-->

حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 26247

هل "العتب" يبقى على قدر "المحبة"؟

هل "العتب" يبقى على قدر "المحبة"؟

هل "العتب" يبقى على قدر "المحبة"؟

12-03-2016 09:23 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - “عتاب متواصل جعلني أتهرب من صديقتي رغم محبتي لها”.. هكذا بدأت سوزان محمد حديثها، واصفة العتب المتواصل لصديقتها بالأمر “المزعج”.
تقول سوزان، “أحب صديقتي كثيرا لكن عملي ومسؤولياتي المتعددة، جعلت وقتي ليس ملكي، وهي تريد أن أكون متوفرة باللحظة التي تريدها”، مبينة أنها تعاتب على كل كبيرة وصغيرة، وعندما تلتقيان، يكون الحديث الرئيسي عتابا وتبريرا.
برأي سوزان، وإن كان العتب على قدر المحبة، إلا أن تلك المحبة يمكن أن تتلاشى مع الوقت، إن لم يشعر الطرف الثاني بك، لأنه غير مجبر بكل لحظة على تبرير غيابه، ومشاغله، والصديق عليه أن يشعر بصديقه، حتى وإن مرّ وقت طويل ولم يلتقيا.
ولم تتوقع الثلاثينية سمية على طريقة إحدى زميلاتها في العمل، والتي تكن لها محبة كبيرة؛ لأنها “عاتبتها” باسلوب غير لائق مطلقا، حيث تمادت في الصراخ والتعبير عن غضبها لعدة دقائق أمام الآخرين.
تقول سمية، “أمطرتني بكلمات غير مناسبة متناسية وجود أي شخص في المكان، والأدهى أن غضبها وعتابها صدر عن توقعاتها بأنني من تسبب بتوجيه إنذار لها في العمل”.
تؤكد سمية أنها لم تستطع الرد على زميلاتها في العمل حينها، واكتفت بتهدئتها، مضيفة، “اعتذرت هذه الزميلة في اليوم التالي، وأنها كانت تعاتبني ليس أكثر، وهنا تمكنت من الرد عليها بأن العتاب لا يمكن أن يكون بهذه الطريقة”.
يعد العتاب شكلا من أشكال التعبير عن المحبة، وهناك أشخاص يتبعون “اتيكيت” العتاب ويجعلونه سببا للتصافي والتصالح إذا استخدم في الوقت المناسب ومع الشخص المناسب الذي ينبغي أن يتقبله بصدر رحب، لكن هناك أشخاص يفتقرون هذا “الاتيكيت، ويعاتبون بإسلوب قاس حتى وإن كان الشخص الذي أمامهم من أعز الأصدقاء.
يبين استشاري الاجتماع الأسري مفيد سرحان أن التعامل مع الآخرين فن وهذا الفن لا يحسن الجميع التعامل معه، وهو بحاجة إلى خبرة وتعلم، لأن الإنسان بطبعه اجتماعي بمعنى أنه لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن البشر أو الآخرين، وهذا يتطلب أن يحسن التعامل معهم في جميع الظروف ولا بد من توقع الخطأ من الآخرين، وهذا ديدن البشر أنهم يخطئون ولا يوجد إنسان معصوم عن الخطأ والمهم عدم الإصرار على الخطأ بل الاستعداد للتراجع عنه، وبعض الأشخاص كثير العتاب للآخرين، وعلى كل المواقف أو أغلبها مما يسبب ضيقا وحرجا لهم.
ويقال أن “العتاب على قدر المحبة” إلا أن العتاب لا يجوز أن يتجاوز حدا معينا كأن يتحول إلى نوع من التوبيخ، أو أن يتحول إلى تهجم غير مستحب وأحيانا لا يجوز أن يكون العتاب شكليا فيغدو غير فعال لأن التهاون المتكرر مع الصديق يدفعه إلى التمادي.
يقول سرحان “العتاب مطلوب وهو تعبير عن الشعور بالمحبة تجاه الاخر والرغبة في التجاوز والصفح وهذه النية قيمة تتطلب اسلوبا مناسبا حتى تحقق الهدف منها، ومن أهم الوسائل التي تساعد في ذلك اختيار الوقت المناسب للعتاب وكذلك المكان المناسب والذي غالبا ما لا يكون أمام الآخرين بل يجب أن يكون بينك وبين الاخر، وكذلك اختيار المدخل المناسب وعدم الحدة في الكلام واللطف مع الآخر وعدم اللجوء إلى التجريح والشتائم وتصيد الأخطاء والهفوات واشعار الشخص الاخر بأن الأمر انتهى بمجرد المعاتبة وأنه لا يوجد في صدره ضغينة أو حقد على هذا الشخص”.
يضيف، وبقدر ما يكون الإنسان أكثر تسامحا وتجاوزا عن أخطاء الآخرين بقدر ما يكون أكثر قبولا لديهم، كما أن المعاتبة يمكن أن تكون بالإيماء بدون التصريح وذلك من خلال نظرة معينة، أو حركة الجسد أو تعبير غير مباشر، ولنكن دائما حريصين على عدم جرح مشاعر الآخرين.
مهند راضي/ طالب جامعي يبدي إعجابه الشديد بسلوكيات زميله الإيجابية في تعامله مع الآخرين منها (العتاب) بقوله، “يتحلى زميلي بلباقة عالية في الحوار، وعندما تواجهنا مواقف نغضب على إثرها، مثل خوض الانتخابات أو غيرها يستخدم زميلي اسلوبا رائعا في العتاب يكسب من خلاله احترام الآخرين وأحيانا إحراجهم”.
يضيف، “صراحة أتمنى أن أصبح مثله، وأسعى في هذا الأمر، وأعتقد أن الأشخاص الذين يتحلون بصفات زميلنا هذا اعتادوا عليها في الصغر”.
وبحكم خبرة الخمسيني أبو مصطفى فيؤكد أنه واجه ويواجه في حياته العديد من الأشخاص الذين يفتقرون لاتيكيت العتاب، بينما قلة يجيدون حسن التصرف لدى مواجهتهم مواقف سيئة من قبل الاخرين.
يقول أبو مصطفى ضاحكا، “لدي جار لا يمل ولا يكل من العتاب، فحتى على ابسط الأمور، وأحيانا يبالغ في عتابه جراء مشكلة ما تواجهه مع أحد الجيران، فلا بد من الصراخ والتطاول بالكلمات مما يزعج جميع سكان العمارة بل الحي الذي نقطن فيه”.
الاستشاري التربوي والنفسي د. أحمد سريوي يقول، “هنالك أشخاص نتجنبهم أحياناً لكثرة عتابهم، لأنهم لا يعجبهم أي حال، ويتوقفون عند كل صغيرة وكبيرة، مما يسبب جفاء بأي علاقة هم جزء منها.
ويضيف يجب أن تكون “المعاتبة” مصحوبة بالنقاش بهدوء، وانتقاء الملافظ، دون جرح الآخرين بالكلام، وأن يكون الاسلوب لطيفاً، دون فرض النفس على الآخرين.

(الغد)








طباعة
  • المشاهدات: 26247

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم