25-02-2016 10:05 AM
سرايا - سرايا - عرض على مسرح جمعية دبا الفجيرة العمل الاماراتي «مرثية الوتر الخامس» ، الذي أخرجه فراس المصري عن نص الكاتب مفلح العدوان الحاصل على المركز الأول في مسابقة الفجيرة لنصوص المونودراما ومن إنتاج هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام.
العمل الذي استل قصة حياة زرياب « أبو الحسن علي بن نافع»، الموسيقار والمطرب عذب الصوت العراقي الاصل ومن العصر العباسي، والذي كانت له إسهامات كبيرة وبارزة في الموسيقى العربية والشرقية جاء اقرب الى اكتمال الرؤية.
وشكل المثلث الإبداعي العدوان والممثل عبدالله مسعود، والمصري حالة إبداعية تجاوزت المألوف، واسس هؤلاء مع الفريق المساند الذي قدم سينوغرافيا جميل عملا متكاملا.
وزاد ذلك محمد المراشد الذي صنع من الضوء لحظة نورانية وخلق حالة من التماهي ما بين النور والممثل تجاوز نفسه في ما قدم، ليضاف الى ذلك الرؤية الموسيقية التي قدمها الفنان عامر محمد التي اعادت زرياب للحياة، وقسمت هذه الحياة موسيقيا بشكل جميل بكل ما فيها من تلاوين الوجع الزريابي البعيد.
استند العرض الذي قدم تحولات ومراحل حياة زرياب وتمثلت بنقل معالم الجمال حتى وصلت الى نقطة مهمة استفزت الكاتب والمخرج وتستفز المبدع بشكل عام وهي الفتوى ضد الجمال وضد الحياة في هذا الزمن الموغل في الوحشة ليكون عرضا مونودراميا بامتياز، مستنداً على رؤية واضحة لمخرج واع لحياة زرياب والتقط ما يتقاطع مع الحالة الراهنة واسس لها تاريخيا وتراجيديا ليعود زرياب الذي عاش قبل اكثر من الف سنة كما هو الان او كما نحن الان، يحمل همومنا والامنا ويسقطها على واقعنا.
المخرج قدم رؤية استندت على نص وسينوغرافيا ذكية ليكتمل المشهد على خشبة مونودراما الفجيرة وكأن مهرجان المونودراما قد افتتح للتو، وهذا يقودنا الى ان نقول ان هذا النص رغم وجود الهنات الخفيفة الا انه كعرض اول كان عرضا يستحق ان يعاد الشغل عليه من جديد وان يقف المخرج عند الالتقاطات النقدية وان يطوره ليكون اكثر نضجا واهمية.
المخرج استخدم اداوات كثيرة في اعادة انتاج زرياب وتنقل كثيرا بيت نقاط حياة زرياب وفي كل نقطة قدم لحظة جمال مهمة، اضافة الى الاضاءة التي اسهمت بشكل مباشر في ابهار المتلقي حيث رسمت الاوتار بالضوء، وهذا لا يقل اهمية عن الرؤية الموسيقية التي اسهمت بشكل مباشر في تقديم معزوفات جمالية ادت الى تقديم مشهد فني واسع .
المسرحي عبدالله السريع اشار الى اهمية العرض وقدرة المخرج على التقاط ما جال في حنايا النص، مضيفا انه لم يفاجأ بهذا العرض لانه قرأ النص فكان تعليق لجنة التحكيم عليه شعرا، حيث كانت هنالك لغة عالية وحرفية في كتابة هذا النص، اما الممثل فقد كان على قدر عال من الابداع فكان ممثل حاوي، وعلى صعيد النص فقد كان النص نصا مونودراميا حقيقيا ليس لانه فاز بالمركز الاول فقط بل لانه ايضا قدم هذه الحالة الجمالية واعاد انتاجها، فالربط بين ما كان وبين ما يكون يدل على ان الكاتب يهتم بامور الامة وحال مبدعيها.
المسرحي يوسف الحمدان اشار الى ان العرض كان اشكاليا معاصرا يقرأ الواقع برؤية ماضوية وضرب على الوتر الحساس، حيث قدم النص قراءة مهمة من كاتب وشاعر ويجيد الارتحال بين الصور الشعرية الحية وهو اقرب للدراما والحياة في المسرح، اضافة الى رؤية المخرج والتي اسست لصور واضحة تجاه ما يعاني المبدع والفنان بشكل عام .
ولعل الحالة السيميايئة والتي تمثل انقطاع الوتر الخامس بحسب الحمدان والتي انسحبت على كل ما يقتصر بشريان الحياة وكيفية استخدام هذا الوتر الذي تحول عبر الرؤية الى حالة استمرارية دائمة كانت مهمة جدا في هذا العمل حيث جسدها الممثل وسط هذه الفضاءات فكان عبدالله مسعود الذي يمتلك ادواته يتحرك بفضاءات عرضة بشكل جميل ولافت.
المخرج فراس المصري الذي قدم دلالات مهمة لعب من خلالها على السلالم والعود والوتر الذي تموضع في اخر المسرح، فكان صاحب رؤيه تمثلت في البحث عن العود المسروق وتوظيف هذه الادوات في فضاء العرض المسرحي والموسيقى وارتحالاتها الاندلسية.
د.سامية حبيب اكدت ان العرض كان مسرحيا حقيقيا وكانت الثيمة الاساسية هي كيف ان هناك مجتمعا يتفق على مبدع وهذا هو الذي مثل المحك الدرامي للعرض وان ما وصل، هو هذا القهر السياسي والاجتماعي .
مدير مهرجان جرش محمد ابو سماقة اكد على ان هذا العمل كان ناجحا ومتكاملا بامتياز حيث كانت الموسيقى والاضاءة والمخرج والكاتب والممثل كلهم ابطال، لافتا إلى الاسقاطات السياسية المهمة التي تمثلت في الاوتار الخمسة وكانت هذه المسرحية التي قدمت المراحل التاريخية المهمة وسؤالاتها هي عرض كامل البناء ومفعم بالطاقة التي اسست من خلال استلهام هذا التاريخ ليسقط على الحاضر بكل همومه، مؤكدا ان العرض الذي قدم كان افتتاح الدورة المونودرامية وان هناك سعادة غامرة لان البطولة جماعية وهناك توحد في انجاز هذا العمل وهو عمل مهم جدا ويجب ان يعرض ليشاهده اكبر عدد ممكن من الناس .
المسرحي حاتم السيد اشار الى أن اهمية العرض تجانس الفريق، وان اي حكم على العمل لا يجب ان يكون بمعزل عن النص ولابد من قراءة النص حتى يستطيع الناقد الحكم على العرض بشكل جيد، مؤكدا ان الاخراج رؤية، وهو ان تأخذ فكرة ما من المسرحية او خط او التقاطة معينة او ان تاخذ النص بمجمله وتعمل عليه وهذا هو ما يقوم به المخرج تحديدا حيث يدرك اين سيكون واين يريد ان يعمل وبالتالي فان الاخراج هو رؤية جمالية وتوظيف اخر للنص بشكل عملي ومفهوم وهذا ما قدمه المخرج في هذا العرض المتميز، فزرياب ليس زرياب الذي هناك وانما هو زرياب مفلح العدوان وهذه ليست سيرة ذاتية تاريخية وانما هو اختيار زريابنا نحن فالاوتار هي اوتارنا نحن وليست اوتار زرياب فاللحظة الراهنة لحظة قبيحة واننا نحتاج الى ان نعيد انتاج الجمال كما نراه نحن.
المسرحي العراقي عزيز خيون بارك هذا التجمع الاماراتي الاردني لانجاز وانجاح هذا العمل المشترك ، معرباً عن أمنياته ان تستمر هذه المحاولة وان تكون عرفا في المرات القادمة، مضيفا اننا في زمن القبح نحتاج الى الجمال وما دفع مفلح الى اختيار زرياب ليس دافعا بريئا لان الموسيقى هي منصة المبدع، وان ما قدمه المخرج من قدرة عالية في استخدام جميع ادواته يوحي بانه يمتلك طاقة مذهلة ومهمة عربيا خاصة وان المونودراما هو عمل مرعب ولايدخله الا الاكفاء، ولعل الوتر المهم في هذه المرثية هو الموسيقي عامر محمد لانه منح العمل جمالا اكثر وكم تمنيت لو ان يكون حضورهما اكثر لاننا نتحدث عن عبقرية مسرحية ولاننا بالجمال نكون اكثر حضورا وان ما يواجه المخرج من ارتباك وقلق في اللحظات الاخيرة هو قلق مشروع.
الكاتب مفلح العدوان عبر عن شكره الهيئة العربية للمسرح على انتاج هذا العمل وعلى المسابقة التي تمنح الكاتب العربي الفرصة الحقيقة لانجاز نصه اكد على انه كان سريعا في كتابة المرثية والتي استلت شخصية زرياب من التاريخ ليقف على خشبة المسرح، ويقول بلسان الفنان والمبدع الحاضر همومه وما يواجهه من الام وصعوبات، الا انه سعيدا بهذا الانجاز الذي اكتمل على خشبة المسرح، شاكرا الزملاء الذين انجزوا هذا العمل وتحملوا عناء انجازه.
الممثل عبدالله مسعود اشار الى ان هناك اشياء لم تقل في المسرحية خاصة واننا نعيش حالة ارتباك في داخلنا ووحدة صنعناها بانفسنا واحطنا انفسنا بالخوف والرعب، وان الامن والامان ان ترى كل شيء يسير بوضعه الطبيعي وكما يحب، لكن هنلك رسالة واضحة في المسرحية وهي ان نعود بانفسنا الى السلام والحرية.
المخرج فراس المصري أكد اهمية ان نعرف ان الاخراج رؤية ووجهة نظر تأخذ المخرج الى منطقة هو يرغب في ان يصل اليها ثم يعمل عليها ويقدمها وهو ليس مجبرا في ان ياخذ مجمل النص ويعمل عليه، لذلك فان هنالك فرصا اخرى لمخرجين اخرين ان يعيدوا انتاج هذا النص برؤى اخرى، مقدما الشكر للهيئة العربية على اختياره لاخراج هذا العمل ولفريقه الذي ساهم بشكل كبير في اخراجه للوجود. إلى ذلك قدم على مسرح دبا الفجيرة العرض الايطالي «إيموتا مانيه» وتدور أحداثه من مدينة لاكويلا التاريخية عاصمة إقليم أبروزو في وسط ايطاليا ، مسقط رأس بطل العرض الفنان الايطالي لويجي غويرييري، الذي يلعب دور الممثل والمخرج معاً ليتحدث عن قصة حقيقة ، محاولاً ربطها مكانياً بالزلزال الذي أصاب مدينته لاكويلا عام 2009 ، و تسلط الضوء على مشاهد من الحياة الرتيبة المملة ومشاهد من الحياة الصاخبة لقصص صغيرة، وفق لغة الجسد التي أجادها الفنان في فضائه المسرحي التي ترافقت معه الموسيقى الهادئة والصاخبة .