03-03-2016 10:54 AM
بقلم : المهندس عصمت حداد
الشَّهيدْ : كلمةٌ لا ينالُ شَرَفَها إلا الرجلِ الذي يهِبُ نفسَهُ لِلذودِ عن مبادِئهِ ، وكثيرونَ مِن أبناء هذا الوطنِ يتمنونَ الظَّفَرَ بها.. والحُصولِ عليها.
إنَّ معادلةَ هذه الأمةِ تقول : أنَّ مَن يموتُ ﻷجلِ نفسِهِ.. سيعيشُ صغيراً ويموتُ صغيراً ، وأنَّ مَن يموتُ ﻷجلِ أُمتهِ.. سيعيشُ عظيماً ويموتُ عظيماً ؛ فالشَّهادَةُ قيمةُ القِيَمِ وذمَّةُ الذِّممْ ، والشهداءُ هُم بُناةُ الوطنِ وصُنَّاعُ النَّصْر ، هُم الحقيقةُ الوحيدةُ الواضحةُ في واقِعِنا المُلتَبَسْ ، فلا لُغَةً يَسَعُها تجاوزَ رائحةِ دمائهِم ، ولا كُلَّ حروفِ الأبجديَّةِ تكفي لِرِثاءِ شهيدْ ، فطوبى لكم يا شهداءَ الحقّ ، طوبى لكم يا شهداءَ الواجِبِ ، إننا ننحني إجلالاً أمامَ عظمتكم.. وأنتم ترتقونَ كالشُّهُبِ في السماءْ ، أنتم الباقونَ في الذاكرةِ ، وبكم تشمخُ الأوطانْ ، ذكراكم لن تموتْ ، ها هيَ الجنَّةُ شَرَعَتْ أبوابها لِتستقبِلُكُم.. فاستحقيتُمُ الخلودَ الذي لا ينالُهُ إلا الشُّرفاءُ المناضلونَ دفاعاً عن ترابِ الوطنِ وصَونَ كرامته ، ستبقى سيرتكمُ العطِرَةُ..قناديلاً لِمعنى الكرامةِ والحُرِّيهْ ، ستبقى سيرتكم العطِرةُ.. مشاعلَ حقٍّ لمعنى النَّصْرِ والإرادةِ..ولحناً مكلَّلاً بالغارِ والياسمينْ.. وعنواناً صادِقاً لوجودنا وكرامتنا.. ونهجاً أردنيَّاً ضارباً في عمقِ التاريخِ والحضارهْ ، سلامٌ عليكم يا زنابقَ التضحيهْ.. يا عناوينَ الفِداءْ ، أنتمُ الأحياءُ والأحياءُ أنتم ، لقد صنعتُم منَ الموتِ أُنموذجاً نفتخِرُ بهْ ، أنتمُ النَّصْرُ والنَّصْرُ لا ترويهِ إلا الدماءْ .
اليومُ.. عرسٌ وطنيٌّ آخَرْ ، عرسٌ في البطولةِ والشَّرَفِ والتَّضحيَهْ ، اليومُ.. يستشهدُ البطلُ " راشد الزيود " دفاعاً عن ترابِ الوطنِ الغالي.. وعن كرامةِ الإنسانِ الأردني وحريتهْ ، فأيُّ كلامٍ بحقِّكَ يقالْ ؟!! حتى الحُروفُ خجِلَةٌ منكْ ، لقد بذلتَ روحَكَ فداءً لوطنِكَ.. فما أكرمَهُ من بذلْ ، لن نبكيكَ وقد وقفتَ وجهاً لِوجهٍ أمامَ خفافيشِ الظلامِ.. فَسَطَّرتَ شَهادَتَكَ على سفوحِ خَيبتِهِمْ ، لقد تعلمنا منكَ الكثيرَ.. فكنَّا تلاميذَ بطولتِكْ ، وكتَبنا عنكَ أقلَّ بكثيرٍ مما تستحقّْ ، اللهُ أكبَرُ يا راشِدُ.. وأنتَ تُحلِّقُ في ربوعِ القِمَمِ، اللهُ أكبرُ.. وأنتَ تزرعُ فينا الأملِ.. وتُجدِّدُ في قلوبنا التَّضحِيَهْ ، كلماتُنا أبتْ أنْ تظَلَّ في الحناجِرِ.. وشائت أن تعانِقَكَ قبلَ أن تُدفَنْ ، وحُروفُنا تتناثَرُ أمامَ جُثمانِكَ المعطَّرِ.. وروحِكَ الطَّاهِرهْ ، لا حَرَمنا اللهُ مِنْ رِجالٍ مِثلَك .
وداعاً أيها البطلْ.. إنَّ القلبَ لَيَحزنْ.. وإنَّ العَينَ لَتدمَعْ.. وإنَّا على فُراقِكَ يا راشِدُ لَمحزونونْ .
رحِمَكَ الله.. وإنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجعونْ.