14-03-2016 03:29 PM
بقلم : د عودة ابو درويش
العرض العسكري الكبير الذي اقيم في نهاية التمرين الكبير , رعد الشمال , في منطقة حفر الباطن بالمملكة العربية السعودية , والتي كان لقيادتها الفضل في اقامته ونجاحه , و عرضت فيه بعض القوّات المشاركة من عشرين دولة اسلامية , اتاح لي الفرصة وانا اشعر بفخر , مثلما كان يشعر كثيرين , أن أتعرّف على القدرات المهولة للدول الاسلامية , كما لو انّها تجمّعت في اتحّاد لقواها الجوية والارضية والبحرية , والاعداد الكبيرة للجنود المدربّين على احدث الاسلحة , المشاركين في العمليات بقدر كبير من الجاهزية القتالية , في تمرين يعدّ من اكبر التمارين التي نفّذت في المنطقة , وهدفه الذي تحقق كان تعزيز وحدة الصف بين الاشقّاء في الدول الاسلامية لمواجهة التهديدات والتحديّات التي تواجه الامّة منذ عقود كثيرة , وكان مما يميّز هذا التمرين أنّ القيادة كانت موحدّة مشتركة , تخطط وتنفّذ لجميع القوّات المشاركة والتي تعاونت معها لتنفيذ التمرين بدقّة واقتدار .
ما لفت نظري في العرض بالإضافة الى التنظيم الرائع , والحضور المهيب لقادة الدول , والقدرات العسكرية الهائلة للدول المشاركة , هو الطائرة جاي إف-17 , التي هي ثمرة تعاون باكستاني صيني , نتج عنه انتاج هذه الطائرة بعد أن أوقعت الولايات المتحدّة الامريكية عقوبات اقتصادية على دولة باكستان الاسلامية في نهاية العقد الثامن من القرن الماضي , بسبب البرنامج النووي الباكستاني , مما حدا بحكومتها في بداية القرن الواحد والعشرين , التوجّه الى الصين الشعبية , التي أوقعت ايضا امريكا عليها عقوبات اقتصادية بسبب احداث ميدان ( تيانانمن ), لإنتاج هذه الطائرة المقاتلة , التي تسمّى بالصينية , التنين الشرس , ودخلت الخدمة في القوات الباكستانية عام 2007 , ومن مواصفاتها انّها تستطيع حمل واطلاق صواريخ من صناعة الصين والباكستان والبرازيل وجنوب افريقيا , ولا تستطيع ذلك طائرات اخرى بنفس مواصفاتها وثمنها .
يعني ذلك , أن الدول الاسلامية والتي يتوّفر فيها العلم والمعرفة في كثير منها , ويتوفّر المال في دول اخرى , ولا بدّ أن العزيمة متوّفرة عند معظمها , عليها التعاون مع بعض الدول الصناعية المتطوّرة , مثل الصين واليابان وروسيا الاتحادية وغيرها , لإنتاج معدّات عسكرية , تكون ثمرة تعاون مشترك بينها وبين هذه الدول على اساس من الاتفاقيات التي تعطي دولنا الاسلامية المقدرة على تصنيع هذه المعدّات واستخدامها في الدفاع وفي الهجوم , بدون أن شروط مسبقة عند استعمالها كسلاح , وعدم تدخّل في حريّة اختيار الزمان والمكان , ولا تفرض عقوبات على ذلك .
أليس من حقّنا أن نحلم , أن تمرين رعد الشمال القادم أو الذي يليه , سيكون فيه عدد كبير من المقاتلات والمروحيّات والدبّابات والسفن الحربية , من انتاج اسلامي مشترك مع دول أخرى , يهمّها التعاون ولا يعنيها ايقاع عقوبات على الدول الاسلاميّة , فهزيم الرعد مع أنّه مخيف ولكن فيه خير كثير .