حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,23 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 26711

التأويل .. و .. الايمان

التأويل .. و .. الايمان

التأويل .. و .. الايمان

14-01-2016 03:49 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : م. هشام القضاة
التأويل:- هو حمل الأمر على غير ظاهره ،و هو يتم بناءا على أن للإنسان ثلاث أحوال لكل منها منطق خاص به ،الأولى حالة خيالية تتم أحداثها في المنام وتؤول إلى حالة مشاهدة (أي مقبولة في منطق المشاهدات)أما الثانية فحالة مشاهدة يتم تأويلها في الغيب(أي مقبولة في منطق الغيب)أما الغيب فلا يؤول لأنه الحق المطلق ،أي أن التأويل نوعان الأول؛من صورة(خيال) إلى بصر(مشاهدة) والثاني؛ من بصر(مشاهدة) إلى بصيرة(غيب).أما الإيمان فان من مقتضياته استشعار الطمأنينة في أي حالة من الأحوال وذلك بتبصر إرادة الله وإحاطته فيها بغض النظر عن زمانها ومكانه وجسامة أحداثها.
ولعل أهم سورة عالجت التأويل من النوع الثاني هي سورة الكهف الغنية – كما سنرى – بأجمل وأبدع صور نفي الزمان والمكان كما نعلمه ،و ما تبدو عليه الأحوال والاشياء كما عرضت بعض من صور التأويل الباطلة، فلا تخرج من قراءتها إلا وأنت تعيش مع الله بكل جوارحك و مشاعرك نافيا نفسك و استقلالية كل ما حولك ،كما ستكون عالما بما كان ومتبصرا لما يجري وسيجري من حولك.
ولا بد قبل ذلك من تذاكر فضائل هذه السورة وحاجتنا لها فهي أمان لمن حفظ عشر آيات منها من فتنة الدجال ،فما بالنا من الفتن التي أصغر من فتنة الدجال ،وحيث أنها فتنه في صلب الإيمان ،كما أن من قرأها كل جمعة كانت له نورا عشرة أيام فلا يفتن بإيمانه خلالها بإذن الله أبدا،وخصوصا في هذه الأيام ونحن تلطمنا الفتن وتتعاظم علينا الأحداث و هناك سؤال يتردد على أذهاننا ونحن ندافعه خوفا منا على إيماننا أين الله في كل ما نراه ، فنقول عسى ربنا أي يهدينا لأقرب من هذا رشدا.
بدأت السورة الكريمة بعرض صورة من صور التأويل الباطلة في تأويل مولد عيس عليه السلام حيث قالوا بما أن له قدرات خارقة وببريء الأكمه ويحيي الموتى فلا بد له من أب خارق وهو الله حاشا وتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، قالوها تأويلا وليس علما، فلا بد عند التأويل التأدب مع الله فلا ننسب له إلا ما نسب لنفسه بلا تأويل أو تشبيه أو تمثيل أو تعطيل ،بل مقصد التأويل هو استشعار جلال الله وعظمته ووحدانيته وتعاليه عن الند والمثيل .
ثم يبين الله قاعدة أساسية في التأويل أن ما على الأرض من زينة ليست كما يبدو لنا بل هي فقط ليختبر تفاعلنا مع أوامره ومع بعضنا ويختبر نظرتنا للكون وحكمة وجودنا فيه ثم انه سيجعل ما عليها صعيدا جرزا فلن يبقي لنفسه منها لا برجا ولا طيارة ولا أي شيء من صنيع البشر فلو كان بناء الأبراج هو من مقاصد خلقنا لأبقاها الله ،لا يبقى من أعمالنا الا الباقيات الصالحات التي هي المقصد الحقيقي لنا .
أما الصورة الرائعة لأصحاب الكهف تجعلنا نغير نظرتنا لكل ما حولنا ؛تحسبهم أيقاظ وهم رقود وذلك إشارة إلى ما حولنا ليس في الحقيقة كما تبدو لنا فكم من ضعف يختفي وراءه قوة وكم من غنى يخفي وراء فقر، ثم هل الأماكن كما تبدو لنا فالكهف مثله كهوف كثيرة وجبال فهل كلها كما تبدو لنا، ثم نفي الزمان أيضا كما يبدو لنا فربما أجراه الله على احد بغير ما أجراه على أحد آخر ،واذكر هنا صديق لي ضربته سيارة وفز ع الناس من حوله وتناقلته الأيدي وتدافعت عليه الأبصار وعندما استيقض في المستشفى ونحن ننظر الى ظاهره بقلق ابتسم لنا وقال ، لا اذكر الا اني في حلم جميل ،لمذا لم تدعوني اكمله
وهنا صورة ينفي الله فيها المنطق البشري برمته مما لا يطيق أصحاب الإيمان الضعيف عليه صبرا، و اضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين؛ هناك رجلين وهناك جنتين ، المنطق يقول لكل واحد جنة من الجنتين لكن الله جعل الجنتين لأحدهما فلو أن الله ضرب المثل بجنة واحدة لكان الموضوع اكبر تقبلا في منطق المشاهدات البشري .
وهنا قصة صريحة في التأويل أن موسى خرج بأمر من الله تعالى في سفر طلبا للعلم و الإيمان وهو في الحقيقة اختبار لقدرته على التأويل واستشعار أمر الله فيما يبدوا له غير منطقي ،فنجح موسى عليه السلام في تأويل حياة الحوت من جديد أنه وصل إلى مكان تجري فيه سنه غير التي كان يعلمها فهنا مكان فيه قانون يجهله هنا تبدأ رحلة التعلم بينما خادمه لم يكن منه إلا أن تعجب ،لكنه لم يسطع صبرا عليه السلام فيما بدا له غير منطقي من أفعال العبد الصالح.
ثم يبين الله أنه مازال هناك مكان وأقوام نجهلهم ولعلنا مررنا يوما من مكان خروجهم ولم نلقي له بالا أنهم قوم يأجوج ومأجوج ،فربما هناك منطقة بدت لنا عادية لكن وراءها سر وأسرار خفية.
ونذكر هنا قصة إبليس الذي كان متفانيا في العبادة حتى انه كان يبدو واحدا من الملائكة وكان يخاطب معهم ولكن الله كشف انه الجن وله طبيعة غير طبيعتهم بل واستعدادا للمعصية والتكبر آن الأوان لكشفه و أنه جزء من مسلسل –إن جاز التعبير- آنت بدايته.
ثم نذكر هنا لطيفتان مهمتان في هذا السياق ؛إسقاط التاء في كلمة تسطع أي لم تستطع الصبر رغم انقطاع النفس منك وأنت تحاول أن تصبر ، ثم إسقاط التاء في فما اسطاعوا أن يظهروه أي لم يستطيعوا أن يعلون فوقه رغم انقطاع النفس منهم وهم يحاولون ذلك أما ما استطاعوا له نقبا أي لم يتمكنوا من نقبه حتى الآن لكنهم في النهاية سينقبونه ويخرجوا ،ذلك تأويل إسقاط التاء فلم يسقطها الله عبثا.
ثم لطيفة قوله تعالى( ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات انا لا نضيع أجر من أحسن عملا)هنا اشارة ان اللغة والمصطلحات التي يدركها البشر تعجز عن وصف أجرهم فكأن نفس اللغة عجز وانقطع في وصف النعيم فقال الله تعالى إنا لا نضيع اجر من أحسن عملا.
من صور التأويل في حياة المصطفى عليه السلام يوم الحديبية عندما رفضت القصواء ناقة رسول الله التقدم ،فقال رسول الله حبسها حابس الفيل ، ثم أيضا ما أول به عمر بن الخطاب بعد فترة من الزمان حين فهم التأويل بأن هذا الصلح هو فتح الحديبية أي ظاهره الصلح وحقيقته الغيبية الفتح في حين أنه من قبل لم يستطع على أمر رسول الله صبرا.
ثم نذكر في ختام السورة( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنع)فلعلهم الذين يغضون الطرف عن قبح سرائرهم ويتخفون وراء عظائم أعمالهم .
ثم هنا لا بد للإشارة أنه لن يدرك أحد تأويل ما نسب الله لنفسه كتأويل أن يد الله كناية عن القوة ،هذا تحديد لا يليق بجلال الله (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولوا جئنا بمثله مددا) ففي الآية دلالة على ان كل مصطلحات اللغة لا تكفي للتعبير عن عظمة الله وجلاله فنؤمن أن لله ما نسب لنفسه بما يليق بجلاله بدون تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تمثيل.
ونختم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قال حين يخرج من بيته بسم الله توكلت على الله و لا حول ولا قوة إلا بالله يقال له هديت و وقيت وتنحى عنه الشيطان ،ويقول شيطان لشيطان آخر كيف بك برجل هدي ووقي".








طباعة
  • المشاهدات: 26711
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم