28-02-2016 10:04 AM
سرايا - سرايا - بعذوبة الوجد المنساب كأنه زفير النور، ألقى د. صلاح جرار وزير الثقافة السابق عدداً من قصائد ديوانه «جادك الغيث» الصادر عن دار الرابطة للنشر والتوزيع في الشارقة.
أمسية الشعر في منتدى الرواد الكبار التي أدارتها الروائية سحر ملص، تضمنت تقديم الناقد د. زياد الزعبي قراءة نقدية تأملية في الديوان الأول لجرار أستاذ الأدب الأندلسي في الجامعة الأردنية.
مستهلاً بـ»كؤوس الرضا» أولى قصائد الديوان، نوّع جرار الحاصل في العام 2009 على جائزة الدولة التقديرية على جهوده في مجال الأدب، في خياراته الشعرية، وتنقل بين قصائد الديوان وقصائد أخرى من خارجه، متتبعاً نجوى الفؤاد ووجهات الروح:
«أدرْ لي بعض كؤوس الرضا.. ودعْ نسمات التّصابي تَهُبُّ
فلا يَعْرِفُ البُرْءَ إلا سقيمٌ.. ولا يعرفُ الوَجْدَ إلا مُحِبُّ
لأنّك تّعْلَمُ ما في الضمير.. وماذا أُحِبُّ وما لا أُحِبُّ».
جرار صاحب «زمان الوصل» وكتب أخرى كثيرة حول الأندلس والأدب، ألقى، إلى ذلك، قصائد: «الزمن العذب»، «ذات الوشاح»، «مداد القوافي»، «حيرة»، «سلام عليك»، «ليل العاشقين» و»يا من على وجلٍ ألمّا».
قصائد الديوان جاءت محملةٌ في جلّها أشواقاً وجدانية آسرة الشجن وغارقة في لحظ اللقاء وعبرات النجوى:
«لم يكن لي إلى رضاك مُعينٌ/ لم يكن لي إلى لقاء سبيلُ
الزمان الذي أتى بك حلوٌ/ والجمال الذي اعتراك نبيلُ
فيك للناظرين آياتُ حُسْنٍ/ شِيَمٌ حلوةٌ وخُلْقٌ أصيلُ
كلُّ ما فيك ساكنٌ في خيالي/ كلُّ ما فيك من خصالٍ جميلُ
طال ليلي وما نسيتك يوماً/ إن ليلَ العُشّاق ليلٌ طويلُ».
د. زياد الزعبي رأى في قراءته للديوان أن «جادك الغيث» هو «تعبير عن داء الأندلس المقترن بداء فلسطين الذي لا شفاء منه»، مشيراً إلى أن لغة القصائد نابعة من «جماليات الغياب وهي تعاين المفقود شعرياً كشكلٍ من أشكال معايشته من جديد، معايشة مسكونة بحس الاسترجاع والتأمل لكل ما هو جميل في غيابه المأساوي».
الزعبي قال في الأمسية التي تابعها حضور لافت إن «الفعل الشعري يجسد حالة من حالات التوازن السيكولوجي في مواجهة حالة الفقد التاريخي المقيم، وربما يمثل في الوقت نفسه شكلاً من أشكال استدعاء السعادة من بين أنقاض الشقاء (التراثي)».
قصائد الديوان بحسب الزعبي، مسكونة بـ»الشجن والحب والحزن والحنين، توقظ في الروح أشواقها إلى عالم مفعم بالصفاء والصدق، عالم نفتقد فيه ما نحب ومن نحب، تنبع من هنا شهوة الكتابة التي تمكننا من رسم ملامح ما نريد، والتي تمنحنا بعض ما نفتقد، ونستعيد بها ما يستعاد».
كما إن عتباته (عتبات الديوان) تأخذ القارئ تلقائياً، كما يرى الزعبي، إلى الأندلس مقترناً بصوت فيروز وكلمات لسان الدين ابن الخطيب الذي يقول «جادك الغيث إذا الغيث همى/ يا زمان الوصل بالأندلس».
الزعبي يذهب إلى أن قصائد جرار جميعها منبثقة من «الكون الأندلسي ومعبرة عنه، فهي تستعيد ملامح الأمكنة الأندلسية «جيان»، «شهد جيان»، «لوشة» «وكونكا»، وحزن اشبيلية، وقمر المغرب، بأسلوب تحضر فيه السمات الأندلسية في الإيقاعات والموضوعات والتشكيلات اللغوية، لكنها وهي تستقي من هذا المعين تتجلى في بنيات فنية خاصة بها معبرة عن روح صاحبها وفكره وثقافته، وهي تمثل بهذا صورة للتناص العميق الذي يعمق صورة الحاضر بالماضي، ويضيء كلا منهما بالآخر».
الكاتبة هيفاء البشير رئيسة منتدى الرواد الكبار كانت استهلت الأمسية بكلمة ترحيبية استعرضت فيها بعضاً من إنجازات (الشاعر) صلاح جرار، وبعض ما أنجزه الناقد د. زياد الزعبي خلال مسيرته الأكاديمية النقدية اللافتة.