06-02-2016 09:22 AM
بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
عشرات الألوف من المطلوبين امنيا في ملفات وسجلات الأمن العام نشاهدهم كما يشاهدهم الجميع محتجزين في سيارات مخصصة للأمن العام ،غالبيتهم في مقتبل العمر ترى الضياع البادي على وجوههم وفي عيونهم،كما ترى الحزن على وجوه من ينظرون إليهم ،أرقام عالية في تناسبها مع عدد السكان ، وأعلى مع طبيعة الترابط الاجتماعي في المجتمع الأردني ،هذه الأرقام لها مؤشرات على اسببها ، ومؤشر على بدايتها كونها ظاهرة جديدة على المجتمع الأردني ، مما يمكن معالجتها وتقليلها وتحجيم تطور الإجرام عندها وتقليل الجهد التنفيذي العظيم الذي يقوم به كوادر الأمن العام المشكور على جهده من اقل مرتب إلى أعلى مرتبة فيه.........
من المعلوم أن أسباب الجريمة متعددة فهي تشمل كل أنواع الحياة وهذه الأسباب تبقى ضمن المعدل الطبيعي في المجتمعات التي تحافظ على أمنها العام الذي يعني الأمن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي يؤدي للامان من خلق أسباب الجريمة ،وهي في غالبها الجهل والفقر والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية والمساواة ،الناتجة عن الفساد بكل أشكاله والإهمال من الحكومات المتعاقبة ،والناتجة عن الفوضى والجشع والاحتكار نتيجة تهرب الدولة من جميع مسؤولياتها في إتباع النظام الرأسمالي من خلال الخصخصة وإتباع التجارة الحرة في تعويم الأسعار حسب العرض والطلب ولكن في ظل وجود الاحتكار الذي يحافظ على رفع الأسعار رغم هبوطها عالميا ، حتى أصبحت الحكومات تلقب بدورها الوحيد بحكومات الجباية ،يدفع المواطن الضرائب ويدفع أيضا فواتير الخدمات بنفسه دون أن يكلف الحكومة أي جهد آو خسارة ، ضرائب معفية من تقديم الخدمات للمواطن، وهذه تفسر حياة الترف عند النخب السياسية ،وأسباب تنافسهم في الصالونات السياسية على استحقاق أدوارهم في الدولة،لاستحداث وحماية وحصانة مصالحهم الخاصة من الجباية ،وتوريث الأبناء المناصب والحصانة حتى يصبحوا من فصيلة أل VIP،وهذا أيضا يفسر لماذا الحكومات كلها تسير على مسطرة واحده، ولماذا يقيدوا حرية الصحافة ويعتقلوا الصحفيون .............
نعم إن المطلوب فزعة ولكن ليست كما التي نشاهدها التي تزيد الطين بله فزعة جباية وزيادة عدد المطلوبين امنيا ، بل فزعة حقيقية علمية تنصر الوطن والمواطن، تعالج المسببات من جذورها فزعة تفرض هيبة الدولة على ذاتها أولا من خلال إحياء مؤسساتها وتفعيلها في حياة المجتمع ،وتقديس الكلمة الحرة التي تلاحق الخلل والفساد فهي ليس اقل أهمية من العيون الساهرة على الوطن ويجب اتخاذها كسلطة رابعة لتمارس دورها الواقعي في الإصلاح .....
ليس من المعقول أن نتحدث في ظل الدولة والمجتمع المدني الذي يفرضه واقع التطور الذي يحتم دور المؤسسات في حياتنا عن الجلوة ،وليس من المعقول أن يطر الإنسان لأخذ حقه بيده وذلك في ضل الديمقراطية التي حجمت دور الحكام الإداريين ورؤساء المخافر في حل العديد من القضايا بين المواطنين ، ديمقراطية لم تمارس حتى في الغرب لأنها تنتج الفوضى،إذ أن رجل الأمن في العالم الديمقراطي يحضر بنفسه عند شكوى الجار على جاره نتيجة انبعاث رائحة السجائر من شقة المشتكي عليه ويتخذ الإجراء المناسب لتنتهي المشكلة وتمارس هيبة الدولة على الواقع بكل احترام والتقدير ....
إنني لا أدافع عن المجرمين نتيجة السلوك الإجرامي ، ولكني أدافع عن امن وأمان وطني من خلال من أصبحوا ضحية الفساد الذي أفقرهم وضيعهم وأصبحوا مطاردين ،من أصبحوا مطلوبين نتيجة ضغوط الخصخصة والتجارة الحرة واحتكارها والجباية وفاتورة الخدمات وعدم كفاية الدخول في تلبية مطالبها ، من أصبحوا مطاردين حين اطروا لأخذ حقوقهم بأيديهم نتيجة ديمقراطية الفوضى التي هلت علينا مع نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي ، ومن فقدوا عقولهم نتيجة المخدرات وتجارها ، إنني أدافع عن العائلات التي ينتمي إليها الكثير من المطلوبين وما يعانوه ، وأدافع عنهم وعن مستقبل شبابهم حتى يكونوا بعيدين عن الانحراف والضياع ،و لتتحمل الحكومات المسؤولية الكاملة في معالجة أسباب الجريمة ولا تكن طرف عون أو متواطئة مع من يخلقون أسباب الجريمة وممارسة دورها في الحفاظ على امن وأمان هذا الوطن الغالي ..............