26-03-2016 02:07 PM
بقلم : د. زيد محمد النوايسة
حل المفكر العربي الدكتور محمد المسفر أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر ورئيس تحرير جريدة الراية القطرية سابقاً، ضيفاً على بيت الكرك مساء الخميس 17/3/2016 بمناسبة زيارته للأردن ومشاركته في مؤتمر حول اللاجئين عقد في عمان الأسبوع الماضي؛ والدكتور المسفر الذي يحمل رصيداً كبيراً من المحبة والتقدير والاحترام لدى الأردنيين رسمياً وشعبياً لمجمل مواقفه من الأردن ودعوته الدائمة للوقوف معه تجلى بوضوح بحجم الثناء والتقدير والاحترام الذي بدأ واضحاً من الحضور والذي مثل ثلة من النخب السياسية والثقافية والمهتمين ؛ اللقاء كان عبارة عن جلسة حوارية مفتوحه قدم لها المحامي راتب النوايسة بمقدمة وجدانية عن حال الامة والانتكاسة والفوضى التي يعيشها العالم العربي تلتها كلمة ترحيبية من رئيس ديوان الكرك الأستاذ زياد الشمايلة رحب فيها بالضيف وأشاد بمساهماته الفكرية وتحدث عن سعادة القائمين على البيت باستضافة مفكر عروبي في الأردن وعاصمته عمان وفي بيت الكرك التي تعتبر العروبة خيارها وعنوانها.
يقول الدكتور محمد المسفر إنه من أشد المؤمنين بأن على دول مجلس التعاون استقطاب الأردن إلى جانبها فالأردن، إن وعد أوفى بوعده، وإن قاتل دفاعاً عن الخليج أخلص وقدّم الضحايا وتاريخه مشهود، والامثلة على ذلك كثيرة، والأردن كما يرى إذا صادق أخلص في صداقته، فلماذا يترك الأردن يصارع أزمته وحيداً؟ والأردن في حاجة إلى الدعم المالي لتعزيز صموده كحائط صد ودعم لدول الخليج العربي من الإرهاب والمخدرات، لذلك يرى أن على القيادات في الخليج الحث على الاستثمار في الأردن ودعمه في كل المجالات وتحديدا في الجانب المالي لأن الأردن اليوم يدفع أكلاف كبيرة في موضوع استيعاب موجات اللجوء السوري.
تحدث الدكتور المسفر عن الحالة التي وصلت اليها الأمة بمجمل أقطارها ويرى ان المناهج لعبت دوراً سلبياً وتحديداً بعد حرب حزيران 1967 في التأسيس لتعليم يساهم في خلق حالة قطع مع المجتمع وجذوره وتاريخه وساهم الاعتماد على المدارس الأجنبية في ظهور جيل منسلخ عن الثقافة العربية الإسلامية المعتدلة، ويرى أن تياراً اسلامياً إقصائياً لا يحمل روح الإسلام الحقيقة تعزز بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 مما أسس لردة فعلا مذهبية وطائفية يحمل إيران المسؤولية الكاملة عنها، لكنه يعتقد أن دول الخليج بمعظم أقطارها بدأت تتخذ إجراءات مهمة في تطوير التعليم وتحريره .
في الشأن الإقليمي؛ يرى الدكتور المسفر أن المملكة العربية السعودية تدخلت في الوقت المناسب في الموضوع اليمني، ويعتقد انها لو تأخرت أشهراً قليلة في السكوت على تحالف الحوثيين والرئيس اليمني السابق لكانت دفعت ثمناً باهظاً من أمنها القومي وان إيران تتسرب الى المنطقة الشرقية.
الدكتور المسفر مؤيد وبشدة لعاصفة "الحزم" والتي يرى أن هدفها تحرير اليمن من قبضة الطائفية البغيضة التي اعتدت على العاصمة صنعاء واحتلتها بقوة السلاح واعتقلت السلطة السياسية بدءاً برئيس الجمهورية وانتهاء باعتقال كافة أعضاء الحكومة وتمددت هذه الطائفية المعتدية إلى كل محافظات اليمن بعون وتواطؤ جيش علي عبد الله صالح، وما كان على دول مجلس التعاون إلا أن تتخذ كافة التدابير لعودة السلطة الشرعية وإجبار البغاة على الانسحاب من كل المدن والمحافظات التي احتلتها إلى جانب التصدي للنفوذ الإيراني الذي درب وسِلح ومول الفرقة الحوثية في اليمن الموالية لإيران.
في العلاقات العربية الإيرانية يرى الدكتور المسفر أنه أذا أرادت إيران أن تطبع علاقتها بجوارها العربي فلا بد من الإقدام على خطوات عملية منها القبول بالتحكيم الدولي بينها وبين دولة الإمارات بشأن الجزر الإماراتية المحتلة، وسحب جميع مليشياتها من العراق وسوريا والكف عن تمويل وتدريب المليشيات الطائفية، ورفع يدها عن حماية الأحزاب الطائفية في العراق، رفع يدها عن اليمن وما يجري على صعيده وترك اليمنيين يختاروا مستقبلهم بعيدا عن الطائفية، والامتناع التام عن التدخل في الشأن البحريني بأي صورة كانت، والانسحاب من سورية وترك الشعب السوري يحدد مصيره، الامتناع عن التحريض والتشويه للنظام السياسي في المملكة العربية السعودية، ويرى ان العرب يريدون علاقات جوار مع إيران وغيرها من الدول المجاورة مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
يعتقد الدكتور محمد المسفر أن هناك تقاطع مصالح بين مشروعين توسعيين في المنطقة هما المشروع الإسرائيلي والمشروع الإيراني (هنا يغفل الحديث عن المشروع التركي) وانهما في المحصلة يكملان بعضهما البعض بل إنه يذهب في مكان ما إلى اعتبار المشروع الإيراني أخطر ما يواجه الإمة في هذه المرحلة التاريخية الفارقة لأنه وحسب رأيه يسعى إلى تفتيت الإمة مذهبياً وطائفياً.
الدكتور محمد المسفر قلق على مصر وعلى دورها الذي يعتقد انه تراجع من دور المؤثر إلى المتأثر، وهو لا يحمل وداً كبير لتجربة حكم الرئيس السيسي وربما هنا هو منسجم ويتماهى مع الموقف القطري الرسمي الى حد كبير وربما يفترق مع الموقف الخليجي بشكل عام ويبدو ذلك أيضاً ولو بصورة غير مباشرة في الرهان على دور لتنظيم الاخوان المسلمين في قيادة العمل الإسلامي المستنير.
ختاماً، تتفق أو تختلف مع رؤية ورأي المفكر الكبير إلا أن هذا لا يقلل من أهمية الحوار الذي جرى، الدكتور المسفر والذي قدم تصوره ودخل في حوار مهم مع الحضور اتفق وتقاطع واختلف مع بعض ما طرح، ولكن الواضح أن النتائج التي وصل إليها الربيع العربي تركت اثراً واضحاً على موقف المحاضر والمتحاورين معه فلم نجد أحداً يحمل غياب الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة في العالم العربي أدنى مسؤولية في المآلات المأساوية والبائسة التي وصل إليها حال الأمة المسكونة بالدم والفوضى والقلق على المستقبل والمصير؛ لا سيما في ظل غياب مشروع عربي جامع وواضح الأهداف، تقابله مشاريع إقليمية مكتملة الأركان واضحة الرؤيا والأهداف سواء المشروع الصهيوني الإسرائيلي الذي استطاع أن يعزز من فرص بقائه وجاء الربيع العربي ليحيلها لقطر عربي شقيق مع الأسف أو المشروع الإيراني الذي تتعزز فرصه نجاحه وخصوصا بعد خروج إيران من عزلتها العالمية ورفع الحصار عنها وتوافد العالم عليها والمشروع التركي القديم الجديد الذي يسعى لتثبيت أقدامه في المنطقة بوصفه حاملاً للإسلام الحضاري أمام الغرب وحامياً للإسلام السني معززاً بدعم التيار الإخواني في العالم العربي.