23-02-2016 09:15 AM
سرايا - سرايا - أثارت حادثة مقتل الفتى حسين محمود مراد (11 عاما) صعقا بالكهرباء لدى ملامسته لوتد تثبيت عمود إنارة بالقرب من منزل ذويه بلواء الهاشمية الخميس الماضي، تساؤلات سكان في محافظة الزرقاء حول مدى توفر شروط السلامة العامة في الأعمدة والتمديدات التي تتبع لشركة الكهرباء، بما يجنب سقوط ضحايا آخرين.
وبوفاة الفتى حسين تكون أعمدة الكهرباء قد تسببت بثلاث وفيات في الزرقاء على الأقل خلال الأعوام الستة الماضية بالطريقة ذاتها، إذ قضى الشاب علي المحسيري (20 عاما) في العام 2009 بصعقة كهربائية جراء اتكائه على شبك حديدي، محاذ لعمود كهرباء قرب مبنى قديم تابع لمخازن الحبوب في منطقة ياجوز، والشاب سلطان نبيل ( 18 عاما) جراء ملامسته لعمود كهربائي في منطقة جبل المغير بالزرقاء.
وأتهمت العائلتان آنذاك شركة الكهرباء الأردنية بالتسبب بوفاتة الشابين، وقالت عائلة المحسيري إن العمود الذي تسبب بمقتل علي تسبب قبل ذلك بصعق 5 مواطنين، وأن أهل الحي تقدموا بشكاوى عدة إلى شركة الكهرباء لإصلاحه دون أن تقوم بذلك.
وقالت عائلة سلطان إن العمود الذي تسبب بوفاته تسبب قبل ذلك بساعة بصعق شقيقه الأصغر وأن المجاورين أبلغوا الشركة مرات عدة عن وجود تماس فيه، واستندوا إلى التقرير الأولي، الذي أشار إلى أن فريق الأعطال في شركة الكهرباء كشف على موقع الحادث حيث تبين وجود تيار كهربائي، رغم قيام الشركة بفصل التيار من المحول الرئيسي.
وفي ردها على الحادثين قالت شركة الكهرباء آنذاك على لسان رئيس قسم الطوارئ الناطق الإعلامي للشركة المهندس زياد الحمصي إنها "ستشكل لجنة تحقيق للوقوف على ملابسات الحادثين"، وكان من المبكر حينها كما قال الحمصي "الحديث عن سبب الوفاة لحين صدور تقرير لجنة التحقيق".
لكن وفاة حسين أعادت فتح باب من الأسئلة وفي مقدمها السؤال عن مدى توفر متطلبات السلامة العامة في أعمدة الإنارة وأعمدة الكهرباء والتمديدات الكهربائية التي تتبع لشركة الكهرباء الأردنية، ومدى التزام الشركة بإجراء الصيانة اللازمة لضمان عمل تلك المنشآت دون وقوع حوادث ومآس خطيرة وقاتلة، سيما أن هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن وعدت بفتح تحقيق منفصل في هذه الحوادث حاولت "الغد" مرات عدة الحصول على نتائجه دون جدوى.
ويقول سكان التقتهم "الغد" إن "هذه الحوادث المؤلمة يجب أن تكون مقدمة لسلسلة من الإجراءات الصارمة لفرض الالتزام بإجراءات السلامة العامة من جهة ومحاسبة المسؤولين عن عدم اتباع هذه الإجراءات من جهة أخرى، بما يضمن سلامتنا".
وقال المواطن أديب الشيشاني إنه يشعر بالأسى والخوف في كل مرة تزهق فيها روح إنسان بسبب "تقصير هنا أو هناك"، فأعمدة الكهرباء منتشرة بشكل عشوائي على الأرصفة وفي الشوارع وأمام المنازل، ويستحيل تجنب لمسها أو الاتكاء عليها.
وقال الشيشاني إنه وبصرف النظر عن سبب هذه الحوادث، تمتلك شركة الكهرباء الأموال اللازمة لتغليف هذه الأعمدة بمواد عازلة، وليس بالضرورة كامل العمود.
أما المواطن هاني المشاقبة فقال، إن شركة الكهرباء مدعوة للبحث في أسباب هذه الحوادث بما يضمن عدم تكرارها، ملمحا في الوقت ذاته إلى احتمال أن تكون ناتجة عن عبث أشخاص، سيما أنه شاهد مرارا من يقومون بوصل أسلاك بالأعمدة لإنارة "سهرة عرس، أو بيت عزاء، أو كشك للقهوة السائلة".
لكن ذلك لا يعفي وفقا للمشاقبة شركة الكهرباء من كامل المسؤولية طالما أنها تتقاضى رسوما وأموالا لقاء خدماتها للمواطنين، بما في ذلك ثمن الأعمدة.
وأضاف، "أنبه على أبنائي بعدم لمس أعمدة الكهرباء، لكن ذلك ليس حلا".
وقالت المواطنة مريم سالم حسن، إنها تخاف بشكل عام من الكهرباء، وهذه الحوادث تزيدها خوفا، مطالبة باستبدال الأعمدة المعدنية بأخرى خشبية كما أعمدة الاتصالات.
أما فني الكهرباء هيثم عبداللطيف يوسف، فأرجع معظم الحالات التي يصبح فيها العمود موصلا للكهرباء إلى تعطل وحدات الإنارة وحدوث تماس فيها يمر إلى العمود من خلال المظلة المعدنية (الغطاء) الذي يوضع على وحدة الإنارة،
لكنه لفت إلى أسباب فنية أخرى لكنها صعبة الحدوث (تماس في سلك واحد فاز phase).
وقال يوسف الذي يعمل في قسم الإنارة في بلدية الزرقاء إن شركة الكهرباء عممت قبل أربعة أعوام بأنها ستعمل على تأريض أعمدة الإنارة لإفراغ أي تيار كهربائي في الأرض، وهو ما يعرف بخط الإيرث لتوفير السلامة في هذه الأعمدة، لكنه نفى علمه إن كانت الشركة قد أتمت عملية التأريض.
ويقول والد المتوفى حسين، إن ابنه كان يقف مع أقرانه بمحاذاة المنزل بحسب أشخاص كانوا يتواجدون في المكان وقتها، فأمسك بوتد تثبيت العمود لتصعقه الكهرباء على الفور، مشيرا إلى أن المجاورين أبلغوه بأن حسين سقط على الأرض وجسده ينتفض فخرج من فوره ليستطلع الأمر.
وأضاف: "خرجت فوجدت حسين ملقى على الأرض، فحاولت إسعافه فيما كان الجيران قد أبلغوا الدفاع المدني، الذي حضر بعد وقت قصير وقام بنقله إلى مستشفى الزرقاء الحكومي، إلا أنه كان قد فارق الحياة".
وتوعد والده بمحاسبة المسؤولين أمام القضاء "ليس ثأرا لابني، بل خشية وقوع ضحايا آخرين".
لكن شركة الكهرباء قالت على لسان مصدر مخول، إن الشركة تشرف على 400 ألف عمود ضمن نطاق عملها، جميعها آمنة ما لم تتعرض للعبث أو سوء استخدام، وإن الشركة تقوم بشكل دوري بفحص وصيانة هذه الأعمدة، وتتأكد من وجود الفناجين العازلة بين الأسلاك، ووتد تثبيت العمود، وسلك لتفريغ الكهرباء.
ويتراوح العبث وفقا للمصدر بين الاستجرار غير الشرعي "السرقة"، أو عبث الأطفال بإلقاء أجسام صلبة باتجاه الأسلاك، أو حوادث اصطدام المركبات التي لا يتم الإبلاغ عنها لبساطتها، أما سوء الاستخدام فألقى باللوم به على أقسام الإنارة في البلديات.
وقال إن الشركة رصدت أخطاء في عملية تركيب وحدات الإنارة والتي هي من اختصاص البلديات، فطلبت منها مرارا الاستعانة بفريق الشركة عند التركيب لضمان إجراءات السلامة، "لكنها لا تلتزم بذلك".
وقال إن الشركة بدأت مؤخرا حملة لإعادة تأهيل أوتاد التثبيت ووضع فواصل في منتصفها لضمان عدم إيصالها للتيار في حال ملامستها لسلك كهرباء.
وحول حادثة مقتل الفتى حسين قال المصدر، إن فريق التحقيق الذي شكلته الشركة في الحادثة يواصل أعماله، بعد أن قام بالكشف على العمود ووتد التثبيت، ملمحا إلى احتمال أن يكون الخطأ ناتجا عن عمل وحدة الإنارة في البلدية.
وأضاف أن الشركة قامت بالتواصل مع ذوي الفتى حسين، وفي حال أثبت عمل اللجنة مسؤولية الشركة عن الحادثة ستقوم بالإجراءات المتعارف عليها لإبرام صك صلح.
من جانبها قالت هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن الخلف القانوني لهيئة تنظيم قطاع الكهرباء في ردها على وفاة الفتى حسين، صعقا إنها لم تتبلغ إلى الآن بالحادثة، لا من ذوي الفتى ولا من شركة الكهرباء.
وقالت الناطقة الإعلامية للهيئة تحرير القاق، إن الفريق الفني يقوم بجولات رقابة دورية للتأكد من توفر خدمات آمنة في قطاع الكهرباء، "كما يفترض بشركة الكهرباء توخي الحذر دائما لضمان أمان مرافقها".
لكنها قالت، إن بعض الحالات التي تابعتها الهيئة ناتجة عن عبث أو استجرار غير شرعي، من دون أن تحدد هذه الحوادث، لكن ذلك لا يعني إعفاء الشركة من مسؤوليتها في حال ثبت أنها قصرت.