10-01-2016 11:05 AM
سرايا - سرايا - المقدرة على الرسم اساس الفنون و الأبجدية الأولى لكل الحرف اليدوية ابتداء بالعمارة و انتهاء بالخياطة والتطريز , و الرسم هو استخدام اليد للقلم و الفرشاة و محاكاة ما يراه الراسم من اشكال و عناصر أمامه و نقلها الى الورق او القماش. و لإتقان هذا العمل (الرسم) يتطلب من الدارس أن يتدرب لسنوات و بشكل يومي ليصبح محترفا. و لقد درجت أكاديميات الفنون الجميلة العريقة في العالم على اتباع هذا الاسلوب في التعليم بجعل الطالب أن يرسم يوميا ومن السنة الاولى حتى التخرج , كي يتخرج فناناً متمكناً ، برسم كل شيء ليستطيع ان يبني عمله الخاص بسلاسة.
النظم الحديثة في الجامعات العالمية تعتمد حاليا لتدريس موادها على أساس المساقات الدراسية و مدة الفصل بضعة اسابيع يقدم فيها الطالب امتحانات و بحوث في مجاله. و لكن بقيت انظمة كليات الفنون العريقة على نظام السنوات , لان فصلاً دراسياً واحداً غير كفيل بالتمكن من الرسم، فالرسم مثل الرياضة لن يقوى به الشخص الا اذا تمرن باستمرار وهو ليس كبسولة مساق تأخذها لتصبح بعدها رساماً.
استوردت جامعاتنا نظام المساقات من الجامعات الامريكية , وربما نجحت هذه النظم في المواد الاخرى. ولكنها لاتصلح للفنون لأن اتقان الفنون يتطلب الاستمرارية بالعمل لفترة طويلة بعكس ما يتم الان.
تتميز الحركة التشكيلية الاردنية الجديدة بكثرة فنانيها و ضعف العديد منهم, والسبب هو نظام تعليم الفنون في الجامعات و لأن الدراسة غير مجانية فيها فلا يمكن ان يدرس في كليات الفنون هذه الا من يستطيع دفع رسومها العالية , فيتخرج الطلاب (بفلوسهم طبعا) و يذهبون الى سوق العمل الذي لن يقبلهم لأنهم لا يتقنون عملهم. و صاحب العمل لن يدلعهم كما دلعتهم جامعاتهم , فهو يريد شغيلة وبأقل الرواتب. فتعاني هذه الأجيال من البطالة , ولا بأس من العمل في مجالات اخرى !
اذن اين ذهبت تكاليف الدراسة العالية ؟!, والتي كانت السبب بأخذ فرصة طلبة آخرين متميزين كان من الممكن ان يكونوا مكانهم لو كان هذا التعليم مجانيا او شبه مجاني.
المبدعون لحدٍ ما من هؤلاء الخريجين يتوجهون الى التعليم في المدارس الخاصة , اما المدارس الحكومية فلا مكان لهم فيها بعد الغاء حصص التربية الفنية و سطو حصص الكمبيوتر و تحويل المراسم الى قاعات كمبيوتر منذ عام 2001.
ان اساس تنشئة جيل مبدع من الفنانين او معلمي الفنون يتطلب من وزارتي التربية و التعليم العالي اتباع سياسة محمودة منذ 30 سنة , و هي دعوة طلبة الثانوية العامة الخريجين في المملكة القادرين على الرسم لتقديم فحص مستوى و على ضوء نتيجته يحصل الطالب الموهوب (بدون الالتفات لمعدله العام) على منحة لدراسة الفنون في احدى كليات الفنون التابعة لإحدى الجامعات الاردنية.
ربما يقول قائل لماذا أكتب عن هذا الموضوع وانا لم ادرِّس في هذه الجامعات ! طبعا هناك سبب, فأنا اعمل كمشرفة لمحترف الغرافيك التابع لمتحف الفنون الجميلة منذ عام 2007 , و غالبا ما ياتي للمحترف طلبة من كليات الفنون يريدون إنجاز اعمالهم بالحفر بسبب زحمة الطلاب و عدم اتساع المراسم في كلياتهم , و لأني أقوم بتوفير ما يساعد لإنجاز اعمالهم , فإنني اتفاجا بضعف طلبة السنة الثالثة بالرسم و التكوين و سنة ثالثة تعني قبل التخرج بعام المفروض ان تكون مهاراتهم اكتملت كفنانين. فأسألهم الم تتعلموا الرسم في الكلية ؟ ليقولوا: بلى درسنا كورس الرسم الحر في السنة الاولى!!!!.
*فنانة تشكيلية