27-02-2016 09:48 AM
سرايا - سرايا - اعتبر د.ماجد توهان الزبيدي أن بداية الأدب النسوي الأردني رافقت صدور العدد الأول من مجلة "الرائد" لمؤسسها أمين أبو الشعر النمري في العشرين من حزيران (يونيو) العام 1945، التي أوقفها الرقيب نهائيا عندما اصبحت لسان حال حزب الشعب الأردني في العام 1947.
وأوضح الزبيدي في المحاضرة التي نظمها مركز تعلّم واعلم للدراسات وبالتعاون مع رابطة الكتّاب، أول من أمس في مقر رابطة الكتاب الأردنيين بعنوان "الأدب النسوي في الصحافة الأردنية قبل الاستقلال"، وأدارها د. احمد ماضي، أن الصحافة في الأردن قبل الاستقلال لم يكتب لها النجاح، كصحافة بيروت ودمشق والقدس ويافا وحيفا والقاهرة.
واستعرض المحاضر أسباب تأخر ظهور الصحافة الأردنية، منها "الرقابة الصارمة على كل ما يكتب أو يُذاع أو يوزع، من قبل دائرة المعتمد البريطاني والدوائر المؤتمرة بأمره كدائرة المطبوعات والنشر، وثانيها المجلس التنفيذي أو الحكومة تحت الانتداب التي كانت مرجعيتها مكتب الانتداب، ثم التمسك الحرفي بالتشريعات التركية البالية".
ومن عوامل تأخر ظهور الأدب النسوي في الأردن بحسب المحاضر "قُصر أعمار الصحف والمجلات التي صدرت خلال عهد الإمارة وضعف حركة تعليم البنات في مجتمع، لم يكن فيه في العهد العثماني سوى أربع مدارس ابتدائية، ويرزح تحت نير الفقر والبؤس".
واستعرض الزبيدي عدد من الكاتبات الأردنيات اللواتي كتبن في قضايا المرأة الأردنية، منهن الراحلة "أميلي بشارات التي ولدت بمدينة السلط العام 1913، ودرست في لندن الحقوق وكانت أول محامية في نقابة المحامين الأردنيين وأول من أسس ملجأ للأيتام هو "مبرة أم الحسين"، ومن أوائل المناضلات في سجل حقوق المرأة وتحقيق أول اتحاد نسائي أردني.
وبين المحاضر أن العدد الأول من مجلة "الرائد" تضمن أربع مساهمات لثلاث كاتبات في باب "نسائيات"، هن "أملي بشارات، "بنت الأردن"، "ريم الحمود"، مشيرا إلى أن مساهمة "بنت الأردن" وهو اسم مستعار، جاء تحت عنوان غير عادي هو "أيها الرجال: الأمر جد"، بينت فيه الكاتبة ابتهاجها لاهتمام مجلة "الرائد" بشؤون المرأة، ومركزة على فضل المرأة المتعلمة على الجاهلة، وراجية الآباء والإخوان والأجداد الاهتمام بالمرأة وتعليمها وتثقيفها.
بينما جاءت المساهمة الثالثة من بحسب الزبيدي، "مريم الحمود"، وتحدثت عن تأخر ظهور الجمعيات النسائية في شرقي الأردن من خلال التركيز على مناسبة تأليف "جمعية الاتحاد النسائي الأردني". وفي العدد الثاني من المجلة ظهرت الكاتبة "لمعة بسيسو" في الباب ذاته من خلال مقال بعنوان "الأردنية بين الجهل والعلم"، وعبرت فيه عن الغبطة والارتياح، إذ نلمس بوادر اليقظة في المرأة الأردنية وشعورها بمسؤوليتها في المجتمع".
وأشار المحاضر إلى أن المساهمة النسائية الثانية في "نسائيات" العدد الثالث من "الرائد" كانت عبارة عن تقرير من صفحتين وعمود بعنوان "انتصارات المرأة في شرق الأردن"، مشيرا إلى أن الكتابات النسوية تواصلت بأسماء مُستعارة، وحفل العدد الثاني والعشرين (9 حزيران (يونيو) 1946) بمساهمة من عمود بعنوان "شرر أم حباب؟" بقلم الآنسة (د).
ورأى الزبيدي أن الكتابات النسوية الأردنية ما كانت لترى النور لولا فطنة وإصرار صاحب مجلة "الرائد" الأديب "أمين ابو الشعر النمري"، الذي يقف وراء كل ذلك، مبينا أن معظم القضايا التي تناولتها الكتابات الأردنيات لم تكن شخصية بل وطنية واجتماعية وسياسية وتربوية عامة تهم مجتمع الأردن العربي.
وخلص الزبيدي إلى أن فقر الحياة التعليمية وقصر أعمار الصحف والمجلات بسبب الرقابة وغير المُبررة على الصحف والمجلات وتوقيفها وأصحابها دون مبرر في أحيان عديدة، هي ابرز أسباب غياب كتابات نسوية في مصاف مثيلاتها في أقطار عربية مجاورة، فالفقر وصعوبة حياة الأردنيين، وتخلف العادات والتقاليد في أوساط مجتمعنا حتى النصف الأول من القرن العشرين كانت من العوامل الرئيسة لغياب وجود المرأة الصحافية والكاتبة والمؤلفة والشاعرة والروائية.