بقلم :
يذكر أن احد أصحاب محلات بيع المشروبات الحامية والباردة والبوظة استأجر احد الفتيان العاطلين عن العمل باجرة يومية مقدارها ثلاثة دنانير مشترطا عليه الدوام من الساعة السابعة صباحا وحتى الساعة العاشرة ليلا وسمح له خلال نهار العمل بشرب عددا قليلا - اتفقوا عليه - من المشروبات الساخنة والباردة وتناول عددا محدودا من حبات البوظة وفي نهاية الاتفاق الذي قبل به الطرفان اشترط صاحب المحل بان يلبس الشغيل أو العامل بنطلون بدون جياب، ولا يحق له أن يلبس أي ملابس فيها ( جيبة) والسبب الذي جعل التاجر منع دخول الجياب إلى محله هو ضمان عدم إخراج أية قطع نقدية بصورة غير مشروعة من المحل داخل جيوبه. استمر العامل في عمله يحضر كل صباح ببنطلونه الخالي من اي جيبه ويظل على هذه الحال حتى يعود إلى منزله وقد أهلكه العمل لدرجة انه لا يستطيع الخروج من المنزل إلا إلى العمل أو في يوم عطلته الأسبوعية ويظل طول نومه واضعا يديه في جيبه خوفا من صاحب المحل.
ترى هل تستطيع الحكومة – أية حكومة – أن تشترط على وزرائها والمدراء العامين والمتنفذين والسفراء بارتداء بدلات بدون جياب؟ وهل تستطيع أن تفرض عليهم مثل هذا الشرط ولو بصورة مؤقتة كما فعل التاجر مع الشغيل المسكين؟ لا اظنها تستطيع وان فعلت ذلك واشترطت عليهم فإن الحكومة لا تستطيع خلع احذيتهم لاني نسيت ان أخبراكم ان الشغيل أصبح من كبار التجار والسبب انه كان يهرب القطع النقدية داخل حذائه ولم يخطر ببال تاجر البوظة أن ابن ادم اشطر من إبليس إذا أراد ذلك.