-->

حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 18618

رابطة الكتاب تكرم الشاعر أديب ناصر .. ما تبقى من حلم

رابطة الكتاب تكرم الشاعر أديب ناصر .. ما تبقى من حلم

رابطة الكتاب تكرم الشاعر أديب ناصر ..  ما تبقى من حلم

22-02-2016 10:36 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - بين بيروت وعمان وبغداد وفلسطين، استعاد الشاعر أديب ناصر جبروت قصيدة النضال العربيّ متدفقاً من نهر الأردن، والرافدين، حزيناً لبغداد والقدس والخليل، في الأمسية التي كرّمته فيها رابطة الكتاب الأردنيين واشتملت على شهاداتٍ وإطلالةٍ لم تُحط بتجربة الشاعر المولود في بيرزيت بفلسطين عام تسعةٍ وثلاثين وتسعمئةٍ وألف.
الشاعر الذي قصر نفسه في نصف قرن على العمق القوميّ والفكر العروبي، منذ (واحة الأسواق الحزينة)، الديوان الذي كتبه في بيروت عام 1965، عاش مرحلةً خصيبةً بالمتناقضات والهزائم والانتصارات، فغلبت صفات الرومانسيّة والهزيمة والنشوة وانكسارات الحلم وسقوط بغداد على ما كتب من دواوين آخرها الإصدار الذي نشرته دار دجلة بعمان وحمل عنوان ( زيتي وزيتوني) وأشهره أديب ناصر أوّل من أمس في إطار التكريم.
الأمسيّة التي نظّمها بيت الشعر العربيّ ولجنة الشعر في الرابطة وأدار فقراتها خالد الحباشنة، استهلّها عضو الهيئة الإداريّة الدكتور عطالله الحجايا بتطواف مسّ مواضيع الشاعر في امتداد الحلم وبواكير التجربة التي سبقت هزيمة 67، فالضياع والتشتت والحيرة في ديوانه (خطوات على طريق الآلام) عام 70، وهي الفترة التي ظلّ الشاعر فيها متنقلاً بين العواصم والمدن العربيّة بما ظلّ يحتفظ به من قهرٍ وحزن للحال العربيّة، ليصدر في بغداد دواوين: (الدم السابع) عام 87، و(الدّم المتوّج) عام 93، و(عدنا إلينا) عام 97، و(الزانية اكتملت) عام 99، و(يا أيّها الآتي) عام 2002، الدواوين التي رأى الحجايا أنّها بمنزلة إعلانٍ عن عودة الروح لدى ناصر في (انتصارات بغداد)، التي لم تستمرّ، لنكون مع ديوانيه: ( أبحث عنّي)، و(زيتي وزيتوني) الصادرين في عمان، فنخرج معه من مرحلة التيه والضّياع إلى مرحلة الاستقرار الفكري التي اكتملت فيها الدائرة الفكرية لدى الشاعر الذي ظلّت فلسطين بدايةً ونهاية وسيدةً للنضال في مشروعه الأدبي والإعلامي الذي كانت فيه الإيديولوجيا جليّةً جدّاً فتماهت لأجل ذلك القضية بالذات.
استنتج الحجايا أنّ غياب المرأة في شعر ناصر مبررٌ بحضور القضيّة العربيّة على وجه الخصوص بكامل زينتها وبهائها، فلذلك حضر المكان الفلسطينيّ بقوةٍ في أعمال الشاعر الذي كان يمثّل (معجماً) فلسطينيّاً خالصاً في الدفاع عن فلسطين، وتحديداً القدس والخليل وحيفا وأريحا ونابلس ومسقط الرأس بيرزيت.
ولأنّ الخريطة الفلسطينيّة بدت موزّعةً على أعمال الشاعر، كما رأى الحجايا، فقد حضر الإنسان، فكتب ناصر للشهداء والشعراء والإنسان مناجياً إبراهيم طوقان وكمال ناصر وحنا مقبل، لتحضر الذات العربيّة ممثلةً بهشام بن عبدالملك والوليد وصلاح الدين وصدّام والقادسيّة فيكون النصر الذي لا يقف عند الهزيمة، وهو مشوارٌ مهمٌّ كما رأى الحجايا الذي دعا إلى دراسة أديب ناصر في رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراة؛ إذ هو مستوفٍ لشروطه الفنيّة ومستحقٌّ للتكريم من قبل.
الأمسيّة، التي أدار فقراتها خالد الحباشنة ورحّب خلالها أديب ناصر بعضو القيادة القومية لحزب البعث ناصيف عواد، قدّم فيها الزميل الشاعر هشام عودة شهادةً لناصر، الذي جاء تكريمه متأخراً كما اعترف، بصفته أحد الأسماء التي حضرت في الذّاكرة والوجدان العربيّ، وباعتباره وريثاً للشعراء العرب الكبار، من مثل الجواهري ويوسف الخطيب وإبراهيم طوقان وآخرين.
استعاد عودة صحبته لناصر الذي تعرّف إليه منذ أكثر من خمسةٍ وثلاثين عاماً كان يومها طالباً في الجامعة استهواه ناصر الشاعر الذي كان ملء السمع والبصر ونجماً تلفزيونيّاً مثلما كان نجماً في المهرجانات الشعريّة وفي مقدّمتها (المربد) ببغداد، وأرّخ عودة لمعرفته بناصر بقادسية صدّام؛ إذ كان صوته لا يغيب شعراً ونثراً وتحريضاً، في مشوارٍ عملا خلاله في إذاعة فلسطين ببغداد، وإذاعة أمّ المعارك، ومجلّة الثائر العربيّ، وفي الاتحاد العامّ للكتّاب والصحفيين الفلسطينيين، وفي الصحافة والحزب، وفي محطاتٍ كثيرة ظلّ فيها ناصر الشاعر النبيل الطيّب المناضل، الذي كان من أوائل المنتمين إلى التيار القوميّ في رابطة الكتاب. ودعا عودة إلى تكريم كبير لناصر، مثلما لفت المؤسسة الأكاديميّة إلى تجربة الشاعر الذي حمل الهمّ القوميّ وما يزال.
بدوره، قدّم عضو إداريّة رابطة الكتّاب الشاعر ماجد المجالي شهادةً حملت معاني الوفاء لناصر الذي ظلّ منتصراً لفكرته طيلة هذا الزمان؛ بوصفه أيقونةً من أيقونات الأمّة، فقد كان وما يزال، بحسب المجالي، الشاعر الأردنيّ الفلسطينيّ في العراق، والفلسطينيّ العراقيّ في الأردن، والأردنيّ العراقيّ في فلسطين، وهو إلى ذلك كلّه يشكّل مصدراً لا ينضب في مدّ الدراسات بما يتوافر عليه من شعر ومنطلقاتٍ ومشوار.
وفي قراءاته استثار الشاعر المكّرم أديب ناصر حضوره بتقلّبه بين الجروح، ومناداته ذلك العهد، وبكائه النخل، ومعانقته (بيرزيت) بعد 47 عاماً من الحنين، ووقوفه على الأطلال والحيطان، ليختم بقصيدة (أردن) في استعارته السيّد المسيح ومقاربته بين الأحوال.
فبحنجرته المهولة وجأشه الثابت الأشمّ انطلق ناصر يصدح: (تقلّبتُ في جرحينِ: قدسي، وبابلي/ فهذا هنا نبعي، و(هاذاك) هاطلي/ ووحدي إذا ما (طحتُ) وحدي أُعينُني/ فقد كنتُ منذ البدء حملي وحاملي/... أنا كلّ ذنبٍ حين في النخل سعفةٌ/ تنادي: أغيثوا؛ قبل موت الفسائلِ!)، لينسج عبر هذه الافتتاحيّة لوحةً من التساؤلات التي حثّ فيها الأنفاس قبل الخطى باحثاً عن البشرى، معاتباً الأيّام، واقفاً في الفراغ.
القصيدة الثانية أهداها الشاعر إلى (الشهيد) طارق عزيز، بحضور زياد طارق عزيز الذي رحّب به ناصر، وهو في قمّة النشوة بالنصر: (ثلاثةٌ في شهقة البيارق/ الرافدان نزفهُ وطارق/ ولا يغيب طارقٌ عزيزٌ/ عن أهله؛ فالشمس لا تفارق!).
وفي سؤاله (تينة الدّار) في بير زيت التي زرعها أبوه في غيابٍ من البنين، وصف ناصر اللقاء بكلّ التفاصيل: (حين مدّت تينةُ الدار يديها/ عانقتني/ لم أكن فلاحها يوماً/ ولكنْ عرفتني/ ثمّ قالت:/ يا بُنيّ/ أتناديني أبي/ آتي إليكَ؟/ ها أنا في لهفتي/ بين يديك../ حين مدّت تينة الدّار يديها/ رفّت الأوراقُ/ فاخترتُ القريبة/ هي كفٌّ/ بخطوطٍ وأصابعْ/ خمسةٌ فيها العروق/ ولها في ظاهر الكفّ/ من الوشم حروق/ وبلونٍ من ترابٍ/ وظلالٍ/ وبروق/ حين قرّبت لها/ بالوجد خدّي/ لمستني/ بنداها/ ثمّ قالت/ يا بُنيْ/ ثمّ مالت/ بشذاها/ إنّها كفُّ أبي بين يديّْ!).
وبحزنه المعتّق الأصيل وقف ناصر راثياً (ما تبقّى) بكلّ هذا التسآل: (ماذا تبقّى من الحيطان يا بلدي/ والسّور مختنقٌ في قبضة الهدد؟!/ ماذا تبقّى من الإنسانِ، هل حُلُمٌ؟/ وليس يسكن في محرابه سهدي/ ولستُ أقطف أعنابي التي يبست/ وليست الـ(حصدتْ) قمح الرغيف يدي!/ ماذا تبقّى وذي (السّتون) قد عبرت/ وما يزال صرير الويل في العدد/ أصيحُ: أيني وأيني؟ لست أسمعني/ وكيف يسمع من في الفقد والنفد/ ومن سواي؟ أكاد الآن أنطقها/ يا ليت أمّي التي في القبر لم تلدِ!).
وفي (خليل الرحمن) كانت الاستضافة؛ حيثُ المشهد: (على دم الخليلِ/ جئتُ أطرح السلام/ هنا الصلاة قد توضّأت/ بأطهر الدّماء/ وها أنا أرى المرابطين/ بابتهالهم مضرجين/ وها أنا أراني/ مضرّجاً برهبتي/ أراني/ وبالتفاتتي إلى الغريبِ/ إنّه..لا وجهُهُ وجهي/ ولا لسانه لساني!).
وعلى ضفتي النهر كان الشاعر في (الأردن) يستعيد ذاك البهاء: (على ضفتيكَ/ مسيحٌ مُدمّى/ ورأسٌ على طبق/ ما يزال يجول شهيداً/ على ضفتيكَ/ وفي القرب../ من قمّةٍ في الجبل/ تُطلّ الصلاةُ عليك/ وفي الكهفِ../ من فتيةٍ مؤمنين/ على ضفتيك/ فقد خلق الله منك/ الرغيف/ وقرص العسل/ وغورينِ/ من غيرةٍ في الرجال/ بلى إنّها غيرةٌ في الرجالِ/ فلمّا انتخينا بأعناقنا/ تحدّر غورٌ هنا/ واكتملْ).








طباعة
  • المشاهدات: 18618

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم