01-03-2016 10:08 AM
بقلم : فرح ابراهيم العبدالات
قال الله تعالى متحدثا عن وجوب التأمل في النفس البشرية وما أودعه الله تعالى فيها من قدرات : (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) ،فكم هو رائع الغوص في تفاصيل هذ النفس لنتعرف على الطاقات الكامنة فيها، ومن هذه الطاقات ما يسمى بالتخاطر عن بعد أو الاتصال الروحي ، فكم مرة خطر ببالنا شخصا معينا ثم سمع هاتفه يرن وإذ بهذا الشخص نفسه هو المتصل؟ كم مرة خطر ببالنا شخص فإذا بنا نلتقيه بعد لحظات ؟فعالم التخاطر أو الاتصال الروحي عالم غريب مليء بالغموض بالفعل ، فهنالك من تأتيه هذة المقدرة بسهولة ،وهنالك من يصل إلى البداية فقط ثم لا يستطيع أن يكمل، كل ذلك مرتبط بالصفاء الروحي والإيمان بوجود هذه القدرات.
من المعترف بأن الإنسان يعيش في عالمين ، العالم الحسي والعالم الروحي ،فالعالم الحسي تسيطر عليه الإدراكات الحسية ، كالسمع والبصر والذوق واللمس والشم ،أما العالم الآخر فهو العالم الروحي أو عالم اللاّوعي،فتسيطر عليه أبجديات غير معروفة ويتخبط العلماء في فك رموزها، وكلا العالمين يعيشان جنبا إلى جنب في حياة الناس ويطغى بعضهما على بعض حسب طبيعة الشخص ومقدراته الروحية والحسية، وطبيعة البيئة التي يعيش فيها والعوامل المؤثرة التي يخضع لتأثيراتها، فالتواصل مع الآخرين عن طريق التخاطر، يحدث عندما تنخفض قدرات عالم الحس وانكفاءه،فالتخاطر عن بعد أو التخاطر الروحي وله اسامي متعددة مثل "التخاطر الذهني" هو عبارة عن نوع من الاتصال العقلي عند البشر بصورة غير ملموسة بين شخصين محددين بحيث يستقبل كل منهما رسالة عقلية من الطرف الآخر بنفس الوقت الذي يرسلها اليه بغض النظر عن المسافة التي تبعد كليهما عن الاخر,بمختصر الحديث كلمة "التخاطر"معرفة احدهما بما يدور في رأس الآخر.
فلنضرب أمثلة شبيهة بعملية التخاطر كجهاز تحكم التلفاز مثلا (الريموت كونترول) او كما انتشرت الآن في الهواتف النقالة و أجهزة الحاسب , تعتمد على نقل الملفات و البيانات من جهاز الى جهاز آخر عن طريق الموجات و بدون اسلاك , بعضها قد يستقبل ويرسل , والبعض يستقبل فقط لكن لا يرسل ,عقل الانسان في حالة التخاطر كهذه الاجهزة ايضا,التخاطر اذن استقبال للطاقة الصادرة من عقل أي شخص وتحليلها في عقل المستقبل ,اي انه يدرك افكار الاخرين و يعرف ما يدور في عقولهم و ايضا باستطاعته ارسال خواطره و ادخالها في عقول الآخرين.
وهنالك أنواع و أشكال لهذا التخاطر مثل: إحساس الأم بولدها عندما يقع له مكروه كالمرض أو الحزن أو حادث مفاجىء لا قدّر الله,عندما تريد ان تقول جملة أو كلمة وقد سبقك صديقك الذي يجلس معك بقولها قبلك أو كأن يقولان شخصان العبارة نفسها في نفس الوقت, عندما تردد أغنية في عقلك وتتفاجئ بأن الذي معك يغنيها بصوت عالي, عندما تتمنى أن يتصل بك أحد الأشخاص فتتفاجئ بأنه قد أتصل بك في نفس اللحظة مباشرة, وغالباً ما نتصوّره مثل هذه المواقف بأنها صدفة بحتة ولا نربط معطياتها بأنها عملية تخاطر كانت قد حصلت بالفعل .
وحسب ما قرأت عن هذه الظاهرة و ضمان نجاح نتائجها يجب توافر بعض من الشروط لذلك ,كأن تكن ليلة قمريّة, وتحلّي المرسل بصفاء الذهن تماما و هدوء الأعصاب, حيث يشترط ان تتواجد ايضا رابطة روحية يعني أن يكون هناك محبة ليس شرط أن تكن المحبة من الطرف المرسل والمستقبل ولكن قد تكون من الطرف المرسل فقط أو المستقبل فقط وأن تكن اي نوع من المحبة أخ، أم، أب، صديق,زوج بعيد ,ابن , حينها يفكر بذلك الشخص و يتخيل وجوده أمامه و يرسل اليه رسالة من صميم النفس ,حينها تحصل عملية التخاطر الذهني و غالبا ما تكن نسب النجاح في تحقيقها كبيرة.
اني أرى عملية التخاطر الفكري أم الذهني هي وسيلة جيدة للتواصل مع اشخاص غابوا عن نظرنا وعن حياتنا منذ فترة زمنية ما حدد لها نهاية, الكثير ممن سيقرأون عن هذا الموضوع سيستخِفّون بالموضوع أو حتى لا يصدقون بأنها علمٌ و دراسات قد بُحِثت من أشهر العلماء و الباحثين لحدّ هذه اللحظة,انني أرى بأن يجب أن نضع بعين الاعتبار أن الحالات التخاطرية قد تحدث طوال الوقت في نهارنا و ليلنا لكننا نفتقر الى الادراك للتعرف عليها,فلِمَ لا نغوص داخل المحيط لاكتشافه بل يكفينا النظر الى سطحه و الاستمتاع بهدوئه فقط؟؟ سؤال يجب طرحه على كل من يأخذ الامور بسطحيتها ولا يجرؤ على اكتشاف الأعمق منها.