26-01-2016 09:50 AM
بقلم : أ. د. عدنان هياجنة
يستحوذ "الخبز"، لدى المواطن الأردني، على حصة معتبرة من النظام الغذائي، تكاد تشكل النسبة الأكبر من غذاءه، استناداً إلى "تحليل مضمون" السعرات الحرارية اللازمة للإنسان، والتي يعجز عنها أردنيون كثر نتيجة لارتفاع الاسعار وزيادة نسب الفقر والبطالة؛ فصحن الحمص (على سبيل المثال لا الحصر) الذي يتراوح وزنه حوالي 200 غرام، يتم تناوله بحوالي 1000 غرام (1كغم) من الخبز، وكذلك 20 حبة فلافل مع ربطة خبز تكفي لعمل سندويشات لأسرة بكاملها!، ولا تكاد مائدة الأردني العادي، غير السوبر، إلا وفيها الخبز، فالخبز كان بديل "الكورن فليكس" أيام الطفولة، وذلك باستخدامه في "فتة الشاي".
ويعتبر الخبز المادة الاستراتيجية المرتبطة بالأمن الغذائي، من وجهة نظر ربة المنزل الأردنية، من جيل أمي أطال الله في عمرها، فإذا توفر الطحين تم حل مشكلات كثيرة، طبعاً لأن أمي من جيل الابتكار والابداع والصناعة المحلية، وتمثل المدرسة الواقعية بالاعتماد على الذات، وليست من جيل "التيك أواي" وجلب المساعدات الخارجية.
إساءة استخدام سلوك المواطن تجاه مادة الخبز، من قبل وسائل الاعلام الأردنية الرسمية، أثناء مواسم المنخفضات الجوية، فيه استهتار وإساءة كبيرة للمواطن، وتعبير صارخ عن مدى الفشل الذي وصلت إليه الحكومات، ويتم من خلاله استشراف استراتيجية حكومية استباقية للتغطية على الفشل القادم، كما يحصل في كل منخفض جوي؛ فالخبز ليس هو التحدي الأساسي الذي يواجه الأردن كي تحاول الحكومة التغطية على تقصيرها المستعصي على الحل من خلاله.
لو كان المواطن يثق بقيام الحكومات بدورها لما قلق كل هذا القلق على خبز عيالة؛ فالجميع يعرف أن كل الانتقادات، التي وجهت نتيجة التقصير في كل "المنخفضات" والأزمات السابقة في مناحي كثيرة من حياة المواطن الاردني السياسية والاقتصادية وغيرها، لم تجد آذان صاغية، بل على العكس لم يتم مساءلة أحد عن أي تقصير حتى يتم الحديث عن معاقبة أي أحد...، وهذا فيه الكثير لما يمكن أن يقال حول غياب أي وسيلة للمواطن لمحاسبة الحكومات!.
تجاهل الإعلام الرسمي كل هذه المشكلات المرتبطة بإعمال حقوق المواطن الأردني، التي نصت عليها المواثيق الدولية، وقزّمها في مسألة الخبز...، يا حبذا لو تقوم وسائل الاعلام بمناقشة تقصير وعجز السياسات الحكومية عن فتح وتهيئة الشوارع بشكل جيد، بدلاً من استضافة الكم الكبير من الضيوف وتأمين المذيعات بسيارات وطائرات من أجل الوصول إلى مكان عملهم.
على المواطن الأردني أن يشتري ويخزن الخبز لأنه لن يجد من يطعم عائلته في وقت الضيق؛ فغالبية النخب تعيش في أماكن بعيدة جغرافياً ونفسياً عنه، كما أن سيارته "الكيا سيفيا" لن توصله لمخبز، لأنها غير مخصصة للثلوج مثل بقية سيارات الدفع الرباعي التي يقودها صناع السياسات العامة لتفقد العواصف الثلجية.
خيبات الناس بالحكومات المتعاقبة جعلت الناس تخاف على مستقبل الخبز، بعد أن أصبحت بعض العائلات تأكل الخبز مع الخبز!، وهي مناسبة لدولة الرئيس أن يحضّر الرأي العام الأردني لرفع الدعم عن الخبز، عل وعسى أن تنزل الأسعار العالمية للقمح كما حصل مع أسعار النفط، لقد أصبح الأردني يعتاش على الخبز والبصل، رغم أني أفضل الخبز مع الكرامة... أطيب.