08-03-2016 11:26 AM
سرايا - سرايا - أصدر الكاتب الأردني وأحد مؤسسي مجلة معازف الإلكترونية المتخصصة بالموسيقى معن أبو طالب مؤخرًا روايته الأولى «كل المعارك» الصادرة عن دار الكتب خان «كل المعارك».
ووقع أبو طالب روايته التي أنتجها محترف نجوى بركات بمنحة من برنامج آفاق في القاهرة، بانتظار أن يتم توقيعها في عمّان، حيث تجري أحداثها.
تتحدث الرواية عن ملاكم حديث العهد قادم من عالم الشركات، مستمدة من مدينة عمان وعناصرها وبنيتها الروائية.
ويرسم أبو طالب هيكلًا روائيا يجذب القارئ، ويستخدم سردًا رشيقًا ممتعًا، وعلى الرغم من بعض النواقص في الرواية وغياب العمق في بعض الشخصيات ونهايتها، إلا أن الرواية تؤسس لمشهد روائي أردني شاب بأدواتٍ معاصرة يُمكن أن يُقال عنها «الكتب الأكثر قراءة».
«الرأي» التقت أبو طالب وتحدثت معه عن روايته الأولى والتقنيات الروائية التي استخدمها.
اخترت لروايتكَ الأولى موضوعًا غير مألوف في عالم الكتابة، فلماذا كانت الملاكمة هي الموضوع الذي ذهبت إليه؟
- منذ بضعة أعوام، عندما بدأت ألاكم، اتضح لي بسرعة أن الملاكمة تتيح الفرصة لبناء قصة غنية ومشوقة. الدراما في حياة الملاكم لها أوجه متعددة داخل الحلبة وخارجها، تتمثل في صراعاته مع نفسه ومع جسمه ومع محيطه وأخيراً، مع خصمه. من خلال بحثي وجدت أيضاً أن للملاكمين في الكثير من الأحيان شخصيات معقدة ومبهرة.
أردت أيضاً موضوعاً يكون فيه تصالح مع العنف والصراع، وليس هروباً إنسانياً منه وتنظيراً أخلاقياً لصالح السلام أو المحبة أو ما شابه. يهمني كثيراً أن لا يكون الطرح والبحث في العنف وأشكاله ذا طبيعة أخلاقية.
هناك أيضاً جماليات الرياضة. هي مختلفة، لكنها توازي في حالات تلك الجماليات في الفن والأدب. الجماليات لا تحكم الرياضة، ولكنها تظهر فيها. في الأدب والفن – بالنسبة لي على الأقل – الجماليات هي الغاية، لكن تظهر أمور أخرى. أردت بحث هذا التوازي. الملاكمة تحديداً رياضة غنية لأن فيها نوعاً خاصاً من جماليات الرياضة، وهي جماليات تتعلق بالعنف. هو أمر يستصعب الكثيرون أن يبحثوا فيه عن الجماليات. أنا أعتقد أن هناك جماليات في كل شيء، وفي أكثر الأمور بشاعة.
أمر آخر هو إعجابي الشديد بأدب جنوب الولايات المتحدة. في هذا الأدب تم التعرض للرياضة كثيراً بنصوص بديعة. يوجد لدي أيضاً نزعة تمردية ضد السائد في الأدب العربي، وهو احتقار الرياضة واعتبارها ملهاة للجهلة وغير المثقفين، ونبذ العنف وكأنه حالة طارئة على فصيلتنا.
- ابتعدت عن السياسة والتاريخ بصورتهما المباشرة؛ وهما الموضوعان المفضلان لدى الروائيين، خصوصًا الشباب، لماذا؟
- كما قلت ، فإن اهتمامي بالأدب جمالي بحت. لا أحاول إثبات نقطة معينة أو الدعوة لخط سياسي معين أو المناداة بحقوق أحد. أنا أبحث عن أجمل عمل يمكن أن أصل إليه. أجد التعرض للسياسة في الفن والأدب مملاً. الصراع مكان غني جداً للأدب، ولكنه مختلف عن السياسة. بحثت كثيراً في التاريخ من أجل الرواية، ولكنني أستخدمه فقط بما يخدم الرواية ويغني الشخصيات.
- روايتك كانت بصوت الراوي العليم (الصوت الثاني)، هل وجدت صعوبة في استخدام الصوت الأول، أم أنك لا تجده مقنعًا؟
- فكرت في هذا الموضوع كثيراً في البداية، كما أنني بدأت الكتابة بالصوتين قبل أن أختار أحدهما. وصلت للنتيجة أن الصوت الثالث هو الأفضل لهذا العمل. كشخص مارس الملاكمة، شعرت أن وصف أحداث النزالات بالصوت الأول سيكون ركيكاً ومحدوداً. أردت التركيز على فنيات حركات الملاكم الدقيقة كالتفاف الكاحل وثني الكوع وشد عضلات المعدة. الملاكم لا يفكر بهذه الأمور في خضم النزال، إلا إذا كان سكراناً. أردت أيضاً التنقل ما بين الملاكم وخصمه ومدربه والخروج إلى أبعاد كمحيطه ومن هم حوله. الصوت الثالث مكنني أيضاً من أن أبطئ وقع النزال وأصفه وصفاً دقيقاً، وهو أمر كنت أعرف أنني أريد فعله في هذه الرواية.
- تبدو شخصية سائد في الرواية بسيطة للوهلة الأولة، لكنها في الحقيقة مركبة، ويبدو هذا واضحًا من الصراع الداخلي، كيف بنيت إطار الشخصية، وعلى ماذا استندت؟
- سائد ابن سلالتَي محاربين (عائلة أبيه و عائلة أمه)، ولكنها سلالات مهزومة في الوقت نفسه. يزيد من تعقيد هذا أن موقع سائد في المجتمع ليس ذلك الذي يعطى للمهزوم عادة، بل على العكس، فهو يتمتع بمكانة تكاد تكون مرموقة. مع ذلك، فإن سائد في قرارة نفسه واع لإرثه من الهزيمة، وهو وعي يحركه. هناك أيضاً صراعه مع عمره الذي يعقّد الأمور كثيراً. فهو اكتشف أنه موهوب جداً في الملاكمة، ولكنه اكتشف ذلك متأخراً. هل يتعامل عن المعطيات التي لديه بواقعية أم يغامر ويسعى وراء ما بقي من موهبته (النادرة حقاً) التي لم تتكشف حتى وقت متأخر جداً لملاكم؟ هو شخص اكتشف أنه لم يعد صغيراً، وهذه لحظة ليست سهلة، خصوصاً لرياضي.
- خاتمة الرواية لم تكن موفقة، وهذا أمرٌ مؤسف، لماذا لم تستطع لملمة روايتك في الخاتمة؟
- لا أوافقك الرأي أن النهاية لم تكن موفقة. أعتقد أنها موفقة ونابعة من تطور الشخصية وصراعاتها. هي ململة بعناية وتحتاج لقراءة متأنية.
- هل هناك جزء ثانٍ يعوض عن هذه النهاية غير المبررة؟
- النهاية مبررة تماماً وتضفي بعداً جديداً للرواية، كما أنها تجيب الأسئلة في صميمها. هي ليست نهاية مفتوحة على الإطلاق. للإجابة عن الشق الأول من السؤال، نعم. هناك تكملة للقصة.
- المشهد الروائي الأردني، خصوصًا الشاب منه، ضعيف نسبيًا، كيف تصف هذا المشهد، وماذا تأمل أن تحقق روايتك؟
- آمل أن تُقرأ الرواية وأن يستمتع بها من يقرؤها. أنا غير مقيم في عمان ولذا لا أعرف الكثير عن المشهد الروائي فيها.