15-02-2016 09:31 AM
بقلم : فيصل تايه
يقوم ديوان الخدمة المدنية بنشر البطاقة الالكترونية الخاصة بالموظف على موقعه الالكتروني وتحديثها سنوياً ، وبذلك يتاح للموظف الاطلاع على سيرته الوظيفية وتقاريره السنوية التي تعتبر سرية ، الأمر الذي تعتبره مصادر في ديوان الخدمة المدنية ، يجسد "شعار الشفافية ويؤكد مبدأ من مبادئ الديمقراطية".ولكنا نعي سرّية تلك التقارير حسب نظام الخدمة المدنية بالرغم من تحفظ البعض على تلك السرية باعتبارها تكريس للشللية والبيروقراطية المقيتة التي تقتل الإبداع وتحبط بفلسفتها التمييز.
أراء البعض من موظفي القطاع العام تصب في هذا الاتجاه لادعائهم أن العديد من إدارات المؤسسات تقوم بوضع التقارير السنوية للعاملين بها بناء على معايير غير دقيقة تعتمد على العلاقات الشخصية , والمزاجية التي تقتل الطموح الوظيفي وخاصة بعض المؤسسات الفاسدة والمترهلة وأن حقوق هؤلاء الموظفين هي أمانة ومن حقهم أن يكافؤا تقديراً لجهودهم بدلا من إحباطهم .. فالعدل هو أساس البناء والانجاز ..والإدارة التي تحرم الموظفين الملتزمين من استحقاق حوافزهم هي بؤرة للفساد كونها تشجع المتواطئين على مزيد من التقاعس وتدفع المخلصين وتزجهم في احباطات وانكسارات ليلحقوا ركب المتواطئين السلبيين مجبرين .. لنجني في النهاية مؤسسات فاشلة مترهلة مقيتة .
لكن !! هل من الممكن ان تكون تلك السرية المزعومة بهذة الطريقة ؟ والتي تعتبر مقتا وهما على الكثير من الموظفين الذين يجدون أنفسهم مهمشين وخاضعين لأهواء مزاجية بعض المسؤولين المأزومين والمضطربين ومماحكاتهم لهذا وذاك .. وبالمقابل فإننا نجد الكثير ممن هم في موقع المسؤولية يبدون امتعاظاً واستياءً جراء نشر ديوان الخدمة المدنية ومن على موقعه الالكتروني تفاصيل ومحتويات التقارير السنوية للموظفين والعاملين في المؤسسات الحكومية، معتبرين أن ذلك منافيا للأهداف التي جاءت من أجلها سريّة تلك التقارير إذ لا يجوز _ وحسب تعبيرهم _ اطلاع الموظف عليها إلا بعد مرور فترة زمنية محددة معتبرين أن الخطوة من شأنها خلق إشكالات وإحراجات جمه مما يؤدي إلى توسيع الهُوَّة بين المسؤول والعاملين . معتبرين أن ذلك يؤثر سلبا على عملية التقييم برمتها ولا يخدم المصلحة العامة للعمل مما يخلق إشكالية في العلاقة بين المسؤول المباشر وموظفيه .. مؤكدين أن التقييم يخضع لأسس عادلة لا تحكمها الأهواء الشخصية وتراعى فيه أقصى درجات الموضوعية ويروا أيضا أن ذلك قد يُخالف رأيَ العديد من الموظفين الذين يعتقدون أن أداءهم دائما يستحق التمييز مؤكدين أن التقارير تحكمها أسس قد لا يرصدها الموظف على مدار العام .. وهي من اختصاص المسؤول المباشر .. متسائلين من جدوى أن تحمل التقارير السنوية للموظفين صفة المكتوم والسرية .
غير أن علنية التقارير السنوية وحسب رأي أصحاب القرار هي من الايجابيات التي يجب الأخذ بها للعديد من الأسباب المعلومة والتي تعود بالنفع على المؤسسة ذاتها فهي رافد للموظف نفسه ليطلع على أهم الأخطاء والثغرات في وظيفته بغية تصحيح مساره، وكذلك محفزا له للمزيد من العطاء وتلافي للقصور.
إن السرية المتبعة ولجوء الجهات ذات العلاقة إليها وما ترتب على العلنية من مشاكل كانت سببا وجيهاً لتاحشي سوء العلاقة بين المسؤول القائم على التقييم وموظفيه. وكذلك عدم اعتماد المقابلات وإدارتها بشكل مهني عند وضع التقارير العلنية عند البعض ما يتطلب على المسؤول أن يدير المقابلة بالأسس والمبادئ التي من شانها تحقيق الغرض لأسلوب تطوير العمل بل ويجب أن تكون تلك المقابلات أشبه بالجلسات العلاجية التي تعود بالفائدة على الجسم الوظيفي بالكامل .
إلا أن السرية والعلانية يعتمدان اعتمادا كبيرا على مدى وعي كل من الموظف والقائم على التقييم لأحد من الاتجاهين للاستفادة منهما , لأن لكل منهما سلبياته وإيجابياته , ومن فضل اتجاه العلنية عليه أن يختار برنامجا مرنا لإبلاغ الموظف بنتيجة أدائه , لأن لأسلوب الإبلاغ أثرا كبيرا في مدى تقبل الموظف لهذه النتيجة , والاستفادة منها في تحسين أدائه وتقبل التوجيهات .
وبذلك فأنني ادعوا الأخذ بنظام العلنية في التقارير ,ذلك ما يتماشى مع نظام التقييم والتوجيه الحديث , مهما كانت سلبياته , فيمكن التغلب عليها . مع العمل على توعيه الموظفين عن أهمية التقييم وكذلك يجب مناقشة الموظف بنتائج أدائه, حتى يقف على السلبيات ويتحاشاها , لتنمية روح التعاون والثقة بين الموظف والقائم على التوجيه
وذلك يتطلب من الجهات المعنية في ذلك توجيه المسؤولين نحو التقييم الأدائي الجيد المعتمد على أسس موضوعية منطقية عادلة مع التركيز على إيجاد معايير واضحة يؤخذ بها بشكل مرن !بل ويجب وإخضاعهم لدورات متخصصة تتعلق بذلك ومتابعة عملهم ميدانيا بصورة تحقق الأهداف المرجوة .
وللحديث بقية