20-02-2016 09:45 AM
بقلم : محمد اكرم خصاونه
إن الخداع قد يكون على أشكال مختلفة متنوعة متعددة،فالخداع هوأن تتوهم حقيقة نفسك وامكاناتك وظروفك وقدراتك علي نحو يخالف الواقع ولكن يتفق مع هوى ورغبة نفسك والفرد بطبيعة الحال لا يكون متعمدا ذلك بل إنه يقوم بخداع نفسه دون وعي بذلك عندما تكون إمكاناتة العقلية والعلمية ضعيفة ويرى هو عكس ذلك.
كرجل فقير معدم يتوهم بانه يملك الثراء ويعامل من على شاكلته بكبر وغروروصلف وعنجهية.وكرجل كسير يحاول مسابقة بطل الجري والسباق في جريه.
يقول الفيلسوف الأميركي مايكل نوفاك " لا حدود معروفة لقدرة الإنسان على خداع نفسه". كما يقال أيضاً أن أقدم وأسوأ أشكال الخديعة هو أَنْ نخدع أنفسنا".
قد تقبع داخل كل منا ومضة ((شمعة)) أمل داخلية تعمل على إنارة دواخل النفس وتعمل على سبر أغوارها. وبقدر ما تتوهج هذه الشمعة يكون اتساع نورها ليضيء أركان النفس الخفية لكل منا.
وقد تكشف لنا جوانب من أنفسنا لا نحب أن نراها، ونعمدُ إلى تجاهلها و أحيانا إلى نفيها، رغم أنها جزء لا يتجزأ من كياننا، فنقوم بخفض شدة إضاءتها فيخفت وهجها وتتسع ظلالها، و تختفي الأركان البغيضة لأنفسنا تحت جنح الظلام الداخلي.
فتبقى موجودة، لكننا لا نراها ونعتقد أنها اختفت. و هكذا يخدع الإنسان نفسه. يبدو لي أن الخداع سمة طبيعة بشرية، و لا سبيل إلى إبعادها، و أن وجود تلك الشمعة الداخلية لدى المرء، لكفيلة بالحد من سلبياتها، فهكذا هي تركيبة البشر، مزيج متناقض ولكن بتوازن دقيق إذا اختل، تختل معه الفطرة الإنسانية التي لم يقدر أحد على تفسير أسرارها. فمن منا لم يختبيء و لو مرة، بشكل أو بآخر مِنْ، نوره الداخليِ ؟ من منا لم يقم على التنصل من حالة تسكنه ،أو أن يتمثل صفة ليست به؟ من منا يزعم أنه لم يحاول، ولو مرة واحدة أن يستعير ذاته. يستعيرها إما من نفسه و إما من غيره. وهنا يكمن الفارق المهم عندما تستعير من جهدك الخاص تكون أقدر على تفسير ذاتك، أما إذا استعرت أو سرقت من غيرك فأنت مضطر إلى التبرير، و التبرير يقتضي إبداء الأعذار، و كلما زادت الأعذار، تراجعت احتمالات الحقيقة. هكذا يقول المنطق. لا يقتصر خداع النفس على إخفاء الحقيقة الداخلية، بل يطال محاولة تزييفها.. فكم من الناس يحاول أن يقدم نفسه في صورة لا تتفق مع حقيقته، بل أحياناً تتناقض معها. قد يكون انتحال صورة زائفة، أو إخفاء صورة حقيقية نابعا عن وعي وقصد وتصميم، فهنا يكون الغش، وهذا هو الكذب. أما تقديم صورة زائفة بدون وعي، أو باقتناع كامل بحقيقتها، و العمل على تسويق هذه الصورة على الناس، فهذا هو خداع النفس، و هذا هو المرض .
وقد تكثر عمليات الخداع في الجوانب السياسة في جميع دول العالم المختلفة المتقدمة منها وحتى المتاخرة.
فعندما أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هجوما قويا لغاية في نفسه موجهًا لوزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بشأن ما قاله أمام لجنة مجلس الشيوخ لتبرير الحصول على موافقة لشن ضربة عسكرية يريد الرئيس أوباما توجيهها للنظام السوري بسبب استخدامه سلاحًا كيماويًّا ضد المواطنين الأبرياء، لم يتردد بوتين من القول عن كيري: “إنه يكذب، ويعرف أنه يكذب، إنه لأمر محزن”.
ليس كيري وحده الذي يكذب، فيبدو أن الساسة جميعًا يكذبون على شعوبهم، كما يبدو أنهم جميعًا يعلمون هذه الحقيقة، السؤال الأجدر بالانتباه هنا هو كيف يكذب الساسة على شعوبهم؟ وكيف يتحول الإعلام من دوره الأساسي كسبيل للوعي إلى أداة تستخدم في التضليل والتغييب؟
وتعمد الدول الكبرى على إستراتيجيات يتبعها الإعلام للتأثير على عقول الجماهير وخداعهم.ومنها:
تكرار الرسالة الواحدة بشكل متتابع ودقيق وباستخدام وسائل مختلفة، الهجوم على الشخصيات “الرموز” بضراوة وحده ،تحفيز مشاعر الخوف والذعر لدى الجمهور، البلطجة الإعلامية، التركيز على الأخطاء للخصوم، تزييف الحقائق التاريخية لتتوافق مع رغباتهم، استدعاء أفكار فاشية وتصنيف الناس وفقًا لها، التقليل من الجرعات الفكرية والعلمية لصالح ساعات الترفيه والمرح، شيطنة الآخرين عبر أدلة جمعية وارتباطات غير منطقية.