-->

حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 12242

المشهد الثقافي .. «الأدبي» إذ يطغى على «الفني»

المشهد الثقافي .. «الأدبي» إذ يطغى على «الفني»

المشهد الثقافي ..  «الأدبي» إذ يطغى على «الفني»

24-02-2016 10:05 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - يلاحظ المتابع للمشهد الثقافي في عمّان، الحضور الكبير للنشاطات الأدبية (القصة، والرواية، والشعر، والنقد الأدبي)، والمعارض التشكيلية، والأعمال السينمائية المُنجزة بواسطة الهاتف المحمول وذات الإنتاج المتواضع التي تُعرَض في المهرجانات. وفي المقابل، ثمة غياب أو انكماش على مستوى العروض المسرحية والأوبرا والكورال والأوركسترا والفنون الأدائية والاستعراضية والغنائية، ذات الكلفة الإنتاجية المرتفعة نسبياً.
هذا الوضع يدفع للتساؤل حول أسباب هذه المفارقة المتمثلة في طغيان «الأدبي» على «الفني». حيث يمكن تلمس الإجابة ضمن معطيَين؛ الأول يكمن في أن «الكلمة» في لغة التواصل ما تزال تهيمن على الفضاء الاجتماعي والثقافي في الشرق بعامة، بينما تهيمن «الصورة»، المصدر الأساس للفنون البصرية، في الغرب. ويكمن المعطى الثاني في ارتفاع تكلفة النشاطات الفنية المسرحية والأدائية، وانخفاضها في ما يخص النشاطات الثقافية والأدبية.
للوقوف على هذه المسألة التي تؤكد حضور «الكلمة» الشرقية، مُقابل هيمنة «الصورة» الغربية في لغة التواصل، مع عدد من المختصين وأصحاب العلاقة في مؤسسات تشتغل في إنتاج النشاطات الأدبية والفنية وتسويقها.
مدير مديرية المسرح والفنون محمد الضمور نفى أن يكون أثر «الكلمة» هو السبب وراء طغيان الأمسيات الأدبية على العروض المسرحية والأدائية، مبيناً أنه على العكس مما يعتقد بعضهم، «العرب مولعون بالصورة أكثر من الغربيين». وأوضح قائلاً: «منذ القِدَم، قامت فضاءات التواصل بالنسبة للإنسان العربي على صور الأساطير والحكايات، ولو أمعنّا النظر في القرآن الكريم لوجدنا أن لغة التواصل بالصورة، ثرية وزاخرة في طرح المعاني الرئيسة والتعبير عنها».
وذهب الضمور إلى أن الكلفة المالية هي المسبب الرئيس لطغيان «الأدبي» على «الفني»، لأن المسرحية «صناعة»، يحتاج إنشاؤها إلى «كلفة تعد مرتفعة نسبةً إلى إنتاج أعمال أدبية، وبخاصة في ظل عدم وجود استراتيجيات ضمن موازنات الدولة تدعم هذه الفنون الجماعية».
وحملت مديرة جالاري رؤى سعاد حوراني، «مسؤولية غياب الأعمال الجماعية إلى وزارة الثقافة والشركات الكبرى التي من المفترض أن تخصص جزءا من أرباحها لدعم الأعمال الكبيرة التي تحمل مضامين جمالية تعكس الحالة الحضارية لمجتمعاتنا».
واكدت: «يجب أن لا تشكل الكلفة المرتفعة عائقا لظهور تلك الأنماط الغائبة». بينما أشارت إلى «تقصير الجهات الإعلامية المتابعة للأعمال الجماعية، وبالمقابل نرى العمل الفردي أنجح؛ حيث أن الفنان التشكيلي مثلا يقوم هو نفسه شخصيا بالإتصال مع الجمهور، مما يحقق جمهورا معقولا عدديا يشاهد نتاجه».
واوضحت أن الرؤى الفردية للفن في العالم الشرقي عموما، مترسخةً مثيولوجيا عبر مختلف الحقول الفنية بحضور الكلمة، و»هذ عكس الرؤى الفنية في العالم الغربي التي تتأسس على الجماعي والصورة، لذلك نرى هذه الرؤى تحضر في العقل الباطني حتى لدى الفنانيين، ومبينةً بالأصل يجب أن لا تبرز مثل هكذا ظواهر، فالفنون تدعم بعضها».
من جانبه قال مدير الدائرة الثقافية في جريدة الدستور نضال برقان: «لم تزل الشعوب العربية، من جهة إنتاجها للإبداع والفن بداية، ومن جهة تلقيها لهما تاليا، منحازة إلى الفعل الفردي، الذي يكرس فكرة (الـ»أنا»/ الواحد/ البطل)، على الصعيدين: الفردي والجمعي».
وأضاف: «في الوقت الذي يجتاح فيه التهميشُ والإقصاءُ والتغييبُ بنية هذه المجتمعات، فإنها تجنح، بوعي أو من دونه، باتجاه الإبداعات والفنون التي من شأنها إشاعة إحساس الفرد بذاته وكينونته، وتنأى في الوقت نفسه عن تلك الإبداعات والفنون ذات الطابع الجماعي، حيث تذوب فكرة الـ»أنا» المفردة، لصالح فكرة «نحن الجماعة».
وزاد: « ثمة شيوع، بين هذه الشعوب، خلافا لجلّ الشعوب الأخرى التي لا تعاني من هذه (الأزمة)، في الاتجاه للإبداعات الفردية التي تتجلى في الآداب من شعر ونثر وبعض الفنون البصرية كالتشكيل، وثمة انحسار للإبداعات الجماعية على غرار المسرح والفنون الأدائية والاستعراضية».
وأكد على أن حجم النفقات يلعب دورا ليس بالقليل في حسم هذه المسألة، فقال: «ثمة أسباب (ثانوية) يمكن الإشارة إليها في هذا السياق، منها ما يتعلق بالتكلفة المادية من جهة إنتاج تلك الإبداعات والفنون، إذ أن أقلها كلفة أكثرها شيوعا، كما أن الإبداعات الأدبية ذات ديمومة بحيث يمكن الرجوع إليها بين حين وآخر».
واوضح أن الفنون المسرحية والأدائية والاستعراضية تنتهي فاعلية وتأثير الكثير منها بانتهاء عروضها من دون أن تستطيع تحقيق أثر مستدام في المتلقي».
من جانبه، أوضح مسؤول الإعلام في مؤسسة عبد الحميد شومان أحمد طمليه، أن غياب المسرح والأوبرا والفنون الأدائية، وشيوع النشاطات الأدبية، يعود إلى «كسل المبدع، كونه يذهب إلى الجهة الأقل تكلفة»، مبيناً أن «مجتمعنا الذي نعيش فيه لم يصل بعد حضارياً للاعتناء بالمسرح والفنون البصرية الأدائية والتناغم معها».
وأضاف أن عمّان «تقتات على نفسها فنياً منذ عشرين عاماً»، شارحاً ذلك بقوله: «إذا نظرنا إلى الحقل التشكيلي نجد تكراراً للأسماء نفسها أو لمن يدور في فلكها، كأن الأمر احتكار أو وراثة؟!»، مبيناً أن «العواصم الأخرى تتجاوز التكرار وتتواصل مع إبداع الموسيقى والأوبرا، بينما نحن لم نتحرك قيد خطوة، وهذا يرتبط بالثقافة الشعبية التي تراوح مكانها»، لذلك، والكلام لطميله: «لم نتمكن من صنع نجم مسرحي واحد حتى الآن!».

(الرأي)








طباعة
  • المشاهدات: 12242

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم