24-03-2016 10:25 AM
سرايا - سرايا - بدأ الشعر بامرئ القيس ولم ينته بمحمد القيسي، هكذا افتتح الكاتب المسرحي حسن ناجي، حفل انطلاق فعاليات مهرجان الشعر مساء أول من أمس، الذي ينظمه فرع رابطة الكتاب الأردنيين بإربد، ويستمر لثلاثة أيام، احتفاء بيوم الشعر العالمي، إلى جانب احتفائه بثلاثة من أعضائه الراحلين، وهم الشعراء: إدوار حداد، إبراهيم الخطيب، وسهيل السيد أحمد.
وأضاف في الحفل الذي أدار يومه الأول الشاعر عبد الرحيم جداية، وخُصص للاحتفاء بالشاعر الراحل حداد: أعرف الشعر إذا قرأته أو سمعته، لكنني لا أستطيع وصفه أو تعريفه، فهو عطر الروح، ومن منا يستطيع وصف العطر.
وقال ناجي في كلمته التي ألقاها وسط حضور جماهيري لافت: لا يضايقني شباب يقولون عن أنفسهم شعراء، وما هُم بشعراء، بل يضايقني أن لا نحتفي بالشعراء الشعراء، وختم كلمته بقوله: يسرني أن نقول للشعراء في يومهم كل عام وأنتم وشعركم بخير.
الشاعر جداية الذي أدار حفل الافتتاح قدم بين يديّ الأمسية الأولى، والتي حضر فيها من المشاركين الشاعر أنور الأسمر، والشاعر محمد حيفاوي، وغاب عنها شاعران لظروف طارئة، قدّم بين يديها ملحوظات نقدية حول الشعر وقصائد وتجربة الشاعرين المشاركين، منوهاً بما يمتاز به كلّ منهما، من الخيال والإيقاع الصافي، والرؤية الثاقبة في التجانس التركيبي.
استهل القراءات الشعرية الشاعر الأسمر الذي قرأ باقة من قصائده الجديدة والقديمة، مختارات تواصل معها لتقديم صورة واضحة عن تجربته التي ارتكزت على خمسة دواوين شعرية هي: رحلة حرجة، وأنا مثلك مطفأ، مرثاة الغريب، وأنت إذ تكتب على الريح، أبابيل الغياب»، حيث بدأ بنشيده الحزين إلى أمّه والذي أسرّ في مفرداته جملة ما يعانيه بهذا الفقد، فكانت قصيدة « ما أجملها نائمة»، تبعها بقصيدة:» أرسلت كلماتي نيابة عني»، و « لا تمسح دمعتك في غير موعدها»، و» بكى نصف الكلام» التي ذهب فيها لاستنهاض الشاعر الذي بكى قبل الأوان، والجسد الذي خسر الرهان عن العواطف، والقصيدة الخضراء الوردية، والشاعر الذي يسكن الحنين.
ومن قصيدته « ما أجملها نائمة» نأخذ المقطع الآتي:» للأرض نافذتان، نافذة تُطّل على نفسها في عيون أمي، ونافذة مفتوحة للشمس من وجه أمي، وحين تتشمس الأرض في عشبها، تركض إلى نهر من هديل تربّى على كف أمي، وللأرض أيضاً منذ انشطرت دمعة أمي دورتان، دورة حول شمس تقفز من صدرها كطفل يضحك باتجاه السماء، ودورة حول شمس تنام في غرفة زجاجية، من خداج الرحيل إلى الأخرة، هنا حيث أكملت هديلها وترقد العاطف، ما أجمل أمي ما أجملها نائمة».
وتابع الأسمر مفرداته الشعرية بالانتقال إلى الأنثى التي يخاف منها عليها، من إغراء أنوثتها، إلى جانب التحريض على الوردة ونسيان صاحبها، والخوف من الطفلة التي تربّيها، كما قرأ:» عبرت الليل وحدي»، والتي عاين فيها مدار العاقل، ومناخ الحكمة، وأعماق البحر الذي يعيد تأمّله ذات صدى.
وفي قصيدته « لم أر مطراً» يقول:» طِلُّ من الشباك كي أرى مطراً، رأيتُ (بيكاسو) يكسرُ لون (مأساته)، ليعيد رسم الموتِ في لونين، رأيتُ (قابيل) محصناً بشهوته للخلود، ليعيدَ قتل أخيه الوحيد، رأيتُ الغراب بين سرابين يُفتَتِّشُ عن غيمة، ليجبر جناحه المكسور، رأيتُ الأنبياء يُفَتِّشون عن تعاليم السماء، بين أتباعهم والركام، رأيتُ الحلم، يرجف من البرد في حلقِ الظلام، رأيتُ لغةَ حمراء ، تسيل من أجنحة الحمام، رأيتُ الفراشة تحمل دمعةً، لِتُسَوِّرَ ظليَّ المُتعب، رأيتُ لؤلؤةً تبكي في عين ثعلب
من جهته قرأ الشاعر حيفاوي صاحب ديوان « ابتسامة بين الدموع»، قصيدتين، حفلت الأولى بالاتجاه الروحاني، مستظهرا الرقي في المشاعر واللجوء إلى الله الخالق، عبر مفردات حاكت الجرح والحب وشلال النور، تلاها بقصيدة:» هذي حياتي»، اتجهت إلى الحقول الإنسانية، من خلال مشروعه أو مشروع الإنسان الذي يحمل همه، فاردا رؤيته باتجاه أن يكون لعين الضرير ضياء، ومتسائلا عن قيمة الإنسان بدون فضائل، وبدون أن يترك بصمة خاصة على وجه هذه البسيطة.
ومن قصيدته:» اللهم رضاك»، نأخذ المقطع الآتي: « قالوا سقمت بحب الله قلت لهم، ما أجمل الحب والتسهيد والسقما، إن كنت ذا همم فالدرب سالكة، فاذهب لتغنم ما تهوى كمن غنما، وادع الإله بروح كم يطيب لها، ذكر الإله وعطّرْ خافقا وفما، هذي سفينة حبّ أنت قائدها، لا الموج يرهبها إن ثار واحتدما».
فعالية اليوم الخميس/ يوم الشاعر سهيل السيد أحمد: قراءات شعرية يرعاها الشاعر د. محمود الشلبي، ويدير مفرداتها المؤرخ محمود عبيدات، ويشارك فيها الشعراء: غسان تهتموني، أكرم الزعبي، أمين الربيع، ومحمد حيفاوي.