03-02-2016 03:28 PM
بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
حديث الرسول الكريم علموهم واضربوهم فيه الكثير من العلم والمعرفة لتوجيه الإنسان التوجيه الصحيح، لفهم مكونات ذاته والتوازن بينها ، والتوصل إلى الطريقة الصحيحة في تعليم وتربية الأجيال القادمة من خلا ل استثمار الوقت المحدد لكل مرحلة من مراحل تطور مكونات ذات الإنسان ،فنجاح كل مرحلة يعتمد على نجاح مرحلة ما قبلها ...........
بداية حديث الرسول الكريم صلى الله عليه سلم علموهم والدليل عليه من خلال مرحلة الفطرة السليمة في حياة الإنسان وهي فترة الطفولة ،والتي نلاحظ فيها حب المعرفة ،وكثر السؤال والاستفسار عن كل الأمور ،ففي ذلك دلالة على نمو العقل ووظيفته في التعلم والمعرفة وتخزينها وإدراك ما حوله وما يشاهده ويسمعه .......
هذه المرحلة مرحلة العقل هي من اخطر وأدق المراحل إذ أنها المرحلة التي تحدد نسب قوة شخصيته ، نجاحه ،نسب ذكائه ،ودوره في ضبط النفس البشرية وعدم التفاعل معها لتحقيق رغباتها من خلال العلم والمعرفة المتمثلة بالعقل والتحكم بالنفس وبدورها في تفعيل وإثارة الغرائز منذ بداية اكتمال نموها ...........
من المعلوم أن القلم مرفوع عن من لم يتم البلوغ ،وذلك لعدم اكتمال الغرائز عنده ، وبالتالي عدم اكتمال ظهور مرحلة النفس في ذات الإنسان ،مما يبقيه إنسان نقي على الفطرة السليمة ،من خلال ذلك يمكن إن نقول إن العقل الذي تم الاهتمام بمرحلة نموه موجود ولكن النفس مغيب دورها لعدم نضوج الغرائز ،لهذا فإننا نجد أن هذا المفهوم (رفع القلم) موجود في طريقة عكسية عند الفاقد لعقله وحضور النفس وبلوغ الغرائز عنده ،كون النفس بحاجة للعقل لتحفيز الغرائز جسديا ،ولهذا فان ذنوب المؤمن ترتكب عند الغفلة آو النسيان بينما عند الإنسان ترتكب عندما تستحوذ النفس على العقل وتستغله في تحفيز الغرائز جسديا لتحصل على شهوتها............
من خلال ذلك فان العقل ينضج قبل الغرائز التي تظهر النفس من خلالها،لهذا فان العقل التمثل بالعلم والمعرفة هو المسئول عن تربية النفس البشرية ،من خلال توجيهها وعدم الانقياد لها ،لهذا فان من أعظم الأمانات التي يحملها الآباء والمجتمع والدولة هي الاهتمام بالعلم والمعرفة لتنمية العقل بهما منذ فترة الطفولة ،وان أي تصحيح لحياة الأسرة والمجتمع والدولة لا بد أن يبدأ مع المرحلة الأولى من حياة الإنسان .............
إن ما نشاهده من سلبيات في عموم الحياة هو ناتج عن معلومات خاطئة وإهمال لفترة الطفولة مرحلة العقل والتعلم ،ولقبها بالجهل ليمتد هذا اللقب للأسرة والمجتمع و للدولة ،حيث تتمكن النفس من جهل العقل من العلم والمعرفة ،ليصبح الإنسان منقاد لتحقيق رغبات النفس وأنانيتها بعدم الشعورحتى مع عذاب الجسد الذي يحملها ،وهذا يمكن ملاحظته مع بداية المراهقة وهي بداية نضوج الغرائز واستغلال النفس لها في تحقيق شهواتها وذلك في غياب العقل نتيجة إهماله وعدم تزويده بالعلم والمعرفة ...........
إن تاريخنا المشرف كان نتيجة الإيمان الذي انعكس على الأجيال من خلال تعليمهم بالقدوة على الصدق والعدل والخلق الحسن وتربتهم على تحمل المسؤولية بوعي العقل وإعانته بالخوف من القصاص ........
وان ما نشاهده من أعداد هائلة من المطلوبين للقصاص والتربية هم نتيجة إهمال وأخطاء في رعايتهم في التعليم وعدم وجود القدوة الحسنة لهم ليتعلموها،لهذا فان التربية تعني ان يتربى الإنسان على واقع الحياة التي اختارها المجتمع او التي فرضت عليه ومثال ذلك تربية الأجيال على الواسطة والمحسوبية بينما العلم مبني على قواعد وأسس ثابتة .......