17-01-2016 10:30 AM
سرايا - سرايا - عمر أبو الهيجاء يعبتر أدب الرحلات من الأشكال المهمة في الأدب العربي والآداب العالمية أيضا، وكما له الأثر الكبير في ثقافة الشعوب والمجتمعات، وأدب الرحلات له علاقة وثيقة كذلك بشتى صنوف الإبداع من شعر وقصة ورواية، لأنه لهذا الأدب اهتمامات كبيرة في ذاكرة المكان وحياة الناس وثقافاتهم المتعددة والمختلفة وطرق معيشتهم الى غير ذلك من هذه الأمور الحياتية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها، من هنا تقع مسؤولية كبرى على الكاتب والمبدع في مواكبة التطورات التي تحدث في المجتمعات على الصعد كي ينقل ذلك ابداعا وأدبا يوثق لهذه الرحلات.
ضمن هذا السياق يواصل الأديب الناقد والمفكر الدكتور غسان عبد الخالق أشتغاله على مشروعه النقدي والفكري بجهد ودأب عميقين، حيث صدر له مؤخرا كتابا نقديا حمل عنوان «بساط الرّيح.. دراسات تطبيقية في أدب الرحلات»، ضمن منشورات وزارة الثقافة، يقع في زهاء 168 صفحة من القطع المتوسط.
ويدرس د. عبد الخالق في فصول كتابه: الذات والآخر بين ابن جبير ونجيب محفوط، والقدس في عيني ابن بطوطة، وكما يبحث ويعاين ملاحظات ابن بطوطة حول الصين، ويأخذنا د. عبد الخالق في أحد فصول كتابه لقراءة المهزوم منتصرا في «قنديل أم هاشم»، ويترك في الكتاب مساحة لمقتطفات من أدب الرحلات.
د. عبد الخالق في مقدمة كتابه مسلطا الضوء على أدب الرحلات وأدب السيرة، فيقول: ضربان عزيزان من ضروب الأدب العربي القديم والحديث، لا بواكي لهما، أدب السيرة وادب الرحلات، وإن كان أدب السيرة قد راح يستاثر ببعض الاعتناء، جرّاء التزايد الملحوظ في عدد من أقدموا على تسطير سيرهم الذاتية، فوجدوا من يسلّط بعض الاضواء على هذه السير. ويرى د. عبد الخالق أن أدب الرحلات مازال يقبع في عتمة الإهمال نصا ودراسة، إذ علاوة على أن من أقدودموا على تدوين رحلاتهم في العصر الحديث قليل جدا، مبينا أن عدد الدراسات التي أنجزت في حقل أدب الرحلات، القديم والحديث، ما يزال يدفع للشعور بالإحباط أيضا.
ومن خلال دراسة الدكتور عبدالخالق لما سبق في محتوى الكتاب، خرج علينا بخاتمة للكتاب أكد فيها حين قال: لكل من هذه الدراسات خاتمتان، خاتمة مكثفة حرصنا على إيرادها مكتوبة في ذيل لك دراسة على حدة، وخاتمة ثانية تطالبنا بأن نكتبها مستقبلا على صعيد ضرورة إعادة الاعتبار لثقافة الرحلة في أدبنا العربي والحديث، لافتا النظر إلى موروثنا ثقافيا من الموروث الثقافي العربي الذي يشتمل على حكاية ملهمة مثل «حكاية السندباد البغدادي ورحلاته البحرية السبعة»، التي تكاد تمثل ذروة الخيال العربي الاسلامي في «ألف ليلة وليلة»، فرحلات السندباد السبعة - على سبيل المثال لا الحصر - وفضلا عن ضرورة التوقف عن التعاطي معها بوصفها حكايات شعبية خرافية فقط، تمثل مختبرات نموذجية لأبحاث مهجوسة بتحليل وتأويل ما أنطوت عليه هذه الحكايات من مقولات تكشف فلسفة التمرد على الواقع الفقير.
وكما خلص الدكتور عبد الخالق إلى أن هوية الرحّالة العربي المسلم، التي جعلت منه مواطنا عالميا وليس مجرّد بُلداني محدود الأفق، تمثل أيضا مناخا مغريا لدراسات ثقافية وحضارية واعدة. «بساط الريح ..»، للدكتور غسان عبد الخالق يعد قيمة عالية في الثقافة والادب والفكر لما أحتوى من قراءات ودراسات تطبيقة عميقة في أدب الر حلات، وقد اجاد المؤلف في اختيار مواضيع دراسته بعناية فائقة لما تحويه من أدب جليل سواء من موروثاتنا العربية المهمة أو من أدبنا الحديث وهذا يحسب للدكتور عبد الخالق هذا الإنجاز الكبير للمكتبة الأردنية والعربية ويعد إضافة جديدة في دراسة الرحلات.