03-11-2010 05:24 AM
جزء أصيل من العمل الفني الباحث ليس رجلا جالسا خلف مكتبه يقرأ ويكتب ، الباحث جزء لا يتجزأ من منظومة العمل الفني، لأن على عاتقه تقع مسؤولية كبيرة ،تبدا من عنصري الزمان والمكان ولا تنتهي بالتفاصيل الصغيرة التي تثري العمل الفني، وتكسبه ثقة وصدقية عند المشاهد . لذلك يفترض من الباحث عند قراءة المسلسل من الناحية الدرامية ،الالتزام بالحقيقة التاريخية من أجل بناء درامي محكم ، على الاقل لم يكن متوافرا في المسلسل غاية العرض . لأن المسلسل التاريخي هو بناء فني يتكأ على التاريخ في بنائه ، ويتناول موضوعا أو حدثا مهما أو شخصية بارزة أو ظاهرة تاريخية، ليتشابك التاريخ والدراما لإنتاج مسلسل لا يغير من حقائق التاريخ ويشوهها.
البعض يقول إن بناء وانتاج المسلسل الدرامي يختلف عن انتاج مسلسل أو فيلم وثائقي ،من ناحية الدقة في الصدق والموضوعية، تحت ذريعة أنه عمل درامي وليس عملا توثيقيا ، ولكنهم نسوا أن العمل الجيد يبقى جيدا مهما كانت التسميات التي يندرج من خلالها ، لذلك يجب أن لا نضيع في التقاصيل الضيقة، ويبقى التركيز على المفاصل التاريخية في المسلسل، ليبقى بناؤه صادقا مقبولا عند الجمهور . من أجل ذلك، وحتى لا يصاب المشاهد بالملل وهو يشاهد عملا تاريخيا مغرقا في تفاصيل مميتة، يفضل من الكاتب اضفاء جو من الحيوية على النص التاريخي، من أجل خلق متعة درامية تجذب المشاهد الى كل الاحداث في المسلسل ، وذلك من خلال خلق شخصيات خيالية أو وهمية أو غير موجودة من اجل توظيفها دراميا بشكل رئيس بين حلقة واخرى، لتعطي المسلسل نكهة جيدة وتبعد المشاهد عن الروتين السردي للحدث.
وقد لاحظنا الكثير من الاخطاء التي يقع فيها بعض المخرجين في تصوير الحياة التاريخية ، من حيث الملابس والسلاح والمنازل ومجالس الشراب والاجتماعات، بل وفي العادات والتقاليد وضبط اللهجات، التي كانت تختلف من قبيلة الى أخرى ومن منطقة الى أخرى . فعلى سبيل المثال، شاهدنا في بعض المسلسلات التاريخية مجالس شراب وخمر تكاد تكون أقرب إلى الملاهي الليلية الموجوده في شوارعنا ، عدا عن البعد التاريخي في تصوير الراقصات والرقصات وملابسهن، أو ما يقدم من طعام أو فاكهة في تلك الجلسات، لأن المشاهد يعتقد أن اولئك الاشخاص يجلسون في فنادق تقدم خدمات عشر نجوم . واختيار المكان كان من ضروريات الباحث التاريخي، بأن يبحث فيه بشكل ورقي ثم معاينة حسية له على الموقع وعلى الطبيعة، لأنه مرتبط ارتباطا وثيقا بكل ما سبق ، فلا يعقل ان نصور الخليفة او الامير أو السلطان وهو يلبس ملابس شتوية في الصحراء دون وسائل تكييف مهما كانت .وقد تجلى هذا الفشل واضحا في تصوير حياة أهل مكة أو قبيلة قريش قبل الإسلام ، وطرز بيوتهم وحاناتهم إضافة إلى الملابس والأسلحة.
وفي نهاية الامر، فإن ما ينطبق على العمل التاريخي ينطبق على على باقي الاعمال، مهما كانت صفتها الزمنية ، لأنه إذا كان الشيطان يكمن في التفاصيل، فإن بناء أي عمل فني مميز يكمن في التفاصيل الدقيقة، التي تغيب تحت زحمة العمل عن باقي أعضاء الفريق .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-11-2010 05:24 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |