23-03-2016 10:17 AM
سرايا - سرايا - احتفل في منتدى عبد الحميد شومان اول امس الاثنين باشهار رواية (بيبرس اول السلاطين الشراكسة) للكاتب والمخرج السينمائي العالمي الأردني د.محيي الدين قندور.
واوضح مترجم الرواية الأديب محمد أزوقة في الحفل ان ترجمت رواية تاريخية عن شخصية مثل الظاهر بيبرس هو امر صعب وشاق كونها تشكل جدلا وخلافا بين المؤرخين عربا وأجانبا على حد سواء حول أصول هذا القائد المسلم.
واشار ازوقة الى ان الصورة التي رسمها قندور عن طفولة بيبرس ممتعة ومقنعة الى درجة انني اصبحت على قناعة تامة بأصول السلطان بيبرس الشركسية، لافتا الى ان الرواية زاخرة بالتفاصيل الواقعية عن القرية التي يفترض أن بيبرس قد خرج منها وكذلك عملية تسميته بهذا الاسم غير الشركسي والذي أصبح بعده شائعاً بين الشراكسة في القفقاس ودول الشتات.
وبين إن الرحلة على ظهر سفينة القراصنة حقيقية الى درجة مبهرة وتضعنا في أجواء مفعمة بالخوف والترقب وتتنازعنا المشاعر بين الإشفاق على الأطفال الأسرى والعداء للطاقم والقبطان وتجار العبيد، ثم تجيء مرحلة التدريب في المدرسة العسكرية وهذه رحلة أخرى مليئة بتفاصيل مذهلة عن نمط حربي لم يعد قائماً منذ زمن بعيد ولا يربطه بحاضرنا إلا الإنضباطية والحزم اللذين سيطرا على اجواء المدرسة.
ورأى ازوقة أن الرواية تتحدث عن طفولة بيبرس وبواكير شبابه لكن الأحداث التي تدور بينه وبين كاتب سيرته – عبد – تفتح نافذة واسعة على شخصية الرجل وتجاربه ومشاعره الشخصية والتي يستحيل أن يفصح عنها إلا في ساعات صفائه الذهني التام وثقته العميقة بكاتب سيرته في نقل الإنطباع الصحيح عن شخصيته وانجازاته ، ودفاعه عما أشيع حول قسوة الرجل والتي لم تزد عما كان شائعاً من تصرفات في الحروب آنذاك.
وزاد تخبرنا هذه الأحاديث الكثير عن شجاعة الفتى الذي بيع في سوق النخاسة لكنه صمم على الإرتقاء في الحياة واستطاع بدهائه وحسن تصرفه أن يصبح واحداً من أفضل السلاطين الذين عرفتهم تلك الحقبة.
واعتبر ان تلك الظروف تساعد في فهم المرحلة التالية من حياة بيبرس والتي كان ابرزها في بداية صعود نجمه الفوز المدوِّي في معركة المنصورة عام 1249 والتي كادت أن تتحول الى هزيمة بعد مقتل قائد الجيش «فخر الدين بن الشيخ» حيث قاد الهجوم المعاكس ضد الفرنجة وأسر فيها الملك الفرنسي لويس التاسع، ثم انتصاره على المغول عام 1260 في معركة عين جالوت التي مارس فيها عبقرية عسكرية فذة حين تظاهر – وهو يقود مقدمة فرسان الجيش – بالانسحاب وسحب المغول الى كمين ، حيث حوصروا وقتل معظمهم.
وقال ازوقة خاض بيبرس عشرات المعارك حتى عام 1277 الذي توفي فيه ولعل من أهم انتصاراته استرداد إمارة انطاكية حيث تتحدث كتب التاريخ باسهاب عن شجاعة بيبرس ودهائه وقوته البدنية. لكن الجانب الذي أحب ان أشير اليه في هذه العجالة هو الجانب الانساني في شخصيته فقد منع تداول الحشيشة في مصر وفي احدى سنوات المجاعة أمر بالإفراج عن احتياطي حنطة الحكومة وباع محتوياتها الى الفقراء بكميات صغيرة وأسعار محددة. كذلك أمر كبار المسؤولين والأمراء باطعام أعداد من الفقراء ، كما فرض على الوزير أن يدعم كل المعاقين بصرياً ، وكان هو نفسه يطعم آلاف الفقراء يومياً.
وخلص الى ان كل ما تقدم ، يفرض على المهتمين بدراسة التاريخ ، أن نشجع على الاستزادة من البحث في سيرة هذا السلطان المتميز، خدمة للحقيقة واعترافاً بفضله في تغيير مجرى التاريخ في بلادنا.
وقال د. محمد القضاة في حفل الاشهار الذي اداره صفوان البخاري ان رواية محي الدين قندور (بيبرس أول السلاطين الشراكسة )، تقع في ستة عشر فصلا وفي 376 صفحة من القطع المتوسط، وقد صدرت الطبعة الأولى من هذه الرواية عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر هذا العام.
واضاف تسلط هذه الرواية الضوء على جوانب مهمة من حياة الظاهر بيبرس حيث تتعمق في تفاصيل الحياة الشخصية للظاهر بيبرس، والبيئة التي ولد فيها وتسميته وعمل والده الحداد في إشارة إلى أن مساعدة بيبرس لوالده في أعمال الحدادة كان لها الأثر الأكبر في براعته التي ظهرت لاحقاً في المنازلات.
ورأى القضاة لقد قدم إلينا محي الدين قندور الظاهر بيبرس في قالب درامي جديد حيث أنه قد اخترق القلوب بقصة فتى تم أسره ومن ثم بيعه في سوق العبيد، انها رواية تعج بالصور الأليمة والمفارقات الغريبة في حياة الصبي ذي الاثنتي عشرة سنة، ويكون السرد على لسان الراوي محي الدين بن عبد الظاهر والذي يروي لنا كيف أن الظاهر بيبرس قد أفرغ كل مكنونات قلبه لكاتبه، وبعض من الكلام كان يبوح به للمرة الأولى.
واشار الى ان الرواية تحمل تفاصيلها الصغيرة و المؤلمة عبر صفحات وصفحات من حياة البطل الظاهر بيبرس، ونسافر معه على ظهر السفينة التي حملته كواحد من العبيد ليتم بيعه فيما بعد إلى أحد الأشخاص إيدكين الذي اولاه عناية خاصة لما لمس فيه من بوادر الشجاعة والذكاء والفطنة، وما هي إلا فترة وجيزة حتى اثبت الظاهر بيبرس نفسه في ساحات التدريب، لافتا الى ان التفاصيل المؤلمة التي مرت بنا خلال صفحات هذه الرواية كانت قد ابتدأت حين اختطفت الروس بيبرس ودانة صديقة طفولته والتي ذكر الراوي ان بيبرس ورغم الكثير من المحاولات لم يجد لها أثر بعد ذلك، وكيف أشار الراوي إلى أنها كانت المرة الأخيرة التي يرى فيها بيبرس دانة، وأنه ما فتأ يبحث عنها، غير أنه لم يعثر عليها، وبقيت دانة صرخة مدوية في قلب بيبرس.
واوضح القضاة أن الكاتب أظهر براعة متناهية في دمج المكون التاريخي بالمكون الفني، فجاء التاريخ ممزوجاً بنكهة الأدب فما عاد عصيا على الفهم. ومن المعروف أن كتابة الرواية التاريخية ليست شأناً سهلاً، حيث أن يتوجب على الكاتب أن يتوخى الدقة والحذر في سرد الأحداث التاريخية، وفي توظيف أسماء الشخصيات وأصولهم، حيث أن أي هنات مثل هذه ستكون بالطبع قادرة على تقويض أي عمل تاريخي.
واشاد ببراعة الكاتب في رسم كل شخصية من شخصياته بكامل تفاصيلها النفسية والاجتماعية حتى بات القاريء يشعرُ بأن هذه الشخصيات انما هي شخصيات حقيقية بيننا، واننا نهتم بكل تفاصيلها الصغيرة قبل الكبيرة.
ومن هذه الأبعاد التي تجسدت في الرواية البعد الاجتماعي الذي يبين انتماء الشخصية إلى طبقة اجتماعية كانت تعيش على مهنة الحدادة، وهذا البعد انعكس في هيئة الشخصية الرئيسة(شخصية بيبرس) وحركاتها ولغتها وسلوكها وطموحها ولونها وزيها وملامحها ونفسيتها، في حيث جاءت الشخصيات الثانوية ثابتة ومستقرة.
وحول لغة الرواية راى القضاة أنها بدت للوهلة الأولى صعبة، وتذكرنا أحياناً بالروايات المترجمة، وما أن تدخل عالم الرواية حتى تشعر أن النسيج اللغوي للرواية مرصّعُ بألفاظ شركسية مشعة لها علاقة ببطل الرواية، فضلا عن كثير من الالفاظ التي تخدم أغراض الرواية، مما يوحي بواقعية اللغة التي يوظفها لتصوير العالم الروائي بأحداثه وشخصياته وزمانه ومكانه، ولذلك يجد القارئ أن الرواية قد مالت إلى التقريرية والمباشرة.