كانت الخطة واختيار الأنسب والأفضل للاستمرار بالمحطة لتظل كما هي !!!!

التلفزيون الامني او المحطة التلفزيونية او الفضائية فكرة جميلة وتخدم المجتمع ولكن اذا كانت وفق نهج علمي وعملي ومتجدد وغير نمطي مكرور لإعلام محلي غير قادر على الخروج من المحلية وغير مجدِد ولا هادف وبدون رؤية واضحة واذا كانت المحطة الجديدة ستكون كما هو موجود الآن فخسارة ان يضيع الجهد والمال على مشروع سيفشل ويلتحق بمشاريع تبحث عن ممولين ومشغلين وبدون فائدة !!!
واذا كانت الكلفة التشغيلية لا تشكل لدى الأمن العام اية مشكلة تبقى هناك مشكلة حقيقية وهي من سيقوم بتقديم المحتوى الاعلامي الأمني ؟؟؟
هل هم نفس العاملين بالاذاعة وانا رأيي كخبير واعلامي متخصص ومدير اول اذاعة امنية عربية او حتى عالمية فأقول هذا غير ممكن ويحتاج التلفزيون فريقاً متخصصاً وتدريباً طويلاً عميقاً لانجاز المشروع !!!
أما اذا كان الأمن العام سيعتمد على المتوفر حالياً في السوق من الزملاء مع احترامي لهم من العاملين بالتلفزيون الاردني او المحطات الخاصة فهذه مصيبة لسببين :
اولاً - هؤلاء سيعملون مع الامن العام بالتعاون بالاضافة لعملهم وهذا لن يحقق الهدف ، والامن العام لا يستطيع تحمل رواتبهم اذا تفرغوا للعمل به فقط وحتى لو استطاع فسيكون تكرار لحضور هؤلاء على اكثر من شاشة وهذا ليس اعلاماً ولم يحصل أن يعمل مقدم برامج في اكثر من محطة واذا حصل فهو دليل ضعف وليس قوة لأي من المحطات !!!
ثانياً - ليس هناك اعلاميون متخصصون بالإعلام الامني من معدي برامج ومقدمين وحتى فنيين وتقنيين واذا كانت النية الاعتماد على المتوفر حالياً بالسوق هذا ايضاً ترقيع ولا يؤدي الرسالة لهدف نبيل وكبير !!!

انصح عطوفة الأخ مدير الأمن العام التريث وبناء المشروع بتأنٍ بالغ ودراية لكل تبعات المشروع من ايجابيات وسلبيات والا فيكون الامر سلقاً وتضييعاً للجهد والمال ولا ينتفع به سوى بعض المتنفعين والمتسلقين والوطن ليس بحاجة الى عمالة راكدة مقنعة غير مفيدة بل الى عاملين حقيقيين فاعلين ومجددين مبتكرين !